الشركات الهندية تسعى إلى تأسيس إمبراطوريات اقتصادية عالمية
لم تعد حدود السوق الهندية هي أقصى ما تتمناه الشركات الهندية الكبرى التي بدأت تتطلع إلى ما وراء هذه الحدود بحثا عن مكان لها بين الإمبراطوريات الاقتصادية العالمية.
وتنطلق طموحات هذه الشركات من عدة حقائق منها النمو الهائل للاقتصاد الهندي الذي أصبح أحد أسرع اقتصاديات العالم نموا واشتداد المنافسة في السوق المحلية في الهند.
وكشفت المشاركة الهندية الواسعة في معرض هانوفر التجاري في ألمانيا، وهو أكبر معرض صناعي تكنولوجي في العالم، طموح الشركات الهندية في تأسيس إمبراطوريات اقتصادية عالمية.
وتحولت الشركات الهندية خلال سنوات قليلة عندما بدأت مسيرة الإصلاح الاقتصادي من مجرد شركات محلية لا يشعر بها أحد ولا تحقق أرباحا يمكن أن يتوقف أحد عندها إلى كيانات اقتصادية ضخمة تحقق نموا في أرباحها وإجمالي حجم أعمالها بمعدل يتجاوز الـ 10 في المائة سنويا.
ليس هذا فحسب بل إن نجاح الشركات الهندية الكبيرة وتراكم أرباحها وفرا لها سيولة نقدية كبيرة، فانطلقت إلى الأسواق العالمية بهدف استثمار هذه السيولة سواء في إقامة فروع تابعة لها أو الاستحواذ على شركات أجنبية قائمة.
يقول موهان مورتي كبير ممثلي شركة ريليانس إنداستريز الهندية العملاقة في أوروبا "نحن لا نريد أن نحصر أنفسنا في الهند". وأصبحت هذه الشركة بالفعل خلال أقل من 51 عاما أكبر شركة خاصة بالهند وكذلك أكبر مصدر هناك.
وأضاف مورتي، الذي كان يتحدث خلال معرض هانوفر الذي عقد الأسبوع الماضي، أننا نريد استكشاف الدول الأخرى وإقامة مراكز إنتاج، حيث يوجد عملاؤنا. ونحن نتطلع إلى أوروبا وآسيا، إضافة إلى شرقي أوروبا ووسطها .
وبالطبع فرهان الشركات الهندية لا يقتصر على فرص النمو في الخارج وإنما أيضا هناك فرص هائلة في السوق الداخلية ممثلة في مشاريع البنية الأساسية التي تعتزم الحكومة الهندية تنفيذها بمليارات الدولارات لمواكبة النمو السريع في الاقتصاد الهندي.
يقول أتول سوبتي مدير المشاريع الدولية في شركة بهارات هيفي إلكتريكلز، أكبر شركة للمشاريع الهندسية ومعدات محطات الكهرباء في الهند، إن الشركة قادرة على تلبية احتياجات الهند وغيرها من دول العالم.
ولعل محاولات "ميتال ستيل" الهندية أكبر منتج للصلب للاستحواذ على نافستها "أرسيلور" ومقرها لوكسمبورج أفضل نموذج على الطموحات العالمية التي تستحوذ على الشركات الهندية.
وقال لاكشمي ميتال الملياردير الهندي مالك شركة ميتال، التي يوجد مقرها في مدينة روتردام الهولندية نتوقع الحصول على موافقة السلطات المعنية على الصفقة خلال أسبوعين. وبعد ذلك سنتيح فرصة أمام المساهمين لمدة 35 يوما لاتخاذ قرارهم.
وكانت "ميتال ستيل" قد أعلنت رغبتها في الاستحواذ على "أرسيلور" رغم معارضة إدارة الأخيرة.
وتسعى "ميتال" إلى الحصول على موافقة أغلبية المساهمين على بيع أسهمهم في صفقة تقدر قيمتها بنحو 18.6 مليار يورو.
وتحتاج "ميتال ستيل" إلى الحصول على موافقة سلطات مكافحة الاحتكار في أربع جهات لإتمام الصفقة في الوقت الذي تصر فيه إدارة "أرسيلور" على اعتبار السعر المعروض منخفضا جدا.
وفي الوقت نفسه، ذكرت "أرسيلور"، التي تمتلك إسبانيا، فرنسا، ولوكسمبورج حصصا فيها، أنها ستعيد تنظيم هيكلها الإداري بفصل شركة دوفاسكو الكندية التي اشترتها العام الماضي لتعمل كشركة منفصلة مقر رئاستها في هولندا، في إطار محاولاتها للتغلب على عرض "ميتال ستيل".
وتهدف خطوة فصل "دوفاسكو" وتحويلها إلى شركة منفصلة تحت اسم "استراتيجيك ستيل ستيتشينج" إلى منع بيع هذه الشركة من جانب "ميتال ستيل" في حالة نجاحها في الاستحواذ على "أرسيلور".
وإذا كان حلم التحول إلى إمبراطوريات اقتصادية عالمية أحد أسباب اتجاه الشركات الهندية إلى ما وراء الحدود فهناك عامل آخر يتمثل في عجز البنية الأساسية في الهند عن مواكبة النمو الاقتصادي السريع، الأمر الذي يشكل لغما في طريق هذه الشركات ويدفعها إلى عدم وضع "البيض كله في سلة واحدة" في الهند.