جميع المستشفيات السعودية بحاجة إلى تطبيق مفهوم الصحة الإلكترونية
جميع المستشفيات السعودية بحاجة إلى تطبيق مفهوم الصحة الإلكترونية
حذر الدكتور ماجد التويجري، المدير التنفيذي لنظم المعلومات في الشؤون الصحية في الحرس الوطني، من التباطؤ في تطبيق الصحة الإلكترونية بين جميع القطاعات الصحية، مؤكدا أن تأخير تطبيقها سيؤدي إلى صعوبة ربطها في المستقبل، وجعلها من أولويات وزارة الصحة ومسؤولي الحكومة. موضحاً أنه لابد من الاستفادة من الزيادة في الموارد المالية للقطاع الصحي في المستقبل، والتخطيط للمستقبل هو الأهم، مشيرا إلى أن الشؤون الصحية في الحرس الوطني طبقت الصحة الإلكترونية في مستشفياتها الأربعة، وهي لا تقوم لمصلحة الشؤون الصحية فقط، لأنها طبقت هذا المفهوم وعلى الآخرين أن يحذو حذوها، لأن الوطن هو هاجس كل إنسان، والقطاع الصحي هو هاجس الجميع.
وكشف الدكتور التويجري عن أن الشؤون الصحية في الحرس الوطني في صدد أنشاء كلية الصحة العامة بالتعاون مع جامعة ليفربول، مبينا أنها جاءت لتغطية النقص في القطاعات الصحية في الوطن.
واستغرب الدكتور التويجري ما يحصل بين المستشفيات من تنافس كل يريد البروز وأن يكون أفضل من الآخر، لافتا أن قيادات المستشفيات بدأت تحس بأن التنافس لا معنى له، وإن وجد تنافس فهو من أجل الوطن.
وأكد أن الصحة الإلكترونية لها مردود استثماري عال جدا خصوصا في المملكة، موضحا أن جميع المستشفيات تحتاج إلى تطبيق مفهوم الصحة الإلكتروني، كما أن إنشاء النظام لا يعتبر عائق، وقد يكون عائقا إذا أسيء التخطيط. التويجري في الحوار التالي كشف عن العديد من الأمور التي تخص الصحة الإلكترونية في المملكة والمؤتمر العالمي ذي الخصوص.. فإلى نص الحوار:
جهود ومساع من أجل الرقي بالقطاع الصحي وذلك بتفعيل مشروع الصحة الإلكترونية ESeha الذي ينطوي على إنشاء نظام إلكتروني شامل للمعلومات الصحية بين القطاعات الصحية, ما هو مفهوم الصحة الإلكترونية؟
الصحة الإلكترونية هي مفهوم يعني استخدامات تقنية المعلومات، إلى جانب وسائل وطرق الاتصالات الرقمية بغرض تحسين أداء وتشغيل القطاعات الصحية في المملكة، ومفهوم الصحة الإلكترونية يحوي عدة أشياء، على سبيل المثال: الطب الاتصالي، تعليم الطب الإلكتروني، إضافة إلى أنظمة المعلومات الطبية، نظم الهندسة الصحية الرقمية، والغرض من هذا كله، أن الطبيب والممرض ومقدم الخدمة الصحية في أي مستشفى يحصل بسهولة عن معلومات عن المريض ويتواصل مع غيره من مقدمي الخدمة بالشكل الإلكتروني مما يسهل على المريض، أن يحصل على خدمة صحية ذات جودة عالية.
مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الحرس الوطني من السابقين لتطبيق الصحة الإلكترونية في المملكة، ما أبــرز محطـات هذا التطور؟
الشؤون الصحية في الحرس الوطني ممثلة في مدينة الملك عبد العزيز الصحية في الرياض، قامت بتطبيق أنظمة معلومات صحية وتم تشغيلها في عام 2004، وتشرفنا بتدشين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للصحة الإلكترونية، وأعتقد أنها كانت حافزا لنا جميعا والمهتمين في مجال الصحة الإلكترونية، بأن يرعى الملك عبد الله هذا المشروع الكبير، وقامت الشؤون الصحية في الحرس الوطني بعد إنشاء جامعة الملك سعود للعلوم الصحية، وذلك بتفعيل أول برنامج ماجستير متخصص للمعلوماتية الصحية في منطقة الشرق الأوسط، وحصل البرنامج على الاعتراف الدولي من المنظمة الدولية للمعلوماتية الصحية، كأول برنامج معترف به في المنطقة، وهذا البرنامج يهدف إلى تلبية احتياجات القطاعات الصحية في المملكة من الكوادر الوطنية المتخصصة في هذا المجال، لأنه نادر في جميع أنحاء العالم، وكانت بوادر الصحة الإلكترونية من خلال مستشفيين، "مستشفى الشؤون الصحية للحرس الوطني، ومستشفى الملك فيصل التخصصي"، وبدأت التطبيق في أوائل عام2000، كون الأنظمة تحتاج إلى سنوات للتطبيق الفعلي، ومن خلال جامعة الملك سعود للعلوم الصحية، وبرنامج الماجستير، نحاول إنشاء جيل جديد من الخبرات في الصحة الإلكترونية، حيث يوجد 26 طالبا وطالبة في البرنامج، ومنهم ستة طلاب أتوا من تخصص طب عام، وطب أسنان إلى جانب تخصص صيدلة ومختبرات، وتدريبهم في تقنية المعلومات سوف يجعلهم سباقين في تطبيق هذه التقنية في مستشفيات في المملكة.
تنظم الشؤون الصحية في الحرس الوطني بالتعاون مع عدة جهات، المؤتمر السعودي للصحة الإلكترونية 2006، من أين نبعت فكرة المؤتمر؟
قامت جامعة الملك سعود للعلوم الصحية، بإنشاء جمعية متخصصة للمعلوماتية الصحية، والتي تهدف إلى زيادة الوعي وزيادة مفهوم الصحة الإلكترونية، الجميع يتحدث عنها ولكنهم لا يعلمون ماذا تعني الصحة الإلكترونية، فرأت الجمعية وجامعة الملك سعود للعلوم الصحية أنه لابد من عقد مؤتمر عالمي من أجل إبراز المفهوم بشكل جيد. ووجهت الدعوة إلى كبار شخصيات العالمية في هذا المجال، من منظمة الصحة العالمية، المنظمة الدولية للصحة المعلوماتية، كبار الشركات المتخصصة في الصحة الإلكترونية، وسيصاحب المؤتمر معرض متخصص يشرح المفاهيم، ويوضح للجهات الصحية أبرز الأنظمة والتقنية الموجودة بقصد زيادة الوعي حول هذه الميزة، وسيتم الانتهاء من البرنامج العلمي خلال هذه الأيام، وبلغت أوراق العمل المعتمدة نحو 30 ورقة علمية، إضافة إلى ورش عمل متخصصة لليوم الذي يسبق المؤتمر.
وعقد المؤتمر في المملكة يعتبر نقلة نوعية للصحة في البلاد بشكل عام، لأننا دائما نلاحظ أن الصحة في المملكة تصرف عليها المبالغ الكبيرة، ولم تقصر الدولة من الناحية المالية، حيث تظل القطاعات الصحية تحتاج إلى أن تطور نفسها، وأعتقد أن تطوير النفس هي عملية ربط وتوحيد الجهود، فلا يعقل أن تكون المستشفيات تتبع لجهة واحدة هي وزارة الصحة، أو وزارة الدفاع يتنقل المريض بينها، ويأخذ العلاج من عدة مستشفيات، دون الاطلاع على تفاصيل حول تنقلاته بينها، وهذه تعتبر هدرا للموارد المالية والوقت، إلى جانب هدرا لصحة المواطن، ويأتي ذلك لسبب وحيد هو عدم وجود نظام صحي إلكتروني يربط فيما بينها.
دائما ما ننظر إلى القطاعات البنكية على أنها نجحت، والسبب يعود إلى تبنيها تقنية المعلومات، والآن من النادر أن نجد الشخص يحتاج ليدخل فرع البنك، لأن كل تعاملاته عبر الصراف الآلي، أو الهاتف المصرفي، أو الإنترنت، وهذه الخواص التقنية كان لها مردود مالي للبنوك، لأنها لن تحتاج إلى فتح فروع أخرى، إلى جانب توظيف القوى العاملة لاستقبال المواطن، لذا تعتبر البنوك مثالا حيا للاستثمار في قطاع تقنية المعلومات الذي له مردود مالي وكسب للعميل.
من المعلوم أن لكل قسم مهام، فما هي أبرز مهام قسم الكمبيوتر في مدينة الملك عبد العزيز الطبية، ودوره في دعم الخدمات الطبية للجمهور؟
- مفهوم الصحة الإلكترونية مفهوم واسع، وفي مدينة الملك عبد العزيز الطبية قطعنا شوطا كبير، في السنة الحالية سننتهي من نظام "الباك" الأشعة الإلكتروني، ويتم إلغاء الورق والأقلام، بحيث يسهل عملية التواصل بين الأطباء في جميع الأقسام، إلى جانب تمكين الاستشاري من الاطلاع على أشعة مريض مقيم في منطقة أخرى لا يوجد فيها المتخصص، وذلك بالربط الإلكتروني بين مستشفيات المدن، وبهذا تقل التكاليف، ويتم توحيد الجهود، فمن خلال الجمعية والمؤتمر القادم، نسعى إلى بث رسالة للمهتمين في هذا المجال، وعلى القطاعات الصحية أن تركز على جهود المعلوماتية الصحية، فلا يعقل أن تتبع القطاعات الصحية لجهة واحدة هي وزارة الصحة، فتجد المستشفى يشتري أجهزة عديدة ومختلفة، بحيث يكون تبادل الخبرات صعبا للغاية، والأسوأ الضبط بين الأنظمة أصعب، ولو استطاع القطاع الصحي أن يشتري نظاما واحدا ويتبناه لأصبحت نسب النجاح أعلى، وهذا ما حصل في مستشفى الحرس الوطني، وذلك بتبني أربعة مستشفيات تابعة له أنظمة واحدة، فمثلا نظام صحي واحد ونظام مالي وإداري واحد، ونظام الأشعة الرقمي واحد، وبتركيز الخبرات في جهة واحدة أدى إلى نجاحنا - بفضل الله -، وتم طرح فكرتنا في توصيات الخطة الوطنية، والتي توجب إيجاد مركز معلوماتي لكل قطاع صحي في المملكة، ونأمل من خلال المؤتمر أن نرسخ هذه الفكرة، إلى جانب أهمية التنفيذ، لذا وضعت حلقة النقاش الرئيسية في المؤتمر في ساعة ونصف لترسيخ مفهوم إيجاد ملف طبي إلكتروني موحد في جميع القطاعات.
هل سعت وزارة الصحة إلى تطبيق توصيات المؤتمر السابق؟
في الحقيقة أن هذه التوصيات لم توجه لوزارة الصحة فقط، وإنما وجهت للمسؤولين ككل، وقد تكون هناك أولويات للوزارة يجب تنفيذها، وأتمنى أن نرى مفهوم الصحة الإلكتروني من الأولويات الرئيسية للقطاعات الصحية، ولابد من الاستفادة من الزيادة في الموارد المالية للقطاع الصحي في المستقبل، والتخطيط للمستقبل هو الأهم، وتسعى الآن وزارة الصحة في بناء مئات المستشفيات من خلال ميزانيات السنة الحالية كذلك المقبلة، وإذا لم يتم ربط المستشفيات إلكترونياً الآن، فقد يكون من الصعب ربطها في المستقبل، فمن المهم التركيز عليها كأولوية، ولذلك رأت الشؤون الصحية أهمية هذا الموضوع وتبنته حيث إن ما تقوم به الشؤون الصحية في الحرس الوطني هي لا تقوم لمصلحة الشؤون الصحية فيها، لأنها طبقت هذا المفهوم وعلى الآخرين أن يحذو حذونا، لأن الوطن هو هاجس كل إنسان، والقطاع الصحي هو هاجس الجميع، لأن أبنائنا وأبناءهم يوما ما لا قدر الله سيمرضون، فهل نرضى أن يتلقى أبناؤنا رعاية صحية فيها أقل من المتوقع؟
وقامت الشؤون الصحية والعاملون والمسؤولون فيها بإنشاء جامعة الملك سعود للعلوم الصحية، لتغطية نواقص التخصصات الصحية في المملكة، من طب، تمريض، معلوماتية صحية، والآن في صدد إنشاء كلية الصحة العامة بالتعاون مع جامعة ليفربول، وجميعها جهود تحسب للشؤون الصحية في الحرس الوطني وللمسؤولين، لحرصهم على تغطية القطاعات الصحية في الوطن، وتعتبر السنتان الماضيتان إنجازا يحسب للقطاعات الصحية في المملكة، وذلك لتقاربها من بعضها من خلال مجلس الخدمات الصحية، ولا ننكر أنه كان هناك تنافس بين المستشفيات وكل يريد البروز وأن يكون أفضل من الآخر، وإن كان هناك تنافس فهو من أجل الوطن لتقديم الأفضل.
ما الفائدة المرجوة للمريض من تطبيق الربط الإلكتروني بين جميع القطاعات الصحية؟
تكمن فائدة المريض من الصحة الإلكترونية في عمل ملف طبي إلكتروني، يحصل على معلوماته الطبية من أدوية ومختبرات وتقارير وفحوصات عن طريق شبكة معلوماتية بين جميع القطاعات الصحية.
ونجد حتى مفهوم الملف الطبي الورقي، لا يخضع لضوابط طبية مهنية ثابتة، والسبب يعود كونه لا يوجد قواعد بيانات تحفظ معلومات المريض، ومن المهم الآن إيجاد قواعد بيانات تحفظ أمراضا معينة، مثلا مرضى السكري في المملكة، الذي يعتبر من الأمراض الشائعة جدا، والمملكة من أعلى الدول في العالم نسبة في أمراض السكري، ولو وجدت قاعدة بيانات تحتوي على جميع مرضى السكري وأماكنهم وبياناتهم، مع التحديث المستمر للمعلومات أو علاج جديد، لاستطعنا أن تتواصل مع الجميع وهذا الشيء الآن ليس موجودا.
والملف الإلكتروني هو عبارة عن قاعدة بيانات عن معلومات المريض وهي في الأساس على سبيل المثال: لو الطبيب احتاج أن يحول المريض إلى قسم الأشعة، يطلب أمرا إلكترونيا بالضغط على الكمبيوتر بتقديم خدمات معينة، من ثم يذهب المريض إلى قسم الأشعة ليجد معلوماته قد سبقته، بعد تحويلها من الطبيب إلى القسم، وجميعها تتم من خلال الشبكة حيث يذهب إلى الصيدلية يجد دواءه جاهزا، كذلك من مميزات هذا النظام زيادة السرية في معلومات المريض، كون الورق أقل سرية من الكمبيوتر.
في مجمع الملك عبد العزيز الطبي في الحرس الوطني، ما الذي تم إنجازه في هذا الخصوص؟
أنهينا الملف الطبي الإلكتروني والنظام المالي والإداري وخلال نهاية العام سننتهي من نظام الأشعة الإلكتروني، وهو من الأنظمة المتقدمة جدا على مستوى العالم، وسنبدأ في عملية تطبيق هذه الأنظمة على المستشفيات الأخرى التابعة للشؤون الصحية في الحرس الوطني، حيث بدأنا في النظام المالي والإداري في كل المستشفيات، وأتوقع خلال السنتين المقبلتين أننا سننهي مفهوم الصحة الإلكترونية بشكل موسع يشمل كل المستشفيات.
هل يعد مشروع الصحة الإلكترونية مغريا للجهات الاستثمارية؟
أعتقد أن مجال الصحة الإلكترونية المستخدمة في القطاعات الصحية، سيكون له مردود استثماري عال جدا، خصوصا في المملكة وكل المستشفيات تحتاج إلى تطبيق مفهوم الصحة الإلكترونية، وتكلفة إنشاء النظام لا تعتبر عائقا، وقد تكون عائقا إذا نحن أسأنا التخطيط، وللأسف قد لا نكون على الخط السليم في عملية التخطيط واعتماد نظام واحد لكل المستشفيات، والتي ستوفر من التكلفة التي قد تنزل إلى الربع أو الخمس، فيما لو خصص لكل مستشفى ميزانية خاصة به لشراء نظام خاص، فإن ذلك يعد هدرا للأموال، حيث لو خصص نظام واحد لجميع المستشفيات فإنه سيعود عليها بالفائدة العظيمة خلال السنوات الخمس المقبلة، فيما لو عانى مستشفى من ندرة في تخصص قراءة الأشعة نسعى إلى تقديم الخبرة من خلال مستشفى آخر.
ما أبرز المعوقات التي تواجه الصحة الإلكترونية؟
أنا بطبعي متفائل جدا، حيث إن جميع معوقات الصحة الإلكترونية، أخذت في الاعتبار، وستناقش المعوقات بشكل جيد في المؤتمر القادم، بحضور المحاضرين العالميين، إضافة إلى الخبرات السعودية، وستقدم للمهتمين في مجال الصحة بشكل عام، باعتبارها تهم الطبيب أكثر، وهي وسيلة للطبيب والممرض لتقديم خدمة صحية أفضل بواسطة المعلومات التقنية، حيث يتم تخصيص ساعة ونصف في المؤتمر لمناقشة المعوقات بشكل علمي ومحايد، إلى جانب خروج المؤتمر بتوصيات نأمل أن تنال اهتمام المسؤولين في المملكة.