ارتفاع سعر برميل النفط إلى 100 دولار في حالة الهجوم على إيران

ارتفاع سعر برميل النفط إلى 100 دولار في حالة الهجوم على إيران

برهن الاقتصاد العالمي في العام الجديد 2006 على أنه أصلب مما كان متوقعا, فالسنوات الثلاث الممتدة ما بين 2004 و2006 تعتبر مرحلة أقوى نموا للاقتصاد العالمي منذ فترة الازدهار الاقتصادي التي امتدت من عام 1972 إلى 1974. ويعود الفضل في هذا النمو، حاليا كما في السابق، للسياسات النقدية المحفزة المتبعة في أجزاء واسعة من العالم ، فسعر الفائدة الرئيسية الذي تم حسابه حسب الأداء الاقتصادي لكل اقتصاد على حدة لا يزال أقل من 3 في المائة أي دون مستوى نمو الاقتصاد العالمي. وبالتالي فليس من الوارد الآن الحديث عن أن السيولة التي زادت البنوك المركزية من تكلفتها يمكن أن تؤدي إلى خنق النمو.
إن عملية تطبيع السياسات النقدية التي تريدها البنوك المركزية الرئيسية قد بدأت الآن في أخذ مداها وإن كان بصورة بطيئة، ويذكر في هذا الصدد أن أسعار الفائدة في أسواق رأس المال لم يصدر عنها أي رد فعل لمدة طويلة على رفع أسعار الفائدة الرئيسية، بحيث إن منحنى الفائدة في الولايات المتحدة اتخذ اتجاها عكسيا بصورة مؤقتة. ويلاحظ أيضا أن أسعار الفائدة على القروض طويلة الأجل كانت، بعكس ما هو معتاد، أقل من أسعار الفائدة على القروض قصيرة الأجل.
ولكن يبدو أن هذا على وشك أن يتغير، ففي واشنطن ارتفعت عائدات القروض العامة لأجل عشر سنوات في الأسبوع الماضي لأكثر من 5 في المائة لأول مرة منذ حزيران " يونيو " 2002. أما في ألمانيا فقد أصبحت على مرمى حجر من أن تصل النسبة إلى 4 في المائة, وفي اليابان تقترب العوائد على القروض طويلة الأجل من نسبة 2 في المائة.ومثل هذه الأرقام لا تكاد تتيح للمستثمرين الخبراء فرصة للقيام بإعادة نظر جذرية في تركيبة حقائبهم الاستثمارية. غير أن نسبة الـ 5 في المائة قد جعلت من الأوراق المالية في الولايات المتحدة بديلا مغريا من جديد. إن هذه الـ 5 في المائة هي السائدة أيضا في وول ستريت . إن الجاذبية النسبية للأسهم هي أقوى على الورق من جاذبية القروض كما كان الأمر دائما. وهذا ينطبق أيضا وبدرجة أكبر في أوروبا حيث كان لا بد من تخلي سعر الفائدة في أسواق رأس المال عن نسبة الـ 4 في المائة، ففي إيطاليا المنهكة سياسيا يبلغ العائد في أسواق رأس المال 4.2 في المائة. ومن البديهي أن مثل هذه النسب لا تساعد كثيرا أسواق الأسهم في الأجل القصير، فمن ناحية لا يمكن استبعاد احتمال ارتفاع أسعار الفائدة في أسواق رأس المال مرة أخرى ارتفاعا كبيرا في الأسابيع القادمة خصوصا في الولايات المتحدة.
ومن ناحية أخرى عادت الأسواق تعاني حالة تربص وشكوك مع الارتفاع الكبير في أسعار النفط ففي لندن وفي نيويورك تخطى سعر النفط في الأيام القليلة الماضية، ولو بصورة مؤقتة، حاجز السبعين دولارا للبرميل ويشكل هذا بالنسبة لنفط بحر الشمال ( خام برنت) رقما قياسيا، ومن الجدير بالذكر أن ارتفاع أسعار النفط لم يضر أسواق الأسهم إذا نظرنا إلى المسألة من زاوية الأجل الطويل، كما أن ارتفاع أسعار النفط ثلاثة أضعاف خلال ثلاث سنوات فقط لم يحل دون ارتفاع قيمة مؤشر داكس خلال الفترة نفسها ثلاثة أضعاف أيضا. وسبب ذلك يرجع إلى أن ارتفاع أسعار النفط هو نتيجة لحالة ازدهار الاقتصاد العالمي والتي أدت بدورها إلى زيادات كبيرة في الطلب على النفط.
إن ديناميكية الطلب لم تتراجع في الآونة الأخيرة . كما أن الارتفاع الأخير حيث ارتفع سعر برميل النفط ثمانية دولارات خلال ثلاثة أسابيع فقط، يعود إلى مخاوف من تراجع إمدادات النفط مثلا في حالة توقف ضخ النفط الإيراني, فحصة إيران تبلغ نحو 15 في المائة من كميات النفط التي تصدرها مجموعة دول منظمة أوبك ويقول الخبراء في هذا السياق إنه إذا توقف إنتاج إيران من النفط عن الأسواق نتيجة فرض حصار عليها أو نتيجة ضربة عسكرية أمريكية، فسرعان ما يصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار.
إن النزاع بشأن البرنامج النووي الإيراني مقدر له أن يستمر طويلا على الساحة الدولية. وعلى هذه الخلفية يقدر خبراء طاقة من مؤسسة باركليز كابيتال بأن سعر برميل النفط سيستقر فوق سعر السبعين دولارا حتى نهاية هذا العام. ويؤكد ذلك أيضا اتجاه الأسعار للعقود الآجلة في بورصة نايمكس للمواد الخام، حيث يبلغ السعر في العقود الشهرية حتى نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) 2008 أكثر من 70 دولارا للبرميل الواحد من نوع WTI.
وجنبا إلى جنب مع ارتفاع أسعار النفط ارتفعت أيضا أسعار الذهب إلى ما يزيد على 600 دولار للأوقية. وهذا هو أعلى سعر سجله الذهب منذ مطلع الثمانينات. غير أن أسعار الفضة لم تعد مرتفعة السعر كما كانت منذ عام 1983. أما المعادن الصناعية كالنحاس والزنك فقد تم الاتجار فيهما بأسعار قياسية. إن جميع هذه المواد الخام يجمع بينها عامل مشترك هو أن المعروض منها لم يواكب الطلب الفعلي عليها . أما بالنسبة للمعادن النفيسة فيضاف إليها أن المضاربة عليها وصلت إلى حد لم يسبق له مثيل منذ سنوات. كما أن ثمة أيضا مستثمرين ذوي نفس طويل ينظرون إلى الذهب كضمانة في مواجهة التضخم الزاحف والدولار الذي يتهاوى.

الأكثر قراءة