التهافت على شراء مطار هيثرو يدخل مرحلة حاسمة
يبدو أن مستقبل إدارة مطار هيثرو BAA لا يزال معلقا رغم أن الجميع في بريطانيا ينتظرون أن تتضح الصورة مع نهاية شهر نيسان ( إبريل ) الجاري بين جبهات الصراع والتنافس للاستحواذ على إدارة المطار .
وتمارس شركة فيروفيال الإسبانية للمقاولات والإنشاءات ضغوطا لصالح عرضها الذي بلغت قيمته حتى الآن 8.7 مليار جنيه استرليني، رغم أن مساهمين كبارا كانوا قد أشاروا من قبل أن عرض بيع إدارة مطار هيثرو لا يمكن أن يقل عن عشرة مليارات جنيه استرليني إضافة إلى تحمل الديون البالغة 5.3 مليار استرليني. ووفق هذه الحسابات يجب ألا يقل عرض الشركة الإسبانية عن 22 مليار يورو إذا أرادت الفوز بهذه الصفقة الكبيرة المغرية. ويتطلب الأمر من إدارة الشركة أن تقرر ما إذا كانت ستقدم عرضا ثانيا مكملا أم لا. فإذا لم تتقدم الشركة الإسبانية بعرض مقبول حتى نهاية الشهر الجاري فستعلق الموافقات لمدة ستة أشهر على الأقل.
هذا العرض البريطاني الحكومي المحدد بمدة ضيقة سيجعل الكثير من المرشحين العارضين في وضع محرج من ناحية الوقت وذلك حسبما أشارت أوساط حي المال في لندن. ليس فقط بالنسبة لشركة فيروفيال، بل أيضا الكثير من المستثمرين المهتمين بشراء إدارة مطار هيثرو وعروضهم المقدمة بهذا الشأن ومن بينهم شركة ( ماك واير ) الأسترالية ومجموعة جولدن زاكس الأمريكية للاستثمارات المالية .
وكانت شركة فيروفيال الإسبانية قد أعلنت منذ شباط (فبراير) الماضي رغبتها في الاستحواذ على إدارة مطار هيثرو اللندني الشهير مستندة إلى كونها أكبر شركة عالمية في مجال إدارة المطارات في العالم وتكون كونسيرتيوم يضم أيضا صندوق التقاعد الكندي cdp وشركة gic السنغافورية الاستثمارية بنسبة مشاركة بلغت 40 في المائة. وبالنسبة للقروض المالية للصفقة والمقدر أن تصل إلى مليارات الجنيهات الاسترلينية فسوف يقدمها مجموعة سيتي جروب والبنك الملكي الاسكتلندي والبنك المركزي الإسباني. وبدأت شركة فيروفيال الإسبانية عرضها بتقديم 810 بنس مقابل كل سهم في إدارة مطار هيثرو وهو العرض الذي سرعان ما رفضه الجانب البريطاني واعتبره عرضا متدنا وهزيلا. وخلال جولة من اللقاءات المتعددة مع المستثمرين ارتفع العرض ليصبح 900 بنس مقابل كل سهم. لكن الشركة الاستثمارية الاسكتلندية التي تشارك بنسبة 3.4 في المائة في إدارة المطار قالت إن هذا السعر غير مناسب .
أما ردة فعل لندن تجاه هذه العروض التنافسية فلم يكن مستغربا للعارفين ببواطن الأمور نظرا لتضارب المصالح الواضح بين متنافسين أجانب وبين المساهمين وإدارة مطار هيثرو وهو ما أثار زوبعة سياسية من الريبة وعدم الثقة. ومع أن هيئة المطارات البريطانية خضعت للتخصيص منذ الثمانينيات إلا أن شركة BAA المشاركة في البورصة ظلت قريبة جدا من الدوائر الحكومية. كما أن هذه الشركة التي تقوم بإدارة سبعة مطارات بينها مطار هيثرو اللندني تمثل مركزا رئيسيا في حركة وصناعة النقل المحلية في بريطانيا .
وفي ضوء الأهمية الاستراتيجية للمطارات ودورها في الاقتصاد البريطاني فقد تم دق ناقوس الخطر لدى الدوائر المقربة من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير باحتمالات انتقال إدارة مطار هيثرو إلى أطراف أخرى. واحتمال أن تصبح هذه الشركة العريقة تتبع لمالك أجنبي، وهذا ما تخشاه الحكومة البريطانية وربما سيؤدي ذلك للقضاء على هذه الشركة الكبرى، كما أن تقليص الاستثمارات سيؤدي إلى تحجيم دور شركة BAA في هذا القطاع الحيوي.
قلق السياسيين من هذا التوجه عبر عنه مايك كلاسبر المدير التنفيذي لشركة BAA الذي حاول في السنوات الأخيرة توسعة نشاطات مطار (هيثرو) و (ستان ستيد) لإرضاء العملاء وكسب ثقتهم من جهة، والتصدي للمنافسين المتربصين بالشركة في أوروبا من جهة أخرى. ومن أهم المشاريع المخططة توسعة المطار الذي سيكلف ما لا يقل عن 4.2 مليار استرليني.
ومن خلال هذا المشروع سيصبح هذا المطار خامس أكبر مطار في أوروبا يستوعب 68 مليون مسافر بزيادة قدرها 30 مليونا عن ذي قبل. وكحد أقصى في عام 2013 سيصبح هذا المطار الأضخم في أوروبا من حيث المساحة التشغيلية بما حقق التوازن في المنافسة مع مطاري باريس وميونيخ.