سنوات طويلة والأراضي البيضاء تنشد التدخل الرسمي

سنوات طويلة والأراضي البيضاء تنشد التدخل الرسمي

تعد الأراضي البيضاء داخل المدن إحدى القضايا التي تطرق إليها المخططون، ونوقشت كثيرا من حيث تأثيرها السلبي في المدينة. ومع أن هذه القضية عرضت منذ زمن بعيد إلا أن تأثيرها ما زال موجودا ويتطور بين الحين والآخر.
"الاقتصادية" طرحت هذه القضية على عدد من المخططين والعقاريين والمستثمرين لإبداء وجهة نظرهم حيالها. يقول المهندس عبد العزيز المطلق: قضية الأراضي البيضاء كانت مشكلة كبيرة في الماضي حتى أن أحد كبار المسؤولين وهو الدكتور عبد العزيز الخضيري أطلق على الأراضي البيضاء السم الأبيض نظرا لخطورتها, لكن هذه المشكلة تقلصت كثيرا والفراغات الكبيرة التي كانت موجودة لا أقول أنها انتهت، ولكن لم تعد مشكلة على الأقل كما في السابق.
ويعتقد المطلق أن هذه المشكلة قدمت حلا خدم المدن إذ إنها أصبحت مخزونا لمد المدن بالأراضي ويمكن أن تلاحظ ذلك في أغلب المدن.
أما عمر الوسيدي وهو صاحب مكتب عقاري شمالي مدينة الرياض فيرى أن الأمر قضية تتعلق بحرية التجارة، وليس صحيحا ما يتحدث به البعض فصاحب العقار حر في عقاره فمتى وجد السعر المناسب أو المشروع المناسب سيتخذ قراره، مضيفا أن العوامل المساعدة تخص المالك وهو الأعلم بما يناسبه وليس صحيحا أن العقاريين يقبضون على أراضيهم من أجل احتكارها فهناك الكثير من أصحاب العقارات تجمدت أموالهم وهم لا يستطيعون البيع نظرا لقلة الطلب، مما جعلهم يعزفون عن بيعها، وهناك من تورط مع مساهميه الذين يطالبون بالبيع رغم الإقبال الضعيف وغير الموجود أحيانا، مضيفا "ولا ننسى توجه رؤوس الأموال لسوق الأسهم الذي جمد العقارات وجمد الاستثمارات العقارية، وبخر تلك الأموال وبالتالي فقدت الأراضي السيولة التي تحركها".
أما المخطط فيصل الدلبحي فيرى أن المدن السعودية ضعيفة جدا من حيث الكثافة العمرانية ولا يمكن مقارنتها بالمدن الأخرى، نظرا لأمرين, الأمر الأول اعتماد التوسع الأفقي والسبب الآخر الفراغات داخل المدن، وهذان الأمران تسببا في انحسار وبطء توصيل الخدمات التي أصبحت مكلفة جدا. ويرى الدلبحي أن المسؤولين لم يقدموا أي حل وتركوا التمدد يتحرك دون قيود، بل يزيد ويقول إن الأنظمة دعمت هذا التوجه الذي يعتبره مكلفا للغاية، متابعا "وكان يفترض أن يكون هناك تصور شامل ودقيق وتقييم مستمر لتوجه مدننا وما إذا كنا نسير في الطريق الصحيح أم لا؟ وما الأنظمة والقوانين التي تحفز على إيجاد الحلول لتخلص من الفجوات والفراغات داخل المدن.
ويرى سعود الصالح وهو مستثمر في المجال العقاري أن الأراضي البيضاء داخل المدن ذات أسعار باهظة وفي ازدياد متواصل، حيث وصلت إلى أرقام قياسية، وأن أصحابها يقطفون ثمن تجميدهم تلك الأراضي لقد اشتروها بثمن بخس، وهم الآن يطلبون أسعارا خرافية.
والشيء المزعج أنه كلما "سيمت" تلك الأراضي طلبوا المزيد - والحديث ما زال للصالح - والكثير لا يعترف بحد معين أي أنه لا حد لسعر الأرض في أذهانهم.
ويرى الصالح أن الحصول على أرض مناسبة لإقامة مشروع تجاري أمر في غاية الصعوبة والمعلومات التي يقدمها الوسطاء وأصحاب المكاتب العقارية هي مغلوطة في أغلبها ولا تمت إلى الواقع بصلة مما يتعرض له المستثمر من ضياع لوقته واستهتار بمصالحه فكل يدعي المعرفة وأنه يملك المعلومات والواقع مختلف، وأغلبية أصحاب تلك الأراضي يصعب الوصول إليهم إلا من خلال وكيل. ويتساءل الصالح: أين الأراضي البيضاء التي تتحدثون عنها؟
أما المهندس يوسف التويم فيرى أن استخدام العصا والجزرة مهم لحل هذه المشكلة فالعصا تتمثل في تطبيق الزكاة الشرعية على كل أرض تعرض للبيع على اعتبارها من عروض التجارة التي تجب الزكاة على ربع عشر من قيمتها أما الجزرة فتتمثل في دعم المستثمرين وتسهيل الإجراءات لتنفيذ المشاريع الاستثمارية.
إبراهيم الشمسان وهو من المختصين في شؤون الاستثمار العقاري فيرى أن الأراضي البيضاء التي تقع داخل المدن وضمن مناطق كانت مأهولة، يجب أن ينظر إليها كالمباني القديمة شبه المهجورة. ويعتقد أن حل هذه المشكلة يفترض أن يكون ضمن خطة تطويرية معلنة ومعروفة لحي محدد على سبيل التجربة وبعد ذلك يتم تطبيقها لتشمل أغلب الأحياء التي تعاني من وجود الأراضي البيضاء داخل المناطق السكنية والتجارية. مضيفا يبدو أن هناك توجها لدى المسؤولين في الأمانات وكذلك المستثمرين وخير مثال على ذلك تجربة جبل عمر في مكة المكرمة، ولنا أن نتصور على سبيل المثال كيف يمكن أن يبدو حي من الأحياء القديمة مثل مناطق وسط مدينة الرياض لتتحول إلى مشروع استثماري مطور يخدم المدينة ويحقق
أهدافا أخرى من بينها معالجة النواحي الأمنية على سبيل المثال لا الحصر, مؤكدا أن تبني الخطط التطويرية في هذا الاتجاه يتطلب قرارات شجاعة وإشراك المستثمرين والمخططين, إضافة إلى الجهات الممولة.

الأكثر قراءة