لا يوجد أدب بلا نقد، والنقد الأدبي ما زال حياً يرزق!
كان الدكتور سعد البازعي رئيس نادي الرياض الأدبي حريصا على توضيح رؤية جديدة لملتقى النقد الذي بدأ فعالياته الأحد الماضي وذلك في حديثه لوسائل الإعلام حيث قال "هذا المؤتمر سيتجاوز الطرح المعتاد المحكوم بأوراق نقدية إلى رؤية أكثر تفاعلا يكون للجمهور دور كبير فيها من خلال المداخلات والمشاركة فالفرصة متاحة للحضور، وقد وجهت الدعوة إلى عدد كبير من النقاد الأكاديميين والمهتمين" ونفى أن يكون اقتصار مشاركة المرأة على الدكتورة لمياء باعشن مؤشرا على شح الحضور النسائي، وأرجع ذلك إلى تخصصية الملتقى وتركيزه على تناول مرحلة معينة من المنجز النقدي وهي مرحلة التأسيس ما يجعل من الصعب إيجاد أسماء تتناول تلك الفترة، في حين علق الدكتور عبد الله الحيدري مقرر اللجنة المنظمة على هذا الموضوع قائلا "إذا نظرنا إلى الخريطة الثقافية نجد أن الأسماء النقدية محدودة مقارنة بالأسماء الأدبية الإبداعية، وربما هناك أسماء أكاديمية نقدية لكن نشاطها لا يتجاوز أسوار الجامعة إلى وسائل الإعلام وهذا قد يعوق المشاركة النسائية وعموما هذا الملتقى من شأنه أن يفتح آفاقا جديدة لمشاركة فاعلة في المستقبل".
هل يكون عربيا؟؟
وحول طرح المسألة على المستوى العربي قال البازعي "ليس هناك ما يمنع توسيع دائرة الاهتمام بالمشاركة خليجياً وعربيا، فالمسألة مرتبطة ببعضها وأحد محاور الملتقى يطرح مسألة التيارات التي أثرت على النقد السعودي وهي تيارات عربية في الغالب، لا يمكن أن تحيط بالنقد الأدبي في المملكة دون أن تحيط بالنقد في العالم العربي ككل ونحن نبقى جزءا من الحركة النقدية العربية، وهذا الموضوع يمكن أن يكون محورا رئيسيا في الملتقيات القادمة" وفي الموضوع نفسه أشار الدكتور عبد الله الحيدري إلى ورقة الدكتور حمد السويلم التي تتناول معالم المنهج التاريخي لدى النقاد السعوديين والتي يتدرج فيها تناول المؤثرات النقدية بدءا من التيار الأوروبي ومن ثم العربي، مؤكدا أن الموضوع يتضمن سلسلة من التأثرات والملتقى ببعده الكبير هو عربي وليس سعودياً فقط .
الغذامي.. وجدلية النقد الأدبي
وبقي السؤال عن غياب الغذامي حاضراً باعتباره الرقم النقدي الذي لا يمكن تجاوزه، وقد قال البازعي في هذا الجانب "وجهنا الدعوة إلى الدكتور الغذامي ولكنه اعتذر عن المشاركة لأنه يرى أن النقد الأدبي قد مات وأنه لن يشارك في مناقشة شيء غير موجود أصلا؟". وقد انتقد الدكتور البازعي تركيز الإعلام على جوانب مثيرة في هذا الجانب معتبرا أن ذلك ينأى بالملتقى عن الهدف المعرفي وهو الأهم. وحول رؤيته فيما قاله الغذامي قال "النقد الأدبي له أقسامه وكلياته وأساتذته المتخصصون في كل أنحاء العالم بما فيها المملكة، وآلاف الدراسات والكتب النقدية تصدر كل يوم، لا يمكن أن يكون هناك أدب بلا نقد، فالكاتب نفسه ناقد والمتلقون أيضا لهم رؤاهم النقدية التي يعبرون عنها، والأسماء النقدية المهمة المشاركة في ملتقى النقد هي دليل على حيوية النقد الأدبي وأهميته وحاجتنا إليه مثلما نحن بحاجة إلى الأنواع الأخرى من نقدٍ ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي، لا يمكن القول إن النقد الأدبي قد مات، فليس هناك نقد ينتهي".
أزمة الطرح والمفهوم
وفي إجابته عن سؤالنا حول أزمة التواكب بين الحركتين النقدية والأدبية قال البازعي "الأزمة موجودة في كل أنواع النقد، ومفهوم الأزمة يعني أنك غير مقتنع بما هو موجود وتريد الأفضل، الحركة النقدية السعودية وصفها بعض المثقفين العرب في التسعينيات بأنها تجاوزت الحركة الأدبية، نظراً إلى كمية المطبوعات التي صدرت آنذاك، قد لا يكون ذلك صحيحا لكنه يشير عموما إلى ازدهار نقدي، ما يؤخذ على الحركة النقدية هو عدم متابعتها للإصدارات والمتابعة هنا ليست مسؤولية النقد الأكاديمي الجامعي، إنما هو من اختصاص النقد الصحفي الذي يعتبر هاما وضروريا في ظل تأخر الرصد النقدي الأكاديمي واحتياجه لعامل الوقت، هناك نقص في النقد الصحفي وتوجد أعمال تصدر ولا تتابع - والملتقى من شأنه تعميق الحاجة إلى النقد وتأكيد أهميته على مستوى المختصين والمهتمين عموما..".
وأضاف "من إنجازات الندوة أن تخلق تراكما معرفيا في الحركة النقدية بحيث يصبح لدينا معرفة أكثر وهذا يفيد في تعميق النقد وازدهاره، هناك شيء من الإهمال فيما يتصل بالحركة النقدية السعودية، مادة النقد الأدبي لا تركز على النقد السعودي وإنما على النقد العربي، وهذه الندوات تجعل النقاد والدارسين يكتسبون معرفة أكثر بالنقد السعودي، وهذه ميزة جيدة للملتقى فهو لا يقدم المعرفة بقدر ماهو يوجد الحاجة إليها، ويخلق الأسئلة كذلك بقدر ما يجيب عنها".
رؤية شمولية
وعن إمكانية الخروج بتوصيات في ختام الملتقى قال البازعي "ليس هناك ضرورة للتوصيات أو البيانات فالأهم هو أن نخلص إلى وجهة نظر الموجودين، ومن هنا جاءت فكرة الاستبانة لتكون الجلسة الختامية خاصة بعرض مرئيات المشاركين، فهو ليس مؤتمرا سياسيا أو اقتصاديا له تأثيره وقراراته، هو مؤتمر لمتخصصين ويخدم الحركة الثقافية، النقد مطلوب من الجميع، فالهدف المعرفي هو غايتنا جميعا".