الاستراتيجيات الناجحة حول التفاوض في بنود الصفقات
حين تبدأ في التفاوض حول بنود صفقة ما، هل تملك إحساساً قوياً بما يفكر فيه نظيرك، وما الاستراتيجيات التي يحتمل أن يستخدمها؟ وإذا لم تكن كذلك يمكن أن تقع في مشكلة عما قريب. وبطرحك ثلاثة أسئلة بسيطة، وهي: ماذا وكيف ولماذا قبل مفاوضتك أو أثناءها، فإن ذلك يحسن أداءك التفاوضي.
ما اهتمامات نظيرك ودوافعه وحاجاته؟
تخيل المفاوضة حول بيع مطعم ما تعتمد فيها الصفقة فقط على سعر البيع، حيث يمكن أن تؤدي تلك المفاوضة إلى طريق مسدود، لأن أقصى مبلغ يمكن أن تدفعه أقل بشكل كبير أدنى سعر يمكن أن يوافق عليه البائع.
وعلى كل حال فالمصالح الضمنية لكلا الطرفين متناغمة بشكل أساسي، فالمشتري يهتم بتوظيف رئيس طهاة يمتلك خبرة في الإدارة والطهي للإشراف على قائمة الطعام في سلسلة مطاعم متميزة، والبائع يبيع مطعمه لتمويل دراسة لمدة عام في مدرسة لتعليم الطهي. وبالتسلح بهذه المعلومات يمكن للطرفين أن يتفقا على سعر للبيع أقل من سعر البائع مع افتراض أن المشتري يساعد على تمويل مدرسة للطهي وأن البائع سيصبح مديراً للطهي بعد التخرج.
وفي بحثنا هذا وباستخدام محاكاة مشابهة تجنب المفاوضين الذين تم توجيههم لتقبل وجهة نظر الطرف الآخر عن طريق طرح سلسلة من أسئلتنا، كما توصلوا إلى حلول بارعة لبت حاجات الطرفين.
كيف يمكن أن يحقق احتياجاته في مكان آخر ؟
عندما تأخذ بعين الاعتبار أفضل بديل لاتفاقية تم التفاوض عليها لدى خصمك، يمكن أن تجني مكاسب استراتيجية وتوزيعية، فعندما تدرك أن بدائل خصمك ليست جيدة كما يلمح يمكنك التفاوض أكثر لصالحك.
وبأخذك بعين الاعتبار كيف يمكن أن يلبي خصمك حاجاته بطرق أخرى يمكنك أيضاً الدفاع عن نفسك أمام عرضه الأول، وأياً كان الطرف الذي قدم العرض الأول فذلك يثبت المفاوضة ويؤمن لك الحصة الأكبر من الشطيرة، ويمكن لمتقبلي المفاهيم الصحيحة إبعاد هذه الميزة بإعادة تثبيت المفاوضة.
افترض أن بائع مصنع إنتاج موصى عليه تلقى عرضاً أولياً منخفضاً من مشترٍ محتمل، يمكن أن يركز البائع اهتمامه على الأخطاء الموجودة في المصنع ويبرز بذلك العرض الأول في ذهنه، ولكن حين يأخذ بعين الاعتبار بدائل المشتري سيدرك البائع كم سيكون بناء مصنع مشابه ابتداءً من الصفر أمراً مكلفاً, ما يجعله يعزم على الرد بعرض يكون أقرب لقيمة المصنع الحقيقية.
لماذا يتصرف نظيرك بتلك الطريقة؟
إجابة هذا السؤال هي مفتاح التغلب على صفات مشؤومة، كالتفسيرات القاسية لتصرفات خصمك ونياته التفاوضية التي يمكن أن تغذي دائرة من انعدام الثقة بينكما.
تخيل أن لديك أرضيات مصنوعة من الخشب الصلب مثبتة في مكتبك، ولسوء الحظ أحدث فني التركيب ودون قصد ثقبا في بعض أنابيب التسخين الممتدة تحت الأرض، واكتشفت ذلك الخطأ بعد مضي أشهر قليلة حين بدأ فصل الشتاء، ويرفض الفنيون الذين قاموا بعملية التركيب تحمل المسؤولية ذلك الخطأ، ولشعورك بالخداع فإنك تدرس رفع دعوى قانونية.
ولكن يمكن أن يسأل الشخص الذي يعي جيداً المفاهيم الصحيحة فني التركيب: لماذا يتجنبون بشكل كبير تحمل المسؤولية؟ ويمكن أن تكتشف أن سبب طمعهم الظاهر يتعلق بأقساط التأمين، ويمكن أن يصلح الفنيون الأنابيب المحطمة طالما وافقت على عدم رفع دعوى قد تؤدي إلى رفع أقساطهم.
تقبل المفاهيم والخبرات المتنوعة:
يمكن أن يكون أخذ أسئلتنا الثلاثة: ماذا وكيف ولماذا؟ بعين الاعتبار بشكل استراتيجي أبسط الوسائل لتنمية قدرتك على تقبل المفاهيم، وهناك طريقة أخرى هي تشجيع الخبرات مع أنماط مختلفة من الأشخاص والمواقف. وجدنا أن المفاوضين الذين عاشوا في الخارج يتقبلون المفاهيم بصورة أفضل مما يزيد من احتمال كسبهم صفقة تعتمد على المصالح في مفاوضة بين مشترٍ وبائع أكثر من أولئك الذين لم يعيشوا في الخارج. إن الخبرات المتنوعة تعينك على وضع تقدير شامل للحاجات المتفاوتة، وبذلك تتمكن من فهم دوافع النظير واهتماماته.
المفاوض الحرباء:
صدّق أو لا تصدّق، يمكن أن تصبح مفاوضاً أفضل بكل بساطة من خلال تعلم كيفية تكوين صورة لخصمك بكفاءة. وأوضحت عالمة النفس تانيا كارتراند من جامعة ديوك، أن معظمنا يقلد تصرفات الآخرين بشكل تلقائي دون وعي، ابتداءً من حك اللحية إلى تشابك الأيدي والجلوس بشكل مستقيم على الكرسي, والحقيقة هي أن هذا الميل يظهر غالباً في أشخاص يمتلكون قدرة كبيرة على تقبل المفاهيم والمواقف الأخرى.
لماذا يكون التقليد فعالاً جداً؟ الجواب هو أن لدينا انسجاما طبيعيا مع الأشخاص الذين يشبهوننا, ومن غير المدهش أن توصيل هذا التماثل عبر تصرفاتنا يجعل الأشخاص يشبهوننا أكثر فأكثر، ويمكن أن يسبب تقليد الآخرين تفاعلات شخصية إيجابية. وفي دراسة بسيطة أظهر عالم النفس ريك فان بارين من جامعة نجميجان (هولندا)، أن إعطاء تعليمات لطاقم العمل بتقليد زبائنهم حقق المزيد من الأفكار المفيدة.
كما أظهر بحثنا أن التقليد يمكن أن يكون استراتيجية فعالة في المفاوضات، فحين أعطينا تعليمات لمشتركين في مفاوضة مفترضة أن يقلدوا تصرفات البائعين (مثل لمس الوجه ونقر القدم .. إلخ)، وجدنا نسبة أكبر من الصفقات التي تعتمد على المصالح، وحينما أعطينا تعليمات لمفاوضين بأن يقلدوا خصومهم في تمرين في مفاوضة العمل حققوا مكاسب مشتركة أكبر، وحقق المفاوضون الثنائيون الذين يقلد أحدهم الآخر على الأقل مستويات أعلى من المحبة والألفة وتقبل المفاهيم والمواقف.