صندوق النقد يحذر من مخاطر تواجه الاقتصاد العالمي بسبب أسعار النفط
صندوق النقد يحذر من مخاطر تواجه الاقتصاد العالمي بسبب أسعار النفط
رغم النظرة المتفائلة التي عبر عنها صندوق النقد الدولي بشأن آفاق نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي، فإنه لا يمكن تجاهل تحذيره الضمني من التداعيات المحتملة لاستمرار ارتفاع أسعار النفط العالمية على آفاق هذا
الاقتصاد. فبعد أشهر قليلة من الهدوء النسبي لأسواق النفط العالمية بعد
الطفرة التي شهدتها أثناء كارثة الإعصار كاترينا التي ضربت الولايات الأمريكية الجنوبية أواخر آب (أغسطس) الماضي عادت أسعار النفط العالمية إلى الانفلات مرة أخرى بسبب التعقيدات السياسية التي تحيط بالملف النووي الإيراني والمشكلات التي يتعرض لها قطاع النفط في نيجيريا.
فقد قفزت أسعار النفط العالمية أمس فقط إلى مستوى قياسي جديد، حيث بلغ سعر برميل مزيج خام برنت 74 دولارا للبرميل رغم أن الأمر لم يتجاوز حتى الآن حدود المناوشات السياسية بشأن الملف النووي الإيراني.
لذلك فإنه من السهل على المحللين القول إن إقدام الولايات المتحدة على ضرب المنشآت النووية الإيرانية والرد الإيراني على ذلك يمكن أن يدفع بأسعار النفط العالمية إلى مستوى 100 دولار للبرميل، الأمر الذي يعني دون شك كارثة للاقتصاد العالمي. لذلك اضطر بعض المحللين إلى التراجع عن تفاؤلهم القوي بشأن نمو الاقتصاد العالمي. فبعد البداية القوية لهذا الاقتصاد مطلع 2006 جاءت القفزات المتلاحقة في أسعار النفط لتثير الكثير من الشكوك بشأن إمكانية استمرار هذا الاتجاه الصعودي للاقتصاد العالمي حتى نهاية العام الحالي.
والحقيقة أن الأزمة النووية الإيرانية وتداعياتها على أسواق النفط العالمية ليست العامل الوحيد الذي يثير القلق بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي. فهناك استمرار الفوضى في العراق والاضطرابات السياسية في العديد من مناطق العالم. وهناك أيضا مرض إنفلونزا الطيور الذي وصل إلى أغلب مناطق العالم حاليا باستثناء الأمريكتين.
ويرى محللون أن ارتفاع أسعار الطاقة سيحد من القدرة الشرائية للمستهلكين في أوروبا والولايات المتحدة، الأمر الذي يعني تلقائيا تراجع الإنفاق الاستهلاكي في هذه الاقتصاديات رغم أن هذا الإنفاق يشكل نحو نصف إجمالي الناتج المحلي لها.
كان صندوق النقد الدولي قد تنبأ أمس الأول بنمو الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي بنسبة 4.9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي رغم التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي مثل ارتفاع أسعار النفط.
وأشار تقرير للصندوق صدر تحت عنوان "توقعات صندوق النقد الدولي للاقتصاد العالمي" إلى أن هذا النمو أسرع من التوقعات السابقة نظرا لتجاوز معدلات نمو اقتصاديات العديد من دول العالم لهذه التوقعات. وعدل صندوق النقد الدولي توقعاته بشأن معدل نمو الاقتصاد للعام الماضي إلى 4.8 في المائة وليس 4.3 في المائة كما أعلن في أيلول (سبتمبر) الماضي.
ورغم ذلك حذر الصندوق من أن المخاطر والتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي يمكن أن تؤدي إلى تراجع معدل النمو.
يقول راينر جونترمان كبير المحللين الاقتصاديين في مؤسسة درسدنر كلينفورت ويسترشتاين للخدمات المالية في ألمانيا "لا أحد يتحدث عن سيناريو الأزمة ولا حتى عن الركود في الاقتصاد العالمي، ولكن استمرار ارتفاع أسعار النفط العالمية يثير العديد من الأسئلة، خصوصا بشأن كيفية تفاعل المستهلكين مع الأسعار الجديدة.
فأسعار النفط العالمية الحالية تزيد بأكثر من 40 في المائة على أسعارها خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وفي الوقت نفسه حذر الصندوق من استمرار العجز في ميزان الحساب الجاري للولايات المتحدة. ودعا إلى ضرورة خفض الفائض المالي والتجاري لدى العديد من الدول الأخرى مثل
الصين واليابان للوصول إلى الهدف نفسه.
وأخيرا يمكن القول إن الشهور المقبلة قد تحمل لنا الكثير من الأنباء غير السارة بشأن أوضاع الاقتصاد العالمي إذا استمر الارتفاع الحالي في أسعار النفط، خصوصا أنه لا يبدو في الأفق أي دليل إلى احتمال تراجعها بل ولا حتى استقرارها.