دبي .. والتضخم الدولاري
كتبت قبل نحو خمسة أشهر في هذه الزاوية عن تجربة دبي وانعكاسها على دول الخليج، ومن باب إحقاق الحق أشدت بهذه التجربة الفريدة من نوعها والمتميزة، وكيف أنها خلال سنوات قليلة استطاعت أن تجذب استثمارات بمليارات الدولارات ومازالت وفي المجالات كافة وأهمها الاستثمار في المشاريع العقارية والسياحية والصناعية، وتحدثت عن دور المسؤولين في صياغة الرؤية والعمل على تحقيقها وتوفير فرق العمل المؤهلة والقادرة على تحقيق ذلك، ومتابعة النتائج وهو ما نراه اليوم من ازدهار في كافة المجالات.
واليوم أعود للكتابة عن دبي نفسها بعد آخر زيارة لها، لتسجيل مجموعة من المشاهدات التي نتمنى ألا تستمر، ومن المشاهدات زيادة الأسعار بشكل مبالغ فيه حيث إن وجود غرفة في فندق أصبح صعبا، والأسعار تضاعفت دولاريا وأصبح سعر الغرفة في فنادق الأربع والخمس نجوم بحدود 250 دولارا لليله الواحدة وطوال أيام السنة فيما عدا فترة الصيف، أضف إلى ذلك مشكلة عدم وجود حجوزات في الفنادق وإن وجدت فهي للأجنحة، وحسبما نسمع أن هناك شركات أو وكالات تشتري غرف الفنادق وتسيطر عليها وتتحكم في الأسعار. كما أن الإيجارات للشقق عالية جدا، أسعار التملك للوحدات السكنية بالملايين، وحسب دراسة نشرت في إحدى الصحف الإماراتية بداية هذا الشهر أن زيادة الإيجارات في بعض المناطق في دبي بلغت 38 في المائة منذ بداية العام. كما أن الشيخ محمد بن راشد أصدر قرارا بعدم رفع أسعار الإيجارات أكثر من 15 في المائة.
الكثيرون وخصوصا السعوديين – وأنا منهم - يفضلون دبي على دول أخرى سواء عربية أو أوروبية لأغراض متعددة مثل السياحة والاستثمارالمالي والعقاري والتسوق وحضور الدورات والمنتديات والمؤتمرات والمعارض، حتى أن البعض يفضل عقد الاجتماعات في دبي نفسها.
قد يكون هناك مبرر لارتفاع الأسعار حاليا بسبب زيادة الطلب وقلة العرض ولكن ليس إلى هذا الحد، وكلنا يعلم أن ذلك بسبب الإقبال الكبير على العمل والاستثمار في دبي، إضافة إلى عدم الانتهاء من بعض المشاريع العقارية والسياحية وبالذات الفنادق والمنتجعات السياحية والمشاريع السكنية التي سيجهز معظمها خلال السنتين المقبلتين، وبالتالي سيزيد العرض وتنخفض الأسعار التي يتوقع أن تعود إلى معدلها الطبيعي.
نتمنى ذلك ولكن ما أخشاه أن يتسرب محبو دبي التي تتوافر فيها مقومات المدينة العصرية، ويبدأوا رحلة البحث عن بدائل أخرى خلال هذه الفترة وخصوصا أن هناك ثورة استثمارية عقارية مالية صناعية مع تسهيلات للمستثمر الخليجي والأجنبي في بعض دول الخليج والدول العربية وقد تجذب جزءا كبيرا من هذه الاستثمارات، التي ستؤثر حتما على الخطط المستقبلية لدبي ما لم يكن هناك ضبط لارتفاع الأسعار التي نخشى أن تستمر وتؤثر سلبا على الاستثمارات والمشاريع المستقبلية، وتنتهي تلك المشاريع العملاقة ولا تجد من يستخدمها.