رسامو الكاريكاتير السعوديون وبروج العاج

رسامو الكاريكاتير السعوديون وبروج العاج

تكفينا جولة قصيرة من خلال محركات البحث في الشبكة العنكبوتية لاكتشاف مدى تباعد رسام الكاريكاتير السعودي عن هذا المجال الانتشاري الحيوي، فجل ما ستجده أمامك من رسومات هي بجهد قراء ومعجبين دون أن تلمس اهتمام من رسام الكاريكاتير في إنشاء موقعه الخاص الذي يتواصل من خلاله مع جميع الشرائح والثقافات فيسهل على الباحث من الخارج الاطلاع على حقيقة فن رسم الكاريكاتير السعودي ومدى التطور الذي وصل إليه، لتمتد هذه المشكلة من الإحجام وعدم بذل الجهد في التواصل إلى العزوف التام عن الاحتكاك والمشاركة وإبداء الرأي حول مختلف القضايا التي تمس جانب الرسم الساخر هنا وهناك، حتى استحوذت تلك البروج العاجية على رسام الكاريكاتير السعودي فأصبح يرسم من بعيد مكتفيا ببعض الانتشار الذي تحقق له من خلال صحيفته اليومية وبقليل من إطراء القراء يسعفون به بريده بين الحين والآخر، وفي الإطار نفسه أشيد بفن الكاريكاتير السوري الذي حقق انتشارا مقبولا من خلال موقع "بيت الكارتون" بريادة الفنان رائد خليل، فعكس الحقيقة والتفاصيل ومكامن الضعف والقوة حتى أنه ليسهل علينا التحدث عن الكاريكاتير السوري بأكثر مما نفعل عن الكاريكاتير السعودي. هدفي من هذا الطرح هو دعوة للرسامين والقراء إلى إيجاد حلقة ربط يتم من خلالها التواصل وتبادل الأفكار والمشاكل ليكون الكاريكاتير أكثر واقعية وملامسة لهموم المجتمع وأكثر تأثيرا في المسؤول والابتعاد عن الأفكار التي ترسم من بعيد فتذروها الرياح إلى طي النسيان دون أن تحرك ساكنا أو تسكن متحركا، فالرسم الكاريكاتيري الذي يناقش قضية خاصة أقوى وأشد تأثيرا من فكرة بمنظور عام، ومثالا على ذلك "الوحدة الصحية" فعندما نتكلم عن تردي الخدمات وتهالك المباني بالمفهوم العام ننتج فكرة جميلة ولكن لن يصاحبها تأثير كبير أو تفاعل مأمول، بعكس الحديث عنها كحالة خاصة تمس شريحة معينة من المجتمع مثل الوحدة الصحية بالحي الفلاني أو الشارع الفلاني فينتج لدينا كاريكاتير يتناول قضية خاصة ولكن له تأثير أكبر وقد يفتح الملف كاملا فيما بعد فتتحقق الفائدة، كما توحي هذه الفكرة بأن رسام الكاريكاتير كان حاضرا وشاهدا على هذه القضية ولم يكتف بالجلوس على مكتبه مرسلا سيل الانتقادات العامة من بعيد.
ومن النماذج الجميلة على هذا التفاني في العمل والاحتكاك بالجمهور لتلمس احتياجاتهم هو رسام الكاريكاتير الأمريكي "تيد" فعندما طلب منه رسم فيلم كارتوني عن أفغانستان بعد الحرب، حزم حقائبه وسافر إلى ذلك البلد رغم ما يكتنف هذه الرحلة من مخاطرة وجلس مع الأفغانيين عن قرب فأخرج الفيلم شبيها بالواقع وغير بعيد عن الحقيقة، ولم يكتف بالجلوس على مكتبه متخيلا وحالما بالذي من الممكن أن يكون.

الأكثر قراءة