آيسلندا: اقتصاد يحتاج إلى الراحة بعد فترة "النمو العظيم"
وصف هالدور أسجريمسون رئيس الوزراء الآيسلندي، التقارير التي ترصد الأوضاع المالية وحالة البنوك في بلاده بأنها غير معقولة ولا تخلو من مبالغات مريضة. وكان رئيس الوزراء يرد بهذه التصريحات على ثاني أزمة تمر بها بلاده خلال فترة قصيرة بعد الإعلان عن سحب جزء من القوات الأمريكية المتمركزة في بلاده، مع إغلاق قاعدة جوية فيها. ودعا رئيس الوزراء الآيسلندي جميع البنوك في بلاده إلى الحد من نشاطاتها التوسعية قائلا: "إذا أرادت آيسلندا أن تحافظ على سمعتها فلا بد من أن تضمن الاستقرار الاقتصادي لديها".
في غضون ذلك، قام البنك المركزي الآيسلندي بتقديم دعم واضح لهذه السياسة من خلال رفع سعر الفائدة الأساسية بقيمة 0.75 نقطة ليصل إلى 11.5 في المائة، لتتضاعف خلال العامين الماضيين وتكون أعلى نسبة في جميع الدول الصناعية عدا نيوزيلندا. من جهة أخرى جاءت هذه الزيادة لتساعد اقتصاد الدولة على مواجهة التضخم الذي بلغ 4.5 في المائة وارتفاع الأجور بنسبة 8.9 في المائة، وكذلك ارتفاع أسعار العقارات إلى 29 في المائة خلال عام واحد.
وقال دافيد أودسون رئيس البنك المركزي ورئيس الوزراء السابق، الذي يسعى من جانبه إلى الحد من التضخم في البلاد بجميع السبل، إن "الاقتصاد تلزمه الآن الراحة بعد هذه الفترة من النمو العظيم".
وكان البنك المركزي في آيسلندا يسعى من خلال زيادة سعر الفائدة إلى السيطرة على انهيار سعر العملة الوطنية (الكرونا الآيسلندية)، وهو الانخفاض الذي أثّر سلبيا في أسعار باقي العملات الصغيرة من نيوزيلندا والمجر وتركيا أيضا. فقد تراجعت أسعار صرف الكرونا في الأسابيع الماضية بنسبة تقارب 15 في المائة، إثر التقديرات المتشائمة للشركات والمؤسسات المالية الأجنبية الكبرى مثل "فيتش"، "ميريل لونش"، و"ستاندارد آند بورز".
ومع أن تلك المؤسسات المالية أشارت إلى صلابة السياسة المالية للحكومة الآيسلندية، إلاّ أنّها أشارت أيضاً إلى انفلات زمام الأمور في قطاع منح القروض من أيدي البنوك الثلاثة الكبيرة في البلاد، وغرق تلك البنوك في الديون.
وحتى وقت قصير كانت آيسلندا جنة للمستثمرين الماليين بفضل الفوائد المرتفعة لديها. فالمستثمر يأخذ قروضا بالدولار الأمريكي ويستثمرها في آيسلندا على شكل أسهم أو قروض أو في تجارة العملات، وذلك على أمل الربح من الفرق في أسعار الفوائد. ولهذا ارتفع مؤشر الأسهم في السنوات الثلاث الماضية إلى ثلاثة أضعاف.
ولكن بعد ارتفاع أسعار الفوائد في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، اضمحلّت هذه الصورة وقلت جاذبية الاستثمار في آيسلندا، إضافة أيضاً إلى أن الديون المنسية والعالية ظهرت على السطح وكذلك العجز في ميزانية دخل الدولة الإجمالي والبالغة قيمته 16.5 في المائة لتشير إلى حجم السوق الضئيلة والمُتمثّلة في 300 ألف نسمة.