المعارض التشكيلية العامة تفتقر إلى التجديد، وما زالت دون الطموح
المعارض التشكيلية العامة تفتقر إلى التجديد، وما زالت دون الطموح
ينطلق الفنان التشكيلي بإبداعه وموهبته وما يملكه من إمكانات وقدرات فنية نحو فضاءات العوالم من حوله وفي المحيط الذي يعيش فيه و يعرض أعماله ويقدمها للجمهور والنقاد لينقل عالمه الخاص ورؤيته الفلسفية وتجربته الفريدة . فاللوحة التشكيلية لم تعد مجرد مزاج حالم أو فن عديم الفائدة بل أصبحت من أساسيات الحياة الاقتصادية فيتجلى دورها في العمارة والديكور وجمال المواقع الداخلية والخارجية وجمال المباني بشكل عام .
يقدم الفنان نفسه – أعماله – في صالات الفنون وداخل أروقة المعارض وفي الأماكن العامة ففي تلك الأماكن يولد وينشأ الفنان, ويترعرع وينمو ما يصدر المتلقون أحكامهم ويعبرون عن آرائهم تجاه تلك اللوحات فتكون المحرك الأساسي والدافع الرئيس للانطلاق نحو آفاق النمو الإبداعي .
تأتي المعارض العامة لتضع الفنان المبتدئ على أولى الدرجات آخذة بيده ومشجعة له لدخول عالم التنافس مع النفس أولاً ومع المجتمع التشكيلي ثانياً. هذه النظرة استشعرتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب منذ توليها مهام ومسؤوليات الحركية التشكيلية فوضعت الخطط وصاغت الأهداف التي تحقق الطموحات والتطلعات إلى تطوير الفن التشكيلي السعودي معتمدة على الركيزة الأساسية في هذه السلسلة وهو الفنان فعملت على تشجيعهم واكتشاف مواهبهم واقتناء أعمالهم , وتوجيههم إلى ضمان استمرار تطورهم وعطائهم الفني , متطلعة إلى الوصول إلى مصاف الدول المتميزة في هذا المجال المهم جداً الذي يشكل إحدى ركائز الحضارة والتقدم.
لأجل ذلك أقامت الرئاسة العديد من المعارض والمسابقات حيث أقيمت المسابقة الأولى للفنون التشكيلية في جميع المناطق عام 1396هـ كذلك أقيم المعرض العام للمقتنيات أول مرة عام 1396هـ والمعرض العام لمناطق المملكة دورته الأولى عام 1397هـ. وفي عام 1399هـ أقيم معرض الفن السعودي المعاصر لأول مرة, إضافة إلى ذلك فقد أقام المعارض الفردية للتشكيليين السعوديين واستضافت العديد من الفنانين الدوليين ليعرضوا أعمالهم أمام الجمهور التشكيلي السعودي للاطلاع على تجاربهم وخبراتهم .
كل ذلك أثرى الحركة التشكيلية السعودية , وأفرز جيلاً فنياً يملك الخبرة والموهبة والإبداع وأرسى ملامح الفن التشكيلي السعودي ونقل صورة حقيقية للمبدع طوال السنوات التي خلت. اليوم ونحن ندخل مرحلة تعج بالمتغيرات منطلقة من العولمة بمفهومها الواسع ومدلولاتها المتنوعة آخذة بالمجال الفكري والثقافي الذي على أساسه تتشكل هوية المجتمع الذي تسعى الدول من خلاله لإثباته وحماية حضارتها وقوميتها.
ففي هذه الفترة التي تشهدها الساحة الثقافية خاصة بعد أن أصبح الشأن الثقافي بأكمله تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام, بدأت الوزارة عملية رصد ومتابعة ما يدور في الوسط الثقافي وما يحتاج إليه المنشغلون بهذا الهم للوصول إلى الأهداف والغايات الطموحة.
يأتي الفن التشكيلي بامتداده الثقافي وعمقه الزمني وتاريخه المشرف لينال جانباً من اهتمام الوزارة لتشكل تواصلاً وتكاملاً مع أصحاب الرؤى الفنية باختلاف ثقافاتهم في محاولة وسعي لتجاوز بعض الجوانب التي تعيق المسيرة , ولتؤسس فكرا فنيا عميقا, متطلعا إلى مستقبل تشكيلي سعودي على أساس بناء متين.
بخطوات ثابتة بدأت الوزارة أعمالها فكونت لجنة استشارية تضم نخبة من أصحاب الشهادات العليا وكوكبة من الفنانين المعاصرين للحركة التشكيلية منذ بدايتها .
للتشكيليين آمال وطموحات ولهم رؤى وتجارب تحمل بين جوانبها العديد من الأفكار ,يأمل هؤلاء الفنانون أن يقدموا ما لديهم , وينقلوا خلاصة مشوارهم للأجيال القادمة .
نسعى من خلال هذه الصفحة أن نكون جسراً للتواصل مع المسؤولين عن المشهد التشكيلي من جانب والفنانين والمهتمين بالفن التشكيلي من جانب آخر .
يأمل الفنانون أن تتنوع المعارض وأن تشمل جميع جوانب الإبداع من تشكيل وتصوير فوتوغرافي وخط عربي, تصميم وغيرها حيث ظهرت فنون جديدة لم تكن موجودة ولم تنل نصيبهاً من الاهتمام والرعاية . إضافة إلى إقامة معارض متخصصة كمعرض لفن البورترية وآخر للنحت وثالث وغيرها .
يأمل الفنانون أن تتبنى الوزارة سياسة إقامة معارض فردية لعدد من الفنانين على هامش المعارض العامة .
من يبحث عن كتاب أو مؤلف عن فنان سعودي لا يجد ذلك , فالمعلومة شحيحة , وما كتب عن الفن السعودي لا يقارن بما قدمه الفنانون , فلو أصدرت الوزارة كتاباً أو كتابين أو أكثر من ذلك مع كل معرض من المعارض التي تقام ستشهد المكتبة التشكيلية كنزاً ثقافياً تشكيلياً خلال مدة وجيزة .
الفن التشكيلي فن النخبة وجمهوره قلة في كثير من الدول , فقلة الحضور وعدم تفاعل المجتمع مع المعارض ليس عائقاً لمواصلة تأسيس مشروع ثقافي تشكيلي , فالإصرار والعزيمة طريق النجاح وهو مبدأ نتمنى أن تسير عليه الوزارة .
وبعد ... تبقى أمامنا قضية مهمة تعاني منها جميع الأوساط الثقافية تلك مسألة تكريم الرواد ومن خدم فنه ومجتمعه , ويكون رائعاً حينما ينال الفنان هذا الشرف في حياته , فكم نتمنى أن نرى في كل عام شخصية تشكيلية أو أكثر تحمل على الأعناق وتكرم على مستوى الوزارة وكذلك يكون هناك تنسيق مع أمانات المدن لتحمل بعض الشوارع أسماء النخبة من التشكيليين . .
أمانٍ ليست مستحلية مع العمل الجاد .