الحكومة الألمانية تدرس إدخال تعديلات على عقود التوظيف

الحكومة الألمانية تدرس إدخال تعديلات على عقود التوظيف

"إذا كثر الطهاة فسدت الطبخة" .. هذه هي القاعدة الذهبية التي يتبناها ويسير عليها الطهاة من أجل إعداد طبق شهي يلقى القبول. وتنطبق هذه القاعدة أيضا على المشرعين الذين يقومون بإعداد القوانين الجديدة، فقد يكون مجرد اشتراط طرفين اثنين فقط كافيا لإفساد الطبخة برمتها، خاصةً عندما يكونان غير قادرين على الاتفاق على وجهة نظر واحدة، وخير دليل على هذا ما يجري حاليا من جدل ومناقشات حول قوانين التوظيف الجديدة في ألمانيا.
النقاش في ألمانيا يدور حاليا بين قطبي الائتلاف الحاكم، فالحزب المسيحي الديمقراطي يرغب في أن يمنح القانون أصحاب الأعمال مزيدا من المرونة في مجال تسريح الموظفين، بينما يتمسك الحزب الاشتراكي الديمقراطي بشدة بحماية مصالح الموظفين والعمال. والجميع يخشى العواقب والآثار السلبية لأي تعديل، وفي كل الأحوال وقبل أن يتم إعداد هذا القانون أو ذاك ترتفع أصوات العمال وأصحاب العمل على حد سواء برفض هذه الطبخة التي فسدت حتى قبل أن تبدأ.
وينوي الحزبان الكبيران إدخال تعديلات في قانون الحماية من الفصل والتسريح وفقما ورد في وثيقة الائتلاف، ويريد كل حزب أن يقدم شيئا لناخبيه، وهنا بالفعل تكمن المشكلة. فالحزب المسيحي الديمقراطي يقترح تمديد فترة العمل التجريبية للموظفين الجدد من ستة أشهر (وفق نص القانون الحالي) إلى عامين يظل فيها الموظف أو العامل الجديد تحت الاختبار. لكن في المقابل يرفض الحزب الاشتراكي أن يعني تلقائيا إمكان فصل العامل أو الموظف دون إبداء أسباب منطقية. فإذا كان أصحاب العمل هنا سيرحبون بتمديد فترة العمل التجريبية التي تمنحهم مرونة في اتخاذ قرارات التسريح، إلا أن من وجهة النظر الأخرى يعني وجوب التوصل إلى اتفاق ما لإنهاء علاقة العمل بحيث لا يتم الأمر بصورة أوتوماتيكية.
وتجد الكثير من الشركات قانون الحماية من الفصل في شكله الحالي حائلا أمام رفع مزيد من القضايا القانونية، وهذا ينطوي على الكثير من الأسباب ويعتمد بعضها على الجهل، إذ تعتقد الكثير من الشركات الصغيرة أن القوانين تسري عليها أيضاً، برغم أن القانون لا يشمل الشركات التي لا تضم أكثر من عشرة موظفين، أضف إلى هذا أن الكثير من الدراسات ترى أن هناك مبالغة في تقدير تأثير قانون الحماية من الفصل. ولم يتوجه سوى نسبة لا تزيد على 16 في المائة فقط ممن تم فصلهم إلى المحكمة لعرض شكواهم. ويبقى السؤال: ما الثمن الذي يدفعه أصحاب العمل مقابل فصل العمال أو الموظفين؟
من الممكن أن يتم استيعاب خطط الائتلاف الحاكم بشكل معقد من جانب الشركات، خاصةً عندما تظهر التشريعات المناهضة للتمييز. ففي قانون العمل لا تسمح بإلغاء التشريعات الصادرة إلا من خلال توصيات أوروبية. ولا يوجد تخفيف لقانون الحماية من الفصل إلا في حالة كان في الإمكان ربطه بخيار تمديد فترة العمل التجريبية والمهلة القانونية القائمة، وهذا من المفترض ألا يزيد في ثقل العبء المفروض على الموظف.
وقد يغيب عن الذهن غالباً أن أكثر تلك القوانين تأثيراً هي على الشركات المزدهرة التي لا يمكنها أن تتحمل التخلي عن واحد من موظفيها، وأرباب العمل، فهم يعملون على تحفيز موظفيهم على المدى الطويل، ويريدون ربط أنفسهم بهم، ويقدمون فرصة عمل غير محددة الأجل.
ومن المفترض ألا يُمنع الآخرون على الأقل من توظيف الأيدي العاملة حتى فترة زمنية محددة ومعلومة الأجل. وعلى ما يبدو أن فرانز مونتفرينج وزير العمل يريد أن يتمسّك بمشروعه رغم الانتقادات الشديدة، ولكن إن كان فاعلا فعليه أولا أن يحمل كل هذه الانتقادات محمل الجد.

الأكثر قراءة