من ينجح في إعادة إيطاليا إلى طريق المستقبل المشرق؟

من ينجح في إعادة إيطاليا إلى طريق المستقبل المشرق؟

عندما يتوجه الناخبون الإيطاليون اليوم إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، لن يكون العنصر الحاسم لهم هو الفارق في البرنامج الاقتصادي بين المتنافسين أو توجههم السياسي من يمين أو يسار، بل إن الأمر سيكون بمثابة استفتاء على شخصية رئيس الوزراء سيلفيو بيرلوسكوني، فهل سيقول له الناخبون نعم أو لا؟
ويحكم بيرلوسكوني، رجل الأعمال الناجح البالغ من العمر 69 عاما، إيطاليا منذ عام 2001، ومنذ ذلك الحين دأب على أن يخيب آمال الكثيرين ممن انتخبوه. فإذا ما قارنا تصورات وتصريحات بيرلوسكوني قبل خمس سنوات حول المستقبل المشرق لإيطاليا نجد أنه أحدث هزة كبيرة في حجم التطلعات والطموحات حول التحديث الشامل في الدولة.
وظهر بيرلوسكوني بصورة متكررة خلال العامين الأولين من حكمه بصورة السياسي العصبي الغضوب بدلاً من أن يُظهر نفسه بصورة الشخص الحاسمً في اتخاذ القرارات، كما هو الحال معه عند إدارة إمبراطوريته التجارية. وخلال فترة حكمه ظهرت خلافات ونزاعات كلها كانت تدور حول شرعية وجود بيرلوسكوني في الحكم بسبب تداخل المصالح مع أصحاب الشركات الإعلامية، كما دخل في عدة خلافات مع المجتمعات المهنية الراغبة في إعادة هيكلة البنية التحتية، إضافة إلى نزاعاته المتكررة مع شركائه في الائتلاف الحاكم.
وبرغم هذا الفشل إلا أن بيرلوسكوني عرض خلال الحملات الانتخابية الكثير من التفاصيل الناجحة، فقد ظلت ضريبة الدخل في حدود ما يعادل 33 في المائة، كما أن بيرلوسكوني أوفى بالوعود الانتخابية الأربعة الأخرى في قطاع الاقتصاد إلى حدٍ بعيد، وهي إلغاء ضريبة نقل رأس المال، رفع حجم الإعفاء الضريبي لأصحاب الدخل المتدني، مضاعفة الحد الأدنى من الأجور التقاعدية، ورفع حجم عدد الموظفين إلى نحو 1.1 مليون.
وبالتعاون مع بعض خطط إعادة الهيكلة ومخططات إعادة الهيكلة المُصغّرة، أشار بيرلوسكوني إلى المزيد من التغييرات أكثر مما حدث في عهد حكومات يسار الوسط ومنهم رومانو برودي منافس بيرلوسكوني الرئيسي في الانتخابات المقبلة، وماسيمو داليما وجوليانو أماتو، وذلك خلال الأعوام بين 1996 و2001، ولكن حكومة بيرلوسكوني شاركت حكومات يسار الوسط ذلك الفشل في تحقيق انتعاش في القدرة التنافسية للاقتصاد الإيطالي، ولهذا انخفضت حصة إيطاليا من حجم التصدير العالمي بصورة ملحوظة.
وبدلا من الخوض في نقاش حول القضايا الرئيسة والبارزة ومحاولة الخروج بالبدائل المناسبة، يفقد النزاع الانتخابي في إيطاليا نفسه في مواجهة فروق داخلية في برامج حلف برودي المكوّن من عشرة أحزاب، وائتلاف الأحزاب الأربعة التي يتقدمها بيرلوسكوني. ذلك لأن كل حزب يريد أن يميّز نفسه باستخدام الحقوق الانتخابية ضد المتحالفين أنفسهم، بدلاً من وجود فاصل واضح بين المشاركين. وتبقى فقط بعض الاقتراحات القليلة لدى المرشحين موثوق بها، كتلك التي وعد بها برودي بخفض الضرائب الاجتماعية نحو 5 في المائة، وفي المقابل لا يزال بيرلوسكوني يعد مرةً أخرى برفع المعاشات التقاعدية الحكومية، والإعفاء الضريبي من ساعات العمل الإضافية.
ويحجب النقاش حول شخصية بيرلوسكوني النظر إلى الأمور الجوهرية، حيث تميّزت البنية التحتية الاقتصادية في إيطاليا بنجاحها ضمن السوق الأوربية الداخلية خلال فترة التسعينيات، بينما تواجه اليوم خلال العقد الجديد صعوبات كبيرة على صعيد السوق العالمية. ولهذا كان على إيطاليا أن تعمل على تجديد وضعها الاقتصادي عن طريق العزم والجدية. ولكن لا يبدو أن برودي، ولا حتى بيرلوسكوني، ستكون لديهما القدرة عقب الانتخابات للقيام بذلك.

الأكثر قراءة