الكاريكاتير اللبناني ... فقرة ربط!!
يعاني الكاريكاتير اللبناني من أزمة حقيقية في جانبين لا يحتمل معها التصنيف سوى القول إن الإصابة جاءت في "مقتل"!! هذان الجانبان هما المستوى الفني والطرح، ولو توافر الأول للبعض فإن الثاني يستعصي وإن توافر الثاني فيكون الأول عندها أكثر عزوفاً.
رحل محمود كحيل، وكان الرجل استثناءً بموهبته وقراءته السياسية الرحبة، وقد صوت الكثيرون لصالح قوة الكاريكاتير اللبناني في فترات مضت لا لشيء سوى لاعتقاد ساد حينها أن الغالبية يمثلون نسخاً عن كحيل!
تنشر الصحافة اللبنانية اليوم أعمالاً لعدد كبير من الرسامين أغلبهم ممن أمضوا سنوات طويلة في الممارسة، ويمكن القول إنه ببحث من متابع لا يمكن الحديث عن قدرات مميزة سوى لدى كل من أرمان حمصي ورسام آخر يعمل من خلال فنتازيا لا تهتم كثيراً بالتفاصيل وهو سعد حاجو... وليتني أكون مخطئاً! يأتي هذا في وقت من المعتقد أن الصحافة اللبنانية فيه في أمس الحاجة لأكثر من فنان موهوب يرصد ما يجري على الساحات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية خصوصاً إذا علمنا أن الفضائيات اللبنانية تبث برامج ناجحة للسخرية من "مهمة" المفارقات على الساحات الثلاث بطريقة كاريكاتورية مصورة، ومنها على سبيل المثال برنامج "لا يمل" الذي تبثه قناة المستقبل.
تنامت الأسئلة لدى المتابعين وتضخمت مع مرور الوقت عن السبب الحقيقي وراء "تواكل" الصحافة اللبنانية واكتفائها بتكرير ذاتها في الجانب الساخر، ولا أحد في واقع الأمر يقف على أسباب هذا التداعي وإصرار الصحف على عدم تكليف نفسها عناء البحث عن "قادرين"!! ويبدو أن المتلقين من المثقفين وصلوا لمرحلة من القناعة مفادها أن الجرح اللبناني أكبر من الفهم السائد حتى عند النخب... صادقها ومفروضها!!
"الغلظة" في التناول استحالت إلى سمة ملازمة لأغلب مخرجات الكاريكاتير اللبناني، وهو مأزق وقع فيه كثيرون قبلهم وعملوا جاهدين حتى تجاوزوه... ولم يظهر للمتابعين حتى الآن سوى ظهور مبادرات خجولة من طرف بعض الصحف اللبنانية لإعادة تقديم مفهوم الكاريكاتير برؤية ومواهب جديدة. ومع أن المناخ الفني والثقافي في لبنان يتسم بالتعدد والثراء إلا أن هناك قناعة إعلامية مفادها أن "الموجودين فيهم الخير والبركة"، وهذا لن يساعد كثيراً على مواكبة ما تشهده المجالات الإعلامية الأخرى في لبنان من تطوير ساعد الكثيرين على تأصيل القناعة بأن اللغة الإعلامية اللبنانية جديرة بما وصلت إليه من تشكيل للسيادة حتى وإن كان من خلال تطبيق مفهوم "الإزاحة"!!
هل سيبقى المحتوى الكاريكاتيري اللبناني موازياً لما في فقرات الربط من قيمة فنية إعلامية؟
مساحة الإجابة مغلقة لحين تفتيت الجرح والبدء بتعريته من بنده الأول... الإنسان اللبناني بغربته وهجرته، غضبه ورضاه، فرحه وعزائه، أمله وإحباطاته... وتطول القائمة!!
الكاريكاتير اللبناني بحاجة لمن يتبنون تجديداً يكون موضوعه الإنسان، ولا أعتقد أن هناك من هو أقرب لتجسيد هذا المفهوم من سعد حاجو مع كل التحفظات!!