الأصالة والمعاصرة

الأصالة والمعاصرة

قبل نحو أكثر من 50 عاماً .. كان الحديث عن الفنون هنا ضرباً من ضروب الخيال .. وهو وإن كان معدوماً أصلاً فهو شيء غير مقبول حتى الحديث عنه .. وفي بيئة كهذه البيئة يعتبر العمل بالرسم نوعاً من التحدي .. ولكن يبقى دائماً هناك أشخاص لهم بصماتهم وقوتهم المؤثرة التي يتحقق على أيديهم علامات إنسانية تكون في خدمة الحضارة .. وتلامس أعتاب الزمن في مستقبله الطموح .. وباب الفن التشكيلي من الأبواب التي ظلت موصدة ردحاً طويلاً لأنها كانت مهنة تتنافى مع العرف والتقاليد حسب المفهوم المتبع آنذاك .. وإن نحن علمنا بأن الفن عموماً هو ذائقة جميلة يتحلى بها كل البشر وكل من يفقهون المعنى الحقيقي للجمال قد لا تغيب عنهم هذه الرسالة .. وهذا المعنى الذي يؤكد أهمية الفن والجمال في كل شيء .. وخلال هذه المسيرة الإنسانية تتشكل قدرات بشرية جلبها الله وهيأها للخدمة الإنسانية .. والمضي قُدماً في سبيل إثراء الحياة بجمال ومدلولات ذات أبعاد عميقة تهدف إلى تكوين بُعد ومفهوم آخر يضفي جمالياته على تعاملاتنا اليومية.

"اللون" .. وعلاقته بالارتياح النفسي
الحرص على جمال الألوان والفراغ كاملاً يبدأ عند قليلي الخبرة مبكراً ممن يستعدون للبناء أو أولئك الذين هم على وشك الانتهاء من مرحلة (اللياسة) في مسكن العائلة فيبحثون عنه في مرحلة (الدهانات) لتمتلئ جمالاً من خلال تكوينات لونية ظهرت باستخدام أكثر من أسلوب مثل (التعتيق والترخيم أو تعدد الألوان) مما يعطي نتائج وإن كانت حسنة للوهلة الأولى إلا أنها مملة لاحقاً وغير قابلة للتجديد.
ولكن عندما يكون تصورنا للجمال أعمق لما بعد التأثيث باستخدام لون أو أسلوب توزيع لوني خاص على جميع الجدران فلن يكون من الصعب تجديد الغرفة لاحقاً وذلك بتحريك بعض محتوياتها أو إكسسواراتها وأقمشتها. وإن إعطاء هذه المساحة ألواناً للحوائط والأرضيات تتناسب مع الساحات المفتوحة حولها يقلل كثيراً من إزعاجها وقد تظهر أكبر من حقيقتها. الفنان التشكيلي له دور كبير في مسألة استخدام الألوان وتناسقها في كثير من الانسجام في زوايا ومداخل البيت وغرفه المتعدد .. حتى أرضيات وحيطان وأسقف المطبخ والحمامات وأماكن الجلوس وغرف النوم .. وقد يسهم البعد اللوني المكون للذوق العام في جعل المسكن هو المملكة الخاصة للساكن وأسرته .. والوجه الباسم لضيوفه.
وقد استطاع الفنان المبدع تحقيق هذه المعادلة من خلال لمساته الرائعة في عدد من الأماكن في مناطق متعددة .. ويبقى أن من أصعب الأمور أن تجعل هناك توافقاً بين ذوقك الخاص وبين أسرة ستعيش في هذا المسكن .. الكل له رأيه وذوقه الخاص .. ولكن ممارسة فن الإقناع له دور كبير في الوصول إلى الهدف .. وحقيقة الأمر أن من يستدعي فناناً تشكيلياً للمساهمة في وضع فكرة الانسجام اللوني والزوايا المبتكرة يكون مؤمناً تماماً بالنتائج التي ستظهر عليها تلك التصورات .. فرغم أنه يحاول طرح رغبات المعنيين بالأمر .. إلا أنه يحرص على وضع تجربته الشخصية.
وتتميز اللمسات الفنية الإبداعية التي يقدمها الفنان بالانسجام التام في الألوان والتوافق في الذوق العام مما يجعل التكامل هو العنصر السائد في كل وضعيات العمل الفني .. حتى مسألة التدخل في ألوان الأخشاب المستخدمة والستائر والأبواب ومقابض ودربزينات السلالم .. ناهيك عن وضعيات الإضاءة والقطع المعلقة واللوحات الفنية وهذا هو التميز المطلوب.

الأكثر قراءة