نفتقد العديد من المقومات الأساسية لقيام حركة تشكيلية

نفتقد العديد من المقومات الأساسية لقيام حركة تشكيلية

بداية نود أن نعرف ماذا يعني لك العمل الفني؟
هو جزء من كياني، يتنفس ويتغذى ويرتوي وينمو ويتأثر ويؤثر ويتطور ويتغير.
نجد بعض الفنانين يميلون إلى استخدام ألوان معينة أو عادة ما تطغى تلك الألوان على أعمالهم وإنتاجهم، هل نجد ذلك عند أحمد منشي؟
إن اللون والتوجه (النهج الفني) يمليهما الموقف الجمالي في أعمالي، حيث إني لا أنتهج مذهباً فنياً معيناً، وإن كنت أميل إلى المذاهب: التجريدي والرمزي والانطباعي، فطالما أننا نعنى بالثقافة البصرية فمن الطبيعي أن تلعب الألوان دوراً بارزاً في تأكيد أو ترجمة الفكرة فلا دخل للميول والحالة النفسية الذاتية في نتاجي الفني، ولكن قد يكون الانطباع شيئا آخر.. وحالة أخرى.
متى توقع على العمل الفني ليكون مناسبا للعرض؟
عندما أتمكن من بلورة وترجمة الفكرة ذهنياً وحسياً بشكل أقرب للكمال من وجهة نظري.
اللوحة عند أحمد منشي تبدأ بالفكرة أم تولد الفكرة لحظة إمساك الفرشاة؟
عادة أبدأ اللوحة بعد ولادة الفكرة وأتعايش مع أبعادها من عدة زوايا، ومن ثم أختزلها، وأعاود استحضارها، واختزلها مرة أخرى، وهكذا دواليك، فما نراه من جهة الشرق قد يكون مغايرا من جهة الغرب، ونادراً ما تولد الفكرة لحظة إمساكي الفرشاة أو السكين، لذا يلاحظ أني من المقلين من حيث النتاج، حيث إني ممن يهتم بنظريات النوعية لا الكمية.
هل ترى أن التعليم الأكاديمي يعطي الحق للرسام أن يكون فنانا؟
العملية الإبداعية تتكئ في الأصل على الموهبة، ومن المفترض صقل تلك الموهبة بالدراسة والتدريب، لتكتسب الخبرات المتعددة والمتنوعة (امتلاك أدوات الإبداع)، ولكن في العالم الثالث والدول النامية نجد أن كل من يلوح بفرشاة يعد فناناً، فلو أننا سلمنا جدلاً بأن سؤالك يمثل حقيقة واقعية لرأينا تضخما هائلا من الفنانين، قياساً على عدد خريجي تلك الأكاديميات الفنية من دارسين أو طلاب، على كل حال ينبغي أن ندرك أن الفنان عملة نادرة في جميع الأحوال.. وعلى مر العصور..
ونحن نعيش في هذا العالم المتغير المضطرب كيف ترى واقع المدارس الفنية المختلفة؟
المدارس الفنية هي في الأصل نتاج نظريات فلسفية قائمة مهما طرأ على عالمنا من متغيرات واضطرابات، فجميع الثورات الفنية على مر العصور وقفت عاجزة عن إلغاء أي من تلك المدارس، بل إن تلك الثورات المتمردة قد تسببت في تألق تلك المدارس والمذاهب الفنية، فمازال هنالك معتنقون لتلك المذاهب والمدارس حتى عصرنا الحاضر على أقل تقدير، إلا أني أرى في الأفق عودة حميدة للتشكيليين لمنبعهم الأصلي (فن العمارة)، ولكن بصورة ووضع مغاير.
الفن المفاهيمي أين موقعه لدى الفنان السعودي بشكل عام وأحمد منشي بشكل خاص؟
ما زال الفنان السعودي في طور البحث عن الذات الفنية، لذا نجده يتنقل من مذهب فني إلى آخر.. والمفاهيمية هي إحدى تلك المحطات، لمسايرة أو مجاراة المتغيرات على الساحة العالمية إن صح التعبير، وأحمد منشي عود في تلك الحزمة.. إلا أن الموقف الجمالي هو الذي يحدد المذهب الفني الذي أستطيع من خلاله ترجمة وبلورة أفكاري.
كيف ترى واقع الحركة التشكيلية السعودية؟
في الواقع ليس لدينا حركة تشكيلية بالمعنى الصحيح كمصطلح، إذ إننا نفتقد العديد من المقومات الأساسية لقيام حركة تشكيلية، التي من أهمها: الدراسات التخصصية، البحوث العلمية، المتاحف، وغيرها، إلا أننا لا ننكر وجود ممارسة تشكيلية نشطة وجادة لدينا، أفرزت تجارب فنية راقية تقارع مثيلاتها على المستويين الإقليمي والعالمي.
بيت التشكيليين ماذا قدم للفنانين التشكيليين في جدة، وما الدور المطلوب منه في هذه الفترة؟
بيت التشكيليين عاجز عن تقديم أي دور إيجابي، فليس هنالك غاية أو غرض أو أهداف واضحة بعيدة المدى، وإنما هي وقتية مثل موجة مهدرة منكسرة على الصخر، وسوف نظل ردحاً من الزمان نعاني من أزمة انعدام الوعي.

"مشاكس" لقب أطلق على الفنان أحمد منشي، هل لك أن تحدثنا عن قصة هذا اللقب؟
مشاكس من الألقاب التي أعتز بها كثيراً، فلقد أطلقه علي الصحافي المرموق الأستاذ: فهد الشريف المشرف على ملحق الأربعاء سابقاً، نتيجة لما أثيره من قضايا تشكيلية جادة ومهمة وجريئة في آن واحد سابقاً عبر الملحق الأسبوعي (الأربعاء) في جريدة "المدينة".
نجد أن هناك غيابا للأسماء التشكيلية المعروفة عن المعارض الجماعية التي تقيمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب سابقا، ما الأسباب - في رأيك - التي أبعدت هذه المجموعة عن تلك الفعاليات؟
أين برامج وخطط هذه الجهة الرسمية من المتغيرات التي طرأت على الساحة التشكيلية محلياً وإقليمياً وعالمياً؟ فمعظم المشاركات تأتي عن طريق دعوة شخصية للفنان من قبل مؤسسات وجمعيات خارجية، أو عن طريق المحافظة على المصالح الشخصية.
ما الدور الذي يقع على عاتق رجال الأعمال تجاه الفن التشكيلي؟
دور وطني اجتماعي كبير، ولكن قبل المطالبة لرجال الأعمال بالقيام بذلك الدور، هل قام الفنانون بدورهم لتفعيل ذلك الدور.. ؟ أم ما زالت.. هنالك حلقة مفقودة. وهذا هو الأرجح في رأيي.
هل ترى أن الإعلام بكل وسائله قدم الفن التشكيلي السعودي بالشكل الذي يليق به؟
إن وسائل الإعلام بصفة عامة أساءت للفن التشكيلي بحسن نية، فالصحافة ما زالت تقوم بدور ضمن الروتين التقريري المتنوع للعمل الصحافي غير المتخصص، لذا أتمنى من وسائل الإعلام استقطاب الكتاب الجادين في هذا المجال، هنالك خلل ما.. يستوجب المعالجة بطريقة علمية سليمة.
هل من كلمة أخيرة تود أن تقولها من خلال هذه الصفحة؟
إن الحديث عن الفن له شجون، فما بالنا لو كان هذا الفن قد شكل لنا هماً وهاجساً يشغل فكرنا ويداعب أحاسيسنا ويدغدغ مشاعرنا وينقي ضمائرنا، ويحفز هممنا للنهوض بمجتمعنا ثقافياً وفكرياً واجتماعياً، للانتقال من مرحلة الوعي عبر اللا وعي إلى مرحلة وعي الوعي، من خلال فتح باب الحوار والجدال العلمي والاختلاف لا الخلاف، الذي يشكل المفتاح الذي نبحث عنه في بقعة الضوء، فما أحوجنا إلى مصداقية المكاشفة التي تجلي الظلمة في دجى الليل.

الأكثر قراءة