هل يواكب العرب ثورة الاتصالات والمعلومات؟!

هل يواكب العرب ثورة الاتصالات والمعلومات؟!

هل يواكب العرب ثورة الاتصالات والمعلومات؟!

حين تتجول في معظم العواصم العربية تفاجئك كثرة مقاهي الإنترنت مثلما تدهشك كثرة أجهزة الهاتف الجوّال في أيدي الناس صغارهم قبل كبارهم حتى أطفال روضات المدارس، فتظن أن ثورة التقنيات والمعلومات الحديثة وصلت إلى كل بيت وقرية، أو أنها على وشك ذلك. وكثير من الكتاب والمهتمين ذهبوا هذا المذهب ظنا منهم أننا بخير وكفاية من هذه الطفرة التكنولوجية، وأن الأمية الثقافية قد انتهت وانمحت من الوجود، بل إن عندنا "كما" وفيرا من وسائل الوصول إلى المعلومات إلى الحد الذي بات بعضنا يخشى فيه من اندثار الصحافة المكتوبة لصالح "صحافة الإنترنت"، غير أن الأرقام لها حديث مختلف، وقد يكون مفاجئاً للجميع أو أنه بالتأكيد سيصيب كثيرين بالصدمة!!
تقول الأرقام التي نشرت أخيرا إن العالم العربي لا يزال ـ بكل أسف ـ من بين المناطق الأقل حظا في الثورة الرقمية العالمية، إذ لا تزيد نسبة مستخدمي الإنترنت فيه على 3.7 في المائة رغم الإمكانات المادية الضخمة. ويعيد باحثون ـ مشاركون في المؤتمر العالمي لتنمية الاتصالات 2006، الذي انعقد في شهر آذار (مارس) الماضي في العاصمة القطرية (الدوحة) ـ أسباب تدني نسبة استخدام الإنترنت في الوطن العربي، إلى عوامل تقنية أو فنية أو تشريعية.
ويشير هؤلاء إلى أن الحضور العربي على الشبكة العنكبوتية يكاد يكون منعدما، باستثناء قلة قليلة من المواقع ذات الصبغة الإخبارية أو الشخصية، في حين أن الاتصالات الداخلين بين الدول العربية بالإنترنت غير موجودة، وجميعها تضطر إلى المرور عبر أوروبا أو الولايات المتحدة للانتقال من مستخدم إلى آخر، مما يسهم في ارتفاع تكلفة استخدام الإنترنت، ويهدر وقتا إضافياً، إضافة إلى أن بعض المستثمرين يشكون من "غياب الإطار التشريعي" في الدول العربية، مما لا يشجعهم على ولوج هذا الميدان الحيوي.
وعندما نتحدث بلغة الأرقام: فإن آخر إحصائية لسكان الوطن العربي تشير إلى أن عددهم 316 مليون نسمة، وأن الناتج القومي الإجمالي يبلغ 813 مليار دولار ومتوسط الدخل الفردي يصل إلى 2571 دولارا، بينما عدد مستخدمي الإنترنت لا يتجاوز 12 مليون شخص حسب إحصائيات الاتحاد الدولي للاتصالات، ولا تتجاوز نسبة الحاصلين على الخدمة 3.71 في المائة.
أما الهاتف الجوّال فوضعه أفضل بامتياز؛ حيث تبلغ نسبة استخدامه 15.1 في المائة وعدد المشتركين فيه يقترب من 47 مليون شخص، وعلى وجه تقريبي فإن الإقبال على الهاتف الجوّال بات أكثر من الإقبال على الهاتف الثابت ـ حسب المصادر نفسها ـ وتقول المعلومات إن مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى تضم 390 مليون مستخدم للإنترنت، في حين أن بقية دول العالم كله تضم فقط ما يقارب 450 مليون مستخدم.
ومما لا شك فيه أن تطور استخدام الإنترنت يختلف من بلد إلى آخر، لكن الأرقام تؤكد أيضا "ضعف البنية التحتية" في الدول العربية، إلى جانب انتشار الأمية العادية والأمية الإلكترونية. ويرى بعض الخبراء أن دول مجلس التعاون الخليجي تتقدم بشكل سريع جدا في هذا المضمار، ويشيرون إلى أن مستقبل العرب في تكنولوجيا الاتصالات يدعو إلى التفاؤل، لكنهم في الوقت الحاضر يعانون من هوة رقمية هائلة رغم الحديث عن "خصخصة" قطاعات الاتصالات في الدول العربية ووجود هيئات اتصالات مستقلة وقوانين وتشريعات جديدة لتشجيع الاستثمار توصف عادة بالعصرية والمتطورة.
بقي أن نقول ـ وباختصار شديد ـ إن ردم الهوة الرقمية يحتاج إلى جهود كبيرة وفاعلة للغاية من الأجهزة الحكومية والقطاعات الأهلية في الدول العربية، وذلك من خلال العمل على تعزيز ودعم دور القطاع الخاص العامل في هذا المجال الحيوي الذي لا غنى عنه وتوفير جميع التسهيلات والإمكانات الممكنة لخدمة ذلك القطاع.

الأكثر قراءة