المغزل - قصص قصيرة
المغزل - قصص قصيرة
لدينا مغزل..
وبين يدينا غزّالون..
ومن الغزّالين أنسجة لثوب..
والثوب هو المغزل.
والغزالون نسجوا كلاً على حدة..
لنخرج بسبعة عشر نسيجا مختلفة في نسجها وألوانها ورؤاها وأفكارها.. فلنسجنا هنا رؤى وأفكار، ننثرها فتسع أناسين مختلفين برؤاهم ونظرتهم للحياة، ونجمعها فتسع إنسانا واحدا بكل همومه وآلامه وأحلامه ونظرته الخاصة به.
لكن ما الإطار الجامع لهذه المجموعة..
وما الجامع بين هؤلاء الغزالين؟!!
كلهم سعوديون..
فالغالب على هذه القصص أن تكون ابنة هذه البيئة.
وكلها قصص قصيرة..
فهي مشغولة بالصورة السريعة واللمحة العابرة.
وكلهم جدد..
فالأمل بهم وعليهم كبير في مقبل الأيام.
وكلها مشغولة بالهم الإنساني..
فهي صالحة لكل زمان ومكان لأن الهم الإنساني واحد, وإن اختلفت ألوانه وأجناسه ولغاته.
وأيضا كلهم (وكلها) إلكترونيون ينتمون إلى رفقة منتدى أو منتديات شبكية..
وسنتحدث عن تأثير ذلك في إبداعهم لاحقا.
شغلني بداية أن المجموعة مشغولة بفاتحة.. ثم هي مشغولة بعد ذلك بمقدمة..
والفاتحة قراءة أخرى للمغزل قبل أن يُقرأ، وتوضيح لصلة قادمة قد بدأت بالمغزل بين كتاب مطبوع ونشر الكتروني، كتّاب محاصرون بالرقيب، وآخرون يكتبون بلا رقيب، كتّاب مشغولون بالكلمة عبر الحبر والورقة وآخرون مشغولون بالكلمة عبر الصورة والصوت والحركة، ثم خلاف على أيهما أكثر انتشارا، وأيهما أكثر جمهورا، ومن هو هذا الجمهور؟
جاء في فاتحة المغزل: "المغزل فيها تجديد لاعتبار القصة القصيرة، إنها تثبت إبداعها من جديد، بما تحويه من سردية جميلة، تُبطن آفاقا ومعاني ومباني وأخيلة، وترسم رمزية تشي بإيحاءات وإيماءات وظلال، تفعل فعلها في النفوس.. وتثبت أنها مازالت صالحة للتألق الإبداعي..
فعلى مستوى اللغة، استعمل ناظموها لغة لافتة في بساطتها واكتنازها، وفي سماتها وخياراتها الأسلوبية، من التعريج إلى الاجتزاء والقطع، والميل بحسن إلى تحويلات الجملة وتقليباتها الممكنة.. إلخ، وكلها استخدامات خاصة للغة القصة.
وعلى المستوى التقني، يتبدى للقارئ قدرتهم على الإفادة من الأدوات الفنية، فيراهم يسندون إلى رواة متعددين، ضمير المتكلم تارة، وضمير الغائب أو الراوي العليم تارة أخرى، كما يلمح في نصوصهم لجوءا إلى المشهدية، وإلى فكرة القطع السينمائي، كما ينتقلون بسلاسة وعذوبة من السرد إلى الرمز، إلى الوصف، إلى التذكر والتداعي.. والاستباق.. وغير ذلك من تقنيات كتابة القصة..".
والآن لننتقل إلى حديث عام عن النصوص قبل أن أختار ثلاثة منها للقراءة..
والنصوص في القصة القصيرة علاقة..
علاقة بإنسان "الذات أو الآخر".. أو بشيء.. أو بفكرة..
وعنصر اللمحة السريعة أو الشخصية الواحدة هو الغالب في النص القصير..
لكن قد يأتي النص القصير مختزلا ذلك كله في إنسان وشيء وفكرة.
هناك علاقة الإنسان بآخر: الزوج كما في "عزف الفنجان" لسامية الدروبي أو زوجه كما في "طلاق" لعبد الواحد الأنصاري أو زوجة وأطفال أحيانا كما في "خيارها الوحيد" لزهراء الموسى أو الكائنات الحية الأخرى: الصديقات والعصافير "صافرة إنذار" لعائشة القصير، وهناك الإنسان والحيوان كما في "ظمأ" لابتسام المقرن، أما "بثغر باسم" لأحمد طاهر فهي علاقة الإنسان بذاته، كما شاء نص "أبي، جزء من الذاكرة" لمشعل العبدلي أن يتحدث عن الأب، وهناك الإنسان والطبيعة: كما في "الشجرة" لصلاح القرشي حب يؤدي إلى صداقة طويلة، أو عداوة تؤدي إلى نشرها، بالمنشار، أو "سنديانة" محمد الحميد، أما قصة "انتحال شخصية" ليوسف الحربي فهي الإنسان إذ يحمل هم الفكرة وهي في النص عروبته وقومه، وللمكان والزمان نصيبهما عند أحمد البشري في "ولا تمطر المدن".
وأيضا هناك تكرار بعض بيئات العمل: المدرسة في صافرة الإنذار وبثغر باسم..
والشخصيات أحيانا: المتسولة التي تنتهي إلى الرذيلة كما في "الوحل" عند مرام الموسى، وهو تسول مقرون بالبؤس أكثر عند خالد الصامطي في "خط البلدة لا ينتهي"، أما العائلة فهي موجودة بكثرة في هذه النصوص، وكتب عبد الهادي القرني عن الحب في القرية عبر "سارة"، وكان للقصص القصيرة جدا نصيب في هذه المجموعة عبر "وجوه" لأفراح الهندال.