حان وقت الاعتماد على التقارير المالية في اتخاذ القرارات الاستثمارية

حان وقت الاعتماد على التقارير المالية في اتخاذ القرارات الاستثمارية

حان وقت الاعتماد على التقارير المالية في اتخاذ القرارات الاستثمارية

أكد الدكتور أحمد بن عبد الله المغامس الأمين العام للهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، أن ما حدث في سوق الأسهم السعودية أخيرا ما هو إلا نتيجة مباشرة لقلة التوعية والتثقيف بأهمية القوائم المالية للشركات المساهمة السعودية، واعتماد كثير من المستثمرين على الشائعات والمضاربة. وقال المغامس في حوار مع "الاقتصادية" إن هيئة السوق المالية خلال فترة وجودها القصيرة نسبيا قامت بخطوات إيجابية تحسب لها، وأن لا دخل لها في الانهيار الذي حدث لسوق الأسهم، وهذا نص الحوار:

نحن نمر الآن بمرحلة ازدهار لسوق الأسهم وقد نسي الجميع مرحلة الهبوط الحاد فما أسباب ذلك؟ وكيف ترى أهمية القوائم المالية ومدى تأثيرها في حركة سوق المال؟

تمر سوق الأسهم الآن بمرحلة ازدهار كما ذكرتم في سؤالكم, وقد نسي الجميع أسباب الهبوط الذي استمر لاكثر من شهر وأفقد المؤشر ما يقارب 25 في المائة من قيمته، ونحن ندعو جميع المساهمين إلى تدارك هذه الحالة في المستقبل وعدم تجاهل الأسباب التي أدت إلى الهبوط الحاد وليس هناك سبب واحد بل هناك أسباب عديدة تترابط بعضها مع بعض، فالسبب الأساسي هو من وجهة نظري عدم وجود الثقافة أو المعرفة الاستثمارية الكافية لدى المستثمرين في سوق الأسهم، وعدم إلمام الكثير منهم بالقوائم المالية للشركات، أما السبب الثاني فهو يتمثل في وجود الكثير ممن يدعون أنهم محللون ماليون الذين قاموا بالكثير من التصريحات والتعليقات بأن السوق السعودية تمر في مرحلة ازدهار وأنه كلما تخطت نقطة مقاومة بدأوا في التفكير في خطة مقاومة أخرى مما جعل المستثمرين المتعاملين في سوق المال غير المطلعين على القوائم المالية بشكل مفصل ينظرون فقط إلى المؤشر وأنه هو الدافع الرئيس لزيادة سعر السهم للشركات، أما السبب الثالث فيرجع إلى أن هناك ضعفا في المادة الإعلامية المبسطة للمتعاملين من قبل جهات إعلامية مرئية أو مقروءة أو مسموعة، أما السبب الرابع وهو الأهم فهو أن المجتمع والمستثمرين ينظرون إلى السوق على أنها سوق مضاربة، وفي هذه النقطة فإن الشائعات والمنتديات الإلكترونية والتي أصبح بعضها يزاول تجارة عبر تقديم نصائح في شراء أسهم معينة، وقد سمعت أن هناك اشتراكات شهرية لبعض المواقع بحيث إنها ترسل رسائل للمستثمرين المشتركين معها بشراء أسهم معينة مما أدى إلى أن يكون هناك (تكالب) على هذا السهم بسبب إشاعة وليس بسبب معلومات مالية، كما أن هذه الإشاعة للأسف تعتبر من أبرز مصادر زيادة قيمة السوق السعودية وبدأ الكثير من المضاربين في سوق الأسهم يعتمدون على هذه الشائعة على أنها حقيقة ويريد أن يثبتها على أرض الواقع، فالضغوط بدأت تزيد على الشركات المساهمة وإداراتها تطالبها إما بزيادة رأسمال الشركة أو تقديم منحة أو إدراج فروع الشركات المساهمة في سوق المال.

تحدثت خلال إجابتك السابقة مرارا عن القوائم المالية، فماذا تعني القوائم المالية للمستثمر وكيف يمكن الاستفادة منها إذا كان المستثمر يجهل ذلك؟

القوائم المالية تدخل فيها قائمة المركز المالي وقائمة الدخل وقائمة الدفعات النقدية وقائمة حقوق الملاك، والهدف الرئيس من هذه القوائم المالية هو توصيل معلومات اقتصادية عن نشاط الشركة خلال الفترة الماضية لمستخدمي القوائم المالية يدخل بينهم المستثمر الحالي والمستثمر المستقبلي والجهات المانحة للقروض وأيضاً للمحكمة والعديد من الجهات المختلفة، فالقوائم المالية ما هي إلا ملخص لأهم الأحداث التي حدثت في الشركة، فقائمة المركز المالي تعطي بصورة عادلة إذا ما اتبعت معايير المحاسبة في إعدادها عن وضع الشركة المالي من حيث ما لها وما عليها، وقائمة الدخل تعطي ما تم خلال سنة من نتائج أعمال الشركة وكيف قامت الإدارة بتوظيف الأموال والإيرادات المالية للشركة، وكيف صرفت هذه الإيرادات وفي النهاية يعطي مؤشرا عن الربح أو الخسارة للشركة، إذا هذه من الأمور المهمة التي ينبغي على المستثمر النظر إليها واستخلاص النسب المالية للحصول على عدة مؤشرات مثل مؤشر السيولة ومقدرة الشركة على سداد التزاماتها ومؤشر الربحية الذي يعكس مدى تحقيق الشركة اللأرباح ومدى فاعلية مجلس إدارتها في استخدام الموارد المالية، وهناك مؤشرات أخرى لها علاقة بسوق المال مثل سعر السهم، لذلك ينبغي على المستثمر قبل شرائه السهم أن يتأكد أن هذا السهم سيعطيه عائداً مجزيا، وأن يكون هذا العائد منافسا في قنوات استثمار أخرى.

كيف تعلل نتائج بعض الشركات الخاسرة التي ما زالت أسهمها ترتفع، وأين دور التقارير المالية في ذلك؟

المطلع على القوائم المالية للشركات يلاحظ أن هناك عدداً من الشركات حققت أرباحاً لا بأس بها وبعض الشركات لم تحقق أرباحا ومع ذلك هناك زيادة في أسعار أسهمها وأنا أرى أن الذي يدفع المستثمر لضخ أمواله في شركات خاسرة هو الشائعات وبناءً على المضاربة والكلام حول ارتفاع سعر السهم. وأنا أسمع وأرى في الكثير من المجالس أن شخصا ما سيرفع قيمة سهم شركة إلى 3 أضعافه ويحصل هذا وهي حقيقة شاهدتها بنفسي، إذا فارتفاع سعر السهم لا يعتمد على القوائم والتقارير المالية وإنما على المضاربين، والسؤال الذي يطرح نفسه هو أهمية وجود دراسة علمية موثوقة تستخدم الحقائق الموجودة في السوق تتعرف على الأشخاص والجهات التي رفعت أسعار أسهم بعض الشركات لتصل إلى مئات الريالات مع أنها لم تحقق أية أرباح تذكر، وأنا أدعو الإخوة أعضاء هيئة التدريس وهيئة سوق المال لدراسة هذا الأمر بشكل موضوعي حتى يمكن التعرف على أسباب الارتفاع الحاد لتداركه في المستقبل.

يقول الكثيرون لو اعتمدنا على القوائم المالية لما بعنا أو اشترينا في سوق الأسهم لأن ما يحصل فيه هو عكس التقارير المالية، فمتى يعتمد المستثمر على التقارير المالية في ظل توجه سوق الأسهم؟

بالنسبة للتقارير المالية، كما ذكرت سابقاً فهي تعكس حقيقة وضع الشركة من حيث النشاط وما لها وما عليها، ولو أن المستثمرين في سوق الأسهم قرأوا هذه التقارير بشكل صحيح لسنتين أو ثلاث لما وصلنا إلى هذا الانهيار في أسعار الأسهم، حيث إن أسعار الأسهم ارتفعت بشكل عالٍ ولكنها غير مبنية على حقائق وأرقام صدرت عن القوائم المالية المعلنة وإنما بنيت هذه الأسعار على شائعات ومضاربات في السوق. ونلاحظ أن أسعار أسهم بعض الشركات الرابحة تراوح بين الارتفاع والهبوط، بينما الشركات التي خسر سعر سهمها الكثير نلاحظ أن القوائم المالية بينت الوضع المالي الحقيقي للشركة، متى يعتمد على التقارير المالية؟ الآن حان الوقت للمستثمرين في سوق الأسهم للتعرف على الأرقام الواردة في التقارير المالية التي تعد طبقا لمعايير المحاسبة ومعايير المحاسبة لما تعد يراعى فيها جميع المستفيدين من هذه المعلومات المالية، فهناك تقارير مالية تكون شاملة وليست مفصلة بشكل يصل إلى تحليل صغائر الأمور وإنما يؤخذ فيه بالأهمية النسبية وعلى المستثمر استشارة الخبراء في ذلك فلقد آن الأوان لفتح الباب للجهات المقدمة الخدمات المالية، وتقديم العون لهؤلاء المستثمرين، ولا نعتمد فقط على النصائح والشائعات من رواد المنتديات، وإنما يجب أن تقوم الجهات المقدمة للنصائح المالية بالدخول بقوة وتقديم النصائح حتى ولو كانت بمقابل مادي لأن ما يدفع الآن كتكلفة سيحمي المستثمرين وبالذات الصغار منهم من عواقب القرارات غير المبنية على حقائق علمية.

أنتم في الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين هل لكم دور في توعية المتعاملين في السوق المالية بأهمية مهنة المحاسبة والاعتماد على القرارات المالية؟

بالنسبة للهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين كان أحد أغراض إنشائها هو إعداد معايير المحاسبة التي هي الأساس في إعداد القوائم المالية وهذا الأمر كله من أجل مصلحة مستخدمي القوائم المالية بمن فيهم المستثمرون في السوق المالية، ونحن في الهيئة وبمحدودية الموارد المالية لدينا نحاول بشتى الطرق أن نبيّن للمجتمع أن هناك هيئة محاسبين تشرف على أعمال المراجعين الخارجيين وتشرف على معايير المحاسبة وتعدها والتي يجب أن تلتزم بها الشركات وللأسف الشديد هناك قصور واضح لدى الكثير من الناس حتى من فئة المتعلمين والعاملين في الشركات بأهمية الخدمات التي تقدمها الهيئة. ونحن نعرف أنه كلما وقع حدث مهم برزت إحدى الجهات فيه، والآن بعد هذا الانهيار في السوق المالية، بدأ البحث عن الجهة التي تفسر وتحلل هذا الانهيار، وفي هذا نشكر دور جريدة "الاقتصادية" في توضيح أهمية مهنة المحاسبة، هذه المهنة التي يعتبرها الكثيرون جامدة ولا يوجد توجه كثير لدراستها، ولكن "مصائب قوم عند قوم فوائد" وما حصل في السوق أخيرا جعل الكثير يهتم بهذه المهنة، وبدأوا بالبحث عن جهات تفسر ما حدث في السوق المالية.

كيف تقيمون دور هيئة سوق المال وأدانها، وما مدى تعاونها مع الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين؟

حسب اللوائح الصادرة من هيئة السوق المالية ألزمت الشركات المساهمة بالالتزام بما صدر عن الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين من معايير في إعدادها القوائم المالية، وكذلك بالنسبة للمراجعين والمحاسبين القانونيين الذين يراجعون القوائم المالية لهذه الشركات، إذا هناك تعاون بناء بين الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وبين هيئة السوق المالية في أكثر من اتجاه، فكثير من الإخوة العاملين في هيئة السوق المالية يشاركون في اللجان الفنية في الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وبالنسبة لما قامت به هيئة السوق المالية خلال الفترة القصيرة لإنشائها إنجاز يحسب لها بغض النظر عما يحدث من انهيار في سوق الأسهم لأنه لا يد لها في هذا الهبوط، ولكن السبب كما ذكرت سابقاً هو ضعف التوعية والثقافة لدى المتعاملين في السوق المالية، فلو فرضنا أن السوق المالية مكونة من أربعة ملايين مستثمر إذا فهناك أربعة ملايين محفظة استثمارية وهي تمثل ربع سكان المملكة فهل من الممكن أن يكون لدى كل هؤلاء المستثمرين نفس الثقافة والوعي الاستثماري؟ أنا أكاد أجزم أن عدد المستثمرين الذين يملكون الثقافة البسيطة ومعرفة أهمية القوائم المالية لا يتجاوزون بضعة آلاف، ونحن عندما نتكلم عن اقتصاد المملكة بشكل عام فهو اقتصاد قوي ومبني على سياسات واضحة من قبل الحكومة، وما ينقصنا هو التثقيف، ويجب في أوساط المستثمرين أن تكون هناك جهات رقابية وضعت من أجل المصلحة العامة التي هي أولى من مصلحة الفرد، وهيئة السوق المالية اتخذت قرارات من أجل المصلحة العامة ونحن نؤيدها بشكل مباشر وندعو جميع المتعاملين في السوق السعودية ممن قد يكون خسر جزءا من ماله إلى أن يكون هناك نوع من التفكير في الماضي والنظر بشموخ إلى المستقبل واعتبار ما حدث هو عبارة عن مصيبة في المال، ونأمل من الله- سبحانه وتعالى - أن يكفر بها السيئات.

الأكثر قراءة