التجارة الدولية وجاهزيتنا
وأخيرا احتفلت المملكة العربية السعودية بالدخول لمنظمة التجارة العالمية, بعد مفاوضات مضنية. والأخبار تقول إن فريق العمل المفاوض قد أبلى بلاء حسنا لإخراج هذه المفاوضات حسبما تمليه مصلحتنا الوطنية مع الحفاظ على الثوابت وعدم التنازل عن "أمور مهمة لا يمكن التضحية بها وهذا يعد إنجازا مزدوجا، الأول عدم التخلف عن الركب العالمي والدخول ضمن المنظومة الدولية. والثاني, الحفاظ على مكاسبنا وثوابتنا الدينية والاجتماعية, وهذه الأخيرة تعتبر أهم المكاسب التي أعادت لنا الاطمئنان في الانصهار ضمن حمى التنافس الدولي, والسير جنبا إلى جنب مع كل أقطار الدنيا. ولكن وآه من كلمة ولكن التي تأبى إلا أن تقف أمامي عارضة خدماتها قائلة: أنا هنا واحتراما لها سأرددها مرارا وتكرارا, ولكن هل نحن مستعدون للدخول ضمن منظومة هذه التجارة العالمية التي بلا شك لن تبقي أي أثر للمقاومة لأي كائن من كان إلا وينخرط في وطيسها المحتدم؟ وهل عدلنا أنظمتنا وقوانينا وأحدث تلك التحسينات والتي من شأنها الانخراط مباشرة بدون تلكؤ أو مماطلة أن لدينا كثيرا من "البيروقراطية المملة" مع أنظمة وقوانين ومحاذير بالية لا تفيد الاقتصاد الوطني, ولا تساعد على تنشيطه, كما أن المفروض قد يتنافى بشأن المحاكم التجارية كخدمة إجبارية لا غنى عنها مع القضاء على المحسوبية والمجاملة، والتسويف والتصريف اللذين هما أهم العناصر السالبة لأي اقتصاد ونحن بالذات تعودنا على مثل هذه الآلية بل لقد أدمناها. أضف إلى ذلك أن ما يجري من وسائل تحديث ما هو مبادرات شبه فردية ولا ترتقي للعامة ولنذكر على سبيل المثال المجال العقاري وما يعاني منه هذا الجانب الحيوي والأساسي في اقتصادنا الوطني, وهذا ما يجرني لموضوع أكثر أهمية ألا وهو موضوع المنح الحكومية والذي كتبنا عنه في أعداد سابقة. وللأسف, ونحن نطالع الصحف صباح يوم احتفالنا في جنيف بالدخول لمنظمة التجارة الدولية نقرأ في المقابل خبرا عن توزيع المنح في مدينة جدة, والذي مفاده أن الأمانة ستقوم عما قريب بتوزيع أراضي المنح لأصحابها عن طريق "القرعة" ولقد مورس هذا الفعل قبل عدة أشهر مما سبب الظلم لكثير من أصحاب المنح الذين يشكون أصلا من الظلم حيث إن الأراضي الخاصة بالمنح ـ مناطق نائية غير صالحة للاستعمال الآدمي, فما بالك بأنها خالية من الخدمات كافة, وهذا ما يؤكد طرحنا المتواصل لهذه المشكلة المتراكمة والتي زادتها إشكالا أمانة جدة, حيث لا تغيير للأفضل, فكيف لنا بالله عليكم ندخل دهاليز التجارة العالمية, ناهيك عن مرافقها كافة, إنه الاستعداد الجيد، أشك أننا جاهزون.
خاتمة:
الخوف كل الخوف أن نخرج من المولد بلا حمص!!