أثرياء ألمانيا يفضلون الإقامة في سويسرا هربا من قوانين الضرائب
بمناسبة قرب افتتاح سباق الفورميلا 1 العالمي للسيارات، كشفت إحدى الصحف السويسرية النقاب عن كثير من المعلومات المهمة عن أشهر المتسابقين الألمان ودخولهم السنوية وأماكن إقامتهم التي يفضلونها بسبب رغبتهم في التهرب من الضرائب.
وجاء في المرتبة الأولى من حيث الدخل هذا العام، كما هو الحال أيضا في الأعوام السابقة، مايكل شوماخر الذي لا يزيد عمره على 27 عاما من العمر، سائق "فيراري" الذي سيحصل على أجر يبلغ على وجه التقريب 50 مليون فرنك سويسري، ويقيم مايكل شوماخر في فوفلين لاشاتو في منطقة فادلاند في سويسرا هربا من قوانين الضرائب الألمانية.
وجاء في المرتبة الثانية كيمي رايكونين (26 عاماً) وهو من فريق "ماكلارين مرسيدس"، وسيحصل على 24 مليون فرنك وهو يقيم في فوليراو التابعة لكانتون شفيتس. أما نيك هايدفيلد سائق فريق "بي. إم. دبليو" فسيحصل على عشرة ملايين فرنك وهو يقيم حالياً على الشاطئ الذهبي في شتيفا الواقعة على ضفاف بحيرة زيوريخ.
وهناك أيضا عدد قليل من الأجيال الصاعدة يعيشون في مونت كارلو في فرنسا أو في كندا. أما من يتخذ من الولايات المتحدة مكان إقامة له، فيستطيع أن يحقق، بشكل قانوني، وفراً مجزيا في الضرائب إذا ما أقام في إحدى الجزر واستثمر أمواله في الشركات الأمريكية. ويقال في سويسرا إن مدرب كرة القدم الألماني كلينسمان "يعرف بشكل جيد مزايا القوانين الضريبية الأمريكية".
يذكر في هذا الصدد أن أحد المشتركين في سباق السيارات، وهو رالف شوماخر، (30 عاماً)، الذي يتقاضى أجراً قدره 22 مليون فرنك من شركة تويوتا، قد اتخذ من سالزبورج في النمسا مكان إقامة له لأغراض ضريبية، حيث يمنحه المسؤولون مزايا خاصة في الشأن الضريبي.
ويبدو أن الممارسات الضريبية النمساوية تتمتع بدرجة عالية من المرونة في التعامل مع الأثرياء الأجانب الذين يتخذونها مقراً لإقامتهم. وكالمشتركين في سباق السيارات تستوعب الهياكل الضريبية أيضاً الرياضيين المرموقين من ذوي الدخول العالية، في الوقت الذي يبحث فيه المرء عبثاً في القائمة الطويلة عن عنوان إقامة في ألمانيا لأي من أولئك الرياضيين من ذوي الدخول العالية.
لقد دافع هانز رودولف ميريش وزير المالية السويسري أخيرا عن السياسة الضريبية لحكومته إزاء انتقادات الجانب الألماني، بقوله: "أنا من أنصار المنافسة الضريبية القادرة وحدها على وضع حد لشهية السياسيين التي لا تشبع من الضرائب"، مضيفا "سويسرا ليست مجرد ملجأ للمتهربين من الضرائب، وإنما تتمتع بتقدير عال بصفتها مركزاً مالياً، ولا ينبغي علينا أن ننسى ميزة التمسك بسرية المعلومات البنكية وكذلك الاستقرار السياسي الذي تتمتع به البلاد". وبيّن ميريش أيضا: "على ألمانيا والبلدان الأخرى أن تتخذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون دفع الناس، لأسباب ضريبية بحتة، لإيداع أموالهم خارج بلدانهم. وقطعاً ليس من مسؤولياتنا أن نحلّ مشاكل هذا البلدان المتمثلة في هروب الرساميل".
إن المنافسة الضريبية تزداد شراسة، وقد قامت لوكسمبورج في بداية العام الجاري بجعل قوانينها الضريبية أكثر "جذبا" للأجانب وأكثر "جاذبية" لتوطين المشاريع، وها هي لوكسمبورج في طريقها لأن تصبح ضريبياً "سويسرا الاتحاد الأوروبي"، ما شجع شركات مشهورة مثل AOL، "مايكروسوفت"، "أمازون"، و"أيل" على نقل مقارها الأوروبية إلى لوكسمبورغ. ومن الجدير ذكره أنه تم في لوكسمبورج إلغاء ضريبة الممتلكات، كما أن التركات للوارث المباشر تم إعفاؤها من الضرائب أيضا. يضاف إلى ذلك أن الضرائب على أرباح المضاربات في السوق المالي سيتم إلغاؤها بعد ستة أشهر. وهذا يبيّن أن السلطات الضريبية حتى في سويسرا نفسها ليست بمثل هذا السخاء، وهذا بالطبع يمثل فردوساً لدافعي الضرائب الألمان الذين يضيقون ذرعاً بضرائب بلادهم، خصوصاً وأن لوكسمبورغ مجاورة لألمانيا.
ولحماية الممتلكات الخاصة توجد في لوكسمبورج معايير مشابهة لما هو موجود في سويسرا، حيث لا يسمح بتبادل المعلومات فيما يتعلق بالمسائل الضريبية. أما في القضايا الجنائية، التي ليس من بينها تهم التهرب الضريبي، فإن دوقية لوكسمبورج تتصرف على هدى من القانون الأوروبي. وكما هو الحال في سويسرا تخضع فوائد بنوك لوكسمبورج المستحقة لمواطني بلدان الاتحاد الأوروبي لضريبية قدرها 15 في المائة. أما بالنسبة للأجانب المقيمين في لوكسمبورج نفسها، فهم غير مطالبين بهذه الضريبة شأنهم في ذلك شأن سكان البلاد الأصليين.
وليس من المعقول أن تكون الضرائب وحدها سبباً لمغادرة أحد وطنه، ومن هنا تنبع ضرورة التفكير قبل الإقدام على الانتقال إلى لوكسمبورج أو سويسرا. ولكن المغريات التي يوفرها هذان البلدان أقوى من أن يتمكن دافعو الضرائب الألمان من مقاومتها.