إن إن: انتبهوا أيها السادة
أعترف أنني صدمت، كما صدم غيري من شرفاء هذا البلد، من التصرفات الشائنة والمنكرة التي قام بها أربعة شباب في مدينة الرياض أخيرا، التي تعد خروجا على النص وعلى ما ألفناه من قيم وعادات كريمة تربينا عليها جيلا بعد جيل، وهذا السلوك الشائن اتسم بوقاحة كبيرة، فبدلا من استغلال هؤلاء الشباب وسائل التكنولوجيا الحديثة فيما ينفعهم، استغلوها للأسف في تصرفات هي منكرة في الأمس واليوم وغدا.
صحيح أن الطفرة الاقتصادية التي عاشتها الدول الخليجية قبل نحو العقدين من الزمان أسهمت إلى حد بعيد في النمو والتطور اللذين شهدتهما دول المنطقة واللذين حافظت عليهما وزادتهما عندما عاد الاقتصاد إلى مساره الطبيعي.
لكن هذه الطفرة كانت لها آثارها السلبية أيضا التي تمثلت في بعض الظواهر الاجتماعية التي تعتبر دخيلة على مجتمعنا، من هذه الظواهر اللافتة للنظر مضايقة النساء في الأسواق والأماكن العامة للدرجة التي جعلت بعضهن يتخوفن من ارتياد هذه الأماكن وما حدث أخيرا في الرياض زاد، بلا شك، من مخاوفهن وتوجسهن.
فالطفرة الاقتصادية وبحبوحة العيش أدتا إلى امتلاء جيوب المراهقين الصغار بالفلوس وامتلاكهم أدوات حديثة كالجوال ذي الكاميرا والفيديو والإنترنت والسيارات الفارهة وغيرها من الوسائل الحديثة التي لو أحسنوا استغلالها ستكون فائدة لهم ولبلادهم والعكس فيما لو استخدمت في تصرفات سلبية، وانشغال آبائهم بأعمالهم الخاصة وعدم مراقبة أبنائهم.
وأصبحنا نجد نتائج هذا الإهمال الأبوي للأبناء مراهقين يهملون دراستهم ويتسكعون في الشوارع بسياراتهم يضايقون المارة ويسمعون النساء ما لا يرغبن في سماعه من ألفاظ.
ليس هذا فقط، فقد أدى الفراغ الذي يعيشه هؤلاء المراهقون مع تمتعهم بالفلوس وانعدام الرقابة عليهم واختفاء القدوة التي يمكن أن يتمثلوا بها في المنزل إلى انحرافهم وانخراطهم في الجرائم والمنكرات والسلوكيات الغريبة على مجتمعنا، وهذا ما حذرنا منه في مقالات سابقة لنا ونادينا فيها بوجوب مراقبة الأبناء وإعطائهم جزءا من أوقات آبائهم بدلا من انغماسهم في أعمالهم و''البيزنس'' والسفر.
فقصة الأولاد الأربعة الذين ارتكبوا تصرفهم الشائن في الرياض لا شك أنه لا يخرج عن كون آبائهم لم يراقبوا تصرفاتهم ولم يغرسوا فيهم قيم احترام الآخر وعاداتنا العربية التي جبلت على النخوة وعلى احترام النساء بدل إيذائهن.
وفي جلسة لي مع أصدقاء تحدثنا فيها عن السلوكيات الشائنة والدخيلة على مجتمعنا التي يمارسها المراهقون والشباب بين وقت وآخر دون وازع من رقابة أسرية اقترحت أن تنشر صور هؤلاء في الصحف ليكونوا عبرة لغيرهم وحتى يصبحوا منبوذين في مجتمع اجتمع على إنكار مثل هذه السلوكيات.
رئيس تحرير « عرب نيوز»
فاكس 6393223