أول منزل للعجزة في برلين يطبق الشريعة الإسلامية

أول منزل للعجزة في برلين يطبق الشريعة الإسلامية

أول منزل للعجزة في برلين يطبق الشريعة الإسلامية

تؤمن سيلال ألتون، انطلاقاً من خبراتها الخاصة، أن الأتراك يتعاملون معاملة تختلف عن نظرائهم الألمان داخل المستشفيات، حيث شعر والدها عقب إجراء العملية بانتفاخ في أسفل معدته، إلا أنه لم يودّ إعلام الممرضة، بل انتظر حتى مجيء الطبيب، ليس انتقاصاً في الخبرة الطبية لدى الممرضة، ولكن فقط لكون الطبيب رجلاً.
وتقول ألتون، الأمين العام لجمعية الأتراك في برلين: "تُعتبر حدود الحياء لدى الأتراك أكثر صرامة، حيث يودّ الرجال أن يتلقوا الرعاية من الرجال، والنساء من النساء". وهذا ما ينطبق كذلك على دور الرعاية، ومنازل العجزة.
وتطالب ألتون بضرورة تجهيز المنازل بالطابع الثقافي إلى جانب توافق تلك المنازل مع النزلاء من الناحيتين اللغوية، والدينية. وتعلّق قائلة: "لا يمكن للمرء أن يقذف الناس عشوائياً في أي مكان، فقط كونهم مرضى أو كباراً في السن".
لهذا تعمل الجمعية التركية بنفسها اليوم على إنشاء مبنى لرعاية الطاعنين في السن من المواطنين الأتراك المقيمين في ألمانيا. وتنوي افتتاح منزل يتسع لنحو 171 سريراً في حي "كرويزبيرج" الألماني، حيث يوجد الكثير من الأتراك على نحوٍ خاص. وفي هذا البناء، الذي تصل تكلفته نحو خمسة ملايين يورو، سيتم فصل الرجال عن النساء، وسيتلقون الرعاية من قبل نظرائهم في الجنس فقط، وسيتم توظيف النسبة الأكبر من فرص العمل، بما يعادل نحو 90 في المائة، داخل المنزل من الأيدي العاملة الناطقة باللغة التركية. وسيتبع مطبخ المنزل ذوق الأتراك، منع إدخال لحم الخنزير، وعلى أن يتفق تحضير الطعام مع قواعد الشريعة الإسلامية. ولابد أن ينطبق التصميم الداخلي مع شكل، وطراز حياة الأجانب الأتراك في ألمانيا، إضافة إلى إرفاق مبنى مخصص لأداء الصلاة. ومن المحتمل أن يختلف المنزل في سعره عن المنازل التقليدية. وبما أن الدخل الصافي للتركي يُقدّر بنحو 1040 يورو شهرياً، أي أقل من الألماني بنحو 600 يورو، حسب المعطيات الواردة عن الجمعية، ينوي مشغّلو المنزل تحديد تعرفة أسعار مخفّضة. وتُقدّر ألتون قائلة: "ننوي حسبة الإقامة بنحو 20 في المائة أقل من المعتاد".
والجمعية التركية، التي يوجد تحت سقفها نحو 17 اتحادا للمساجد، ومنشآت اجتماعية وثقافية متنوّعة، ونحو 20 ناديا رياضيا تنوي المساهمة في إنشاء مؤسسة المنافع "تورك هوزو إيفي" للرعاية في كرويزبورج – برلين Türk Huzur Evi"، تخصص نحو 20 في المائة منها للاستخدام العام، وستتحمّل شركة تشغيل منازل الرعاية الخاصة، مارسيلي كلينكين- Marseille-Klinken، نحو 80 في المائة من تكاليف الإنشاء. وتضع هذه الشركة المسجّلة في أسواق البورصة، التزامها الإنشائي في حي كروزبورج في مقدّمة واجباتها السياسية الاجتماعية. ويقول رئيس مجلس الإدارة، أكسل هولزر، بأن المرء يريد تخطّي العقبات المالية و الثقافية، التي طالما استثنت الأتراك ضمن العروض المعتادة في منازل رعاية العجزة الألمانية. ولكنه في الوقت ذاته، لا يتكتّم عن المقاصد الاقتصادية من وراء تلك المشاريع. بينما لن تحقق الجمعية العامة أرباحاً خاصة بها جرّاء تحمّل بعض أعباء الإنشاء، ولكنها تشتري خدمات من الشركة الفرع، مجموعة مارسيلي، مثل خدمات تتعلّق بالرعاية، و الإدارة، وخدمات الغسيل، وتقنية المنازل، أو التنظيف.
ويقول هولزر: "إذا سار كل شيء على ما يرام، من الممكن أن نقوم بتسلّم مشاريع أخرى في مناطق اكتظاظ الأتراك في ألمانيا، وبالفعل القدرة الكامنة ضخمة للغاية".
وفي الحقيقة فإن هذه السوق جديرة بالاعتبار، برغم القوة الشرائية المحدودة للبعض، ومن نحو 1.76 مليون تركي يقطن في ألمانيا، تشير الإحصاءات إلى أن 10 منهم تزيد أعمارهم على 60 عاماً، وما يزيد على 5 في المائة منهم قد وصلوا عمر التقاعد الرسمي، إلى نحو 65 عاماً. وبرغم أن أغلب الأفراد من 95 ألف كبير في السن لا يرغبون الإقامة في دور للعجزة، إلا أن الاستعداد يتزايد في الانتقال إلى هناك.
وتتذكّر ألتون قائلة: "لقد جاء الأتراك لأول مرة إلى ألمانيا في عام 1961 عن أعمار تتراوح بين 25 أو 30 عاماً، وأغلبهم اليوم يبلغون سن التقاعد، ويتجهون نحو دور الرعاية، بالرغم أنهم لم يفكروا في السابق في البقاء هنا قط ". وبناءً على توقعات جاءت عن مؤسسة بيرلينر سيناتور لتنمية المدينة، من المتوقّع أن يتضاعف عدد الأتراك الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و 75 عاماً بحلول عام 2020. ومن المحتمل أن تتضاعف نسبة الطاعنين في السن ثلاثة أو أربعة أضعاف؛ حيث من المُقدّر أن تُسجّل نسبة 5 في المائة من الناس الكبار في السن الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً ضمن حالات الرعاية.

وبما أن العائلات الممتدة التقليدية بدأت تتفكك على نحوٍ متزايد في مناطق الاكتظاظ السكاني، حيث ما عاد الشباب يعملون على رعاية كبار السن من أقربائهم داخل بيوتهم، ولهذا يبحثون عن منازل مختصّة برعاية العجزة. وحسب ما ورد عن ألتون قائلة: "إن الحال لا تختلف كثيراً في مدن تركيا؛ حيث إن مفارقة كبار السن اليوم هو نتيجة خروج كافة أفراد العائلة إلى العمل خارج المنزل، وبالتالي لا يوجد لديهم وقت كافٍ لرعاية والديهم، أو أجدادهم".
وحتى هذه اللحظة لا يوجد لا في برلين، ولا في أي مكان آخر في ألمانيا، عرض مناسب يستهدف هذه المجموعة بالذات. وبالرغم من هذا، يرتفع عدد خدمات الرعاية التركية المتنقّلة، كما يُقال. بينما قدّر المجلس الأعلى لإدارة الرعاية الصحية والاجتماعية نحو 40 تركيا فقط داخل جدران مباني الرعاية ضمن العاصمة. وبالتالي أُجريت الكثير من المحاولات في تأسيس عروض تختص بالمهاجرين، ولكن حسب ما ورد عن ألتون، قد فشلت جميعها، "إما حول الطعام، أو صعوبات في التواصل".
وأما بالنسبة لـ مارسيلي كلينيكين، التي تضم نحو 51 من دور رعاية كبار السن، التي حققت ما يزيد على 200 مليون يورو في عام 2005 مع تشغيل نحو 500 موظّف، يُعد بناء منزل لرعاية العجزة الأتراك تقدّماً في سوق التكّلفة المُخفّضة. والهدف من تشغيل المنازل التي تبنيها على نمط فنادق النجوم، هو الوصول إلى طبقات الدخل المختلفة كافة: أربع أو خمس نجوم لطبقة الدخل المرتفع، ومنزل على نمط فنادق النجمتين لطبقة الدخل المتدني. وبالرغم من وجود بعض منشآت شركة مارسيلي البسيطة في مناطق شرق ألمانيا، إلا أنها نظراً لمبادئ الاندماج الفاشلة انزلقت على الأحرى في مؤشرات منخفضة من الأسعار. ويُعد المبنى الجديد في حي كرويزبورج المنزل الأول من درجة النجمتين للمجموعة. ويقول هولزر، أنه لطالما كان تأمين الراحة في قطاع الصحة الألماني يتميّز بكونه مجهّزاً بمعدات تقليدية، أي منازل ثلاثة نجوم. "تؤكّد عروضنا على الأوضاع الاقتصادية المتباينة بين المواطنين". وبما أن المرء لا يمكنه التوفير من أجل الرعاية، والأكل، لابد أن تقلل المؤسسات من التكلفة المُستخدمة في البناء و التصميم، بحيث لا تتألف جميع الغرف من غرف خاصة ومنفردة، وليست كل الغرف مهيّأة بحمامات خاصة.
ولا يخشى هولزر، أو حتى ألتون، أن يعيق المنزل التركي الخاص التداخل فيما بين المهاجرين والمواطنين الأصل في ألمانيا، أو أن يُظهر مخاوف الطبقات المتوازية، حيث من الطبيعي أن تتواجد مجموعات متدنية المستوى ضمن المجتمع الواحد، والذين يرغبون أن يتواجدوا فيما بين أفراد العمر نفسه، حسب ما ورد عن ألتون. وكذلك يتمتّع البروتستانتيون، والكاثوليكيون، بمنشآت خاصة بكل مجموعة منهم على حدة .

الأكثر قراءة