سيارات صغيرة .. أرباح أكثر .. مستقبل كبيـر للصناعة

سيارات صغيرة .. أرباح أكثر .. مستقبل كبيـر للصناعة

في معرض جنيف للسيارات هذا العام كان التركيز علي السيارات الصغيرة أكثـر من السنوات السابقة والتي كان التركيز فيها يكون علي السيارات الفخمة . وبحسبة بسيطة يمكننا تفسير ذلك ففي زمن ترتفع فيه أسعار الوقود وينخفض فيه الدخل لا يتطلع المشتري إلى الأنـاقة والقوة بقدر ما يراعي معدلات استهلاك الوقود فكلما زادت أسعار البنزين والديـزل زاد الطـلب على السيارات الصغيرة الاقتصادية.
وكانت السيارة بيجو هي نجمة معرض جنيف للسيارات واحتفلت الشركة الفرنسية بعرض طراز بيجو 207 للمرة الأولى على الساحة العالمية خلال المعرض بعد أن سبق وعرض في فرنسا ويمثل الطراز مساحة أكثر اتساعا في فئة السيارات الصغيرة, فالسيارة بيجو 207 طولها (4.03 متر) بينما بيجو 206 الطراز السابق طولها (3.82 متر).
واحتفلت شركة دايهاتسـو الشركة الفرعية لشركة تويوتا بعرض باكورة ظهورها في أوروبـا من خلال السيارة (ميني ترافيس) وطولها 3.40 متر التي تسمى في اليابان لشعبيّتها "ميرا جينو". كما تعرض "دايهاتسو" طراز (دي- كومبكت فاغون) لإثبات أن صغر الحجم لا يعني ضيق المساحة فهذه السيارة وطولها 3.80 متر تتسع لخمــسة أشخاص.
أما طراز فان رومستر الجديد من "سكـودا" الشركة التابعة لـ "فولكس فاجن" فهي سيارة أكبر من طراز فابيا ويعطي حـيّزاً داخلياً متعدّد الأشكال. أما باندا كروس، من "فيا" ذات الدفع الرباعي فقد زادت المبيعات في قطاع تجارة السيارات العائلية الصغيرة, خصوصاً لتميزّها في المناطق الوعرة، مجارية الاتجاه العام بعدما ازداد الطلب على سيارات النقل الصغيرة "فــان".
ولم تكن تجارة السيارات الصغيرة تحظى باهتمام المصانع خلال الـ 30 عاما الماضية بسبب ضعف الأرباح إلا أن شركتي تويوتا وبيجو – ستروين توصلتا لنظرية "صناعة السيارات الصغيرة بصورة اقتصادية مربحة" وصنعوا سياراتهم في شرق أوروبا، حيث الأيدي العاملة الرخيصة وظهرت السيارة تويوتا إيكو وبيجـو 107 وسترويـن س 1 في المصنع نفسه في مدينة كولين التشيكية بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 ألف سيارة سنويا. واحتفل هذا "الثـلاثي" بعيد ميلاده الأول العام الماضي في معرض جنيـف للسيارات.
وأثارت السيارات التي تقل أسعارها عن عشرة آلاف يورو انتباه الشارع الأوروبي. ففي ألمانيا, على سبيل المثال, والتي يوجد فيها أعلى متوسط لأسعار السيارات في أوروبا بدأ قطاع السيارات الرخيصة يزداد شهرة وانتشرت سيارة فوكس من "فولكس فاجن" التي بـِيع منها 21 ألف سيارة العام الماضي. مع هذه الشهرة ارتفعت حصة السوق من 2.7 إلى 4.2 في المائة. ويشير معهد التوقعات ( بي & دي فوركاست) إلى أن النسبة سترتفع هذا العام لتصل إلى 4.7 في المائة محققة بذلك مبيعات 160 ألف سيارة. أما بالنسبة للسيارات ذات الأسعار التي تصل إلى 500 17 يورو مثل طراز بولو وكورسا) وفيستا فسيقل الطلب عليها.
ويرى الخبراء أن التطور السكاني يلعب دورا حّاسماً في الرغبة الشرائية، فالناس تتجه أكثر إلى المدن تاركة الأرياف تنقرض شيئا فشيئا مما يؤثر في طريقة التنقل: فالسياح يفضلون شركات الطيران الرخيصة، والسيارة تستخدم فقط للمسافات القصيرة، وبالإضافة إلى ذلك، أسعار الوقود المرتفعة تدعو إلى الاقتصاد في الإنفاق، لهذا سيزداد الطلب على السيارات الصغيرة في الأعوام المقبلة.
لكن السيارات متدنية الأسعار بشكل لافت تواجه مشاكل في التسويق في أوروبا ، فمثلا السيارات التي تكون بحجم طراز جولف من شركة فولكس فاجن وسعرها أقل من سعر طراز فوكس تواجه صعوبات في ترويجها، مثل السيارة داسيا لوغان التي تصنعها "رينـو" في رومانيا خُـصّيصا للدول الفقيرة. فالمظهر الخارجي المتواضع والمساحة الضيقة فشلا في ترويج هذا الطراز في غرب أوروبا بغض النظر عن فرنسا حيث رُخّـصت أكثر من تسعة آلاف وسبعمائة وخمسين سيارة جديدة. ففي معرض جنيف عَرضت رينو طرازاً جديداً من لوغان كسيارة عائلية مخصّصة لشرق أوروبا والبرازيل والهنـد.
على الوجه الآخر، فإن السيارات الصغيرة ذات الأسعار المرتفعة مرغوبة في الغرب أكثر، على سبيل المثال طراز مينـي من شركة بي إم دبليو الذي ظهر في معرض جنيف بموديل كومبي مع حقيبة واسعة (تصميم جنيف). شبيه بذلك التصميم تم عـرضه في معرض السيارات العالمي في فرانكفورت في أيلول ( سبتمبر) 2005 ليتبعه بعد ذلك في طوكيو وديترويت تعديلات لهذا التصميم. ولم تتوقع بي إم دبليو هذا الإقبال الشديد علي الموديل ميني فعمدت إلى توسعة المصنع في مدينة كاولي البريطانية ليستوعب إنتاج مينى كـومبي المخطط له من بداية 2007. فالمصنع تم بناؤه عام 2001 على أساس خطة إنتاج مائة ألف سيارة سنويا ولكن بسبب الإقبال الشديد زاد الإنتاج عام 2005 ليصل إلى 190 ألف سيارة.
ومن أهم عوامل نجاح تجارة السيارات الصغيرة تكلفة مكان الصُنع، لهذا تتوجه مصانع السيارات باستثناء شركة بي ام دبليو- إلى شرق أوروبا وأمريكا الجنوبية وآسـيا.
ويقول فيردناند دودينهوفر من معهد بي & دي فوركاست, إن السيارة فولكس فاجن غير قابلة للتصنيع في غرب أوروبا، وبالمثل بيجو وتوينغو. ويضيف قائلاً إن نتائج أرباح مصانع السيارات الفرنسية واليابانية والكورية تبّيـن أن تجارة السيارات الصغيرة الحديثة ذوات سعر أقل من عشـرة آلاف يورو اقتصاديا مربحـة اقتصادياً، "وأن المبـدأ القائل: سيارات صغيرة ربح قليل، مبدأ خاطئ".

الأكثر قراءة