التكنولوجيا في خدمة الطب تزويد المستشفيات بالتقنية الرقمية
التكنولوجيا في خدمة الطب تزويد المستشفيات بالتقنية الرقمية
خطوة وراء أخرى وبمساعدة مجموعات شركات تكنولوجيا المعلومات الرائدة في العالم، تتجه المستشفيات الخاصة في ألمانيا إلى اعتماد البرمجيات الرقمية وتقنية المعلومات الحديثة، حيث تسبق بعض المناطق بعضها الآخر في هذا التميّز. ورغم هذا فإن الأمر لا يكون بعيدا عن تحقيق منافع خاصة للشركات، حيث يقول المتحدث الرسمي لفرع التكنولوجيا في مجموعة سيمينز:" لن نتمكن من تطوير منتجاتنا دون أن نقوم بتجربتها".
ومنذ أيام قليلة افتتح مستشفى في هامبورج- بارمبيك، رسميا مركزا متخصصا مرتكزاً إلى تطبيق حلول نموذجية حديثة تعتمد على تقنية المعلومات بالتعاون مع شركة (إنتل) الرائدة في تصنيع الشرائح الرقيقة ومجموعة "مايكروسوفت" أكبر مصنّع للأنظمة والبرمجيات الرقمية في العالم، ومن المتوقّع أن يصير هذا توجهاً نحو السيطرة على هذه السوق، حيث ستكون معدلات النمو أعلى بوضوح من معدلات الحجم الاقتصادي الإجمالي.
كما بدأت شركة "إنتل"، وشركة سيمينز للخدمات التجارية، وشركة تصنيع الحواسيب "فوجيتسو سيمينز"، في تموز (يوليو) من العام الماضي، أول مشروع رائد لها في عيادات "ساربروكن" عن طريق استخدام تقنية موجات تردد البث RFID في المستشفيات الألمانية. والهدف هو الحصول على بيانات المريض بطريقة سلسة وكذلك معرفة تاريخه الطبي و طرق العلاج التي يحصل عليها. ويرتكز هذا المشروع إلى حلول تقنية موجات تردد البث، المستخدمة أصلاً في مركز جاكوبي في ولاية نيويورك الأمريكية. ويبقى الهدف دوماً ذاته بغض النظر عن اختلاف حلول تكنولوجيا المعلومات والمكان المستخدمة فيه من أي مكان من العالم: فلا بد من جعل انسياب البيانات على أكمل وجه، وإتاحة المعلومات في أي مكان وأي زمان. وحسبما ورد عن مجموعة سيمينز: "عن طريق التداخل الشامل للمجريات في المستشفيات مع تقنية المعلومات الحديثة يمكن توفير ما يعادل نحو 30 في المائة من التكاليف".
وأزالت شركتا إنتل ومايكروسوفت في هامبورج كافة العقبات وتندفعان بالمشروع على نطاقٍ أوسع مما هو في ساربروكن. وتمسك الممرضة حاليا في عيادات بارمبيك بشاشة صغيرة مسطحة في يدها تذكّرها بجدول مواعيد كشف المرضى ويمكنها بضغطة واحدة استعادة تقارير طبية سابقة لمريض بعينه مع إمكانية تدوين نتائج وملاحظات جديدة يمليها الطبيب خلال الكشف الجديد .
ويتم تخزين البيانات في التو واللحظة داخل الحاسب المركزي للعيادة عن طريق ربط تقنية تردد الموجات بسلاسة، ويرتبط الحاسب المركزي أيضاً بغيره من حافظات البيانات المختلفة عن طريق الشبكة. وتُعد هذه العملية انسياباً مثالياً للمعلومات في العيادة: ويمكن الحصول اليوم على نتائج التصوير الإشعاعي في غضون ثوانٍِ معدودة بدلاً من الانتظار يومين مثلاً. ويمكن للطبيب إلقاء نظرة على كافة بيانات المريض بضغطة زر واحدة، وتتكون لديه المعرفة حول أي العلاجات الطبية التي تم وصفها مسبقاً، وأيها يمكن أن تسبب رد فعل سلبيا، أو تثير حساسية المريض، إضافة إلى ابتكار عصابة معصم صغيرة مهيأة بخدمات تقنية موجّهة، يحملها المريض، لتمنع المرضى من تناول المشروبات الخاطئة. وتمنح خدمات الموجات الترددية الإلكترونية المُرفقة بعبوات وحدات الدم متابعة دقيقة للدم حتى يتم نقله على أكمل وجه إلى المريض بطريقة سليمة، ويتم تطبيق هذه التقنية في الوقت الراهن فعلياً في ساربروكن أيضاً.
وتم ربط ما يعادل ألف مريض بمشروع ساربروكن، حيث يوجد في عيادة هامبورج نحو 676 سريراً. وفي الوقت الراهن ستبقى هذه التقنية تحت التجربة والاختبار في ألمانيا وأوروبا. إلا أن الأنظار بدأت تتجه نحو عيادات مستقبلية في الصين، على الأغلب في شانغهاي إضافة إلى أمريكا الشمالية.
وتتطلب التقنية الجديدة لاحقاً استثمارات مالية كبيرة. وعلى أية حال، فإن قطاع الصحة الألماني اليوم يتخذ أساليب ترشيدية من الناحية الاقتصادية. وبالتالي تنشأ المعضلة، حيث لا يمكن للادخار الفعلي في العيادات أن يأخذ موقعه السليم إلا عقب القيام بمشاريع شاملة، وهذا ما ينطبق بالذات على تقنية المعلومات.
وتتناول كل من "أسكليبيوس"، و"مايكروسوفت"، و"إنتل" هذا المشروع الرائد بكل تحد، فعلى المدى البعيد ستتطور هذه السوق بحكم الظروف، الشيء الذي دفع باول أوتليني رئيس مجلس الإدارة الجديد في شركة إنتل للتحرّك نحو تأسيس قطاع تجاري مختص بهذا المضمار في الشركة، يسعى وحده إلى العناية بقطاع الصحة. وتنفتح شركة أسكليبيوس فوتشر هوسبيتال في هامبورج على المزيد من الشركاء الآخرين، حيث ورد عنها: "يلزمنا الكثير من الوسائل المختلفة في مختلف القطاعات المتخصصة في المعدات، والبرمجيات، والاتصالات، والشبكات، وكذلك التقنية الطبية"، ولهذا تخطط الشركة لمشروع ديناميكي بصورة عامة، قادر على منح الشركات المهتمة حوافز للتعاون. ويشير ذلك التوجه وكأنه نداء آخر للمساعدة من قبل قطاع الصحة القديم.