نقاش حــاد حول نتائج ارتفاع الفوائد على الاقتصاد العالمي

نقاش حــاد حول نتائج ارتفاع الفوائد على الاقتصاد العالمي

لا شيء يُـقلق حاليا بعض رجال الاستثمار إلاّ ارتفاع الفوائد الشديد للقروض الحكومية، المعطاة على مدى عشر سنوات من الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي، فزيادة الفوائد هذه يقابلها في الجهة الأخرى هبوط في أسعار الأسهم.
ويتناظر المحلـّلون في الوقت الحاضر حول الأسباب الداعية إلى التطور، فالبعـض يُـرجـِع السبب إلى ارتفاع فوائد سوق رؤوس الأموال بسبب حـَـدَث موسمي عابـِر في سوق التكنولوجيا، والبعض الآخر يرى أن في هذا التصرف رجوعا إلى الوضع الطبيعي. في هذا يُدرك المستثمرون حــل اللغز، الذي طرحه رئيس بنك الإصدار الأمريكي "جرينسبان" منذ اثني عشر شهراً وأثار به جدلا حاداً في الأوساط المالية. فقد قصـد في ذلك الحين المستوى المنخفض بصورة غير طبيعية للفوائد طويلة المدى.
ويـرى "شتيفين روخ" كبير الاقتصاديين لدى "مورجان ستانلي" أنه لو صار هذا اللغز في طيّات الماضي فعلاً، كما يعتقد، لـَواجَـهت السـيولة عواقب وخيمة على مستوى العالم مما سيؤثر أيضا على الاقتصاد العالمي. فالبنوك المركزية الكبيرة ستكون في الطريق إلى إعادة الفوائد لوضعها الطبيـعي. فقد بدأ البنك المركزي الأمريكي بهذه الخطوة وتبعَه الأوروبي، أما البنك المركزي الياباني فهو في طريقه إلى تحقيق ذلك، وهذا سيسبب مشكلة". ويشاطره الرأي في هذه النقطة اقتصاديون واستراتيجيون آخرون، حيث يذكـّرون أن اليابان بسياستها المالية السَلـِسة شكلت منبعاً للسيولـة المالية ليس فقط في اليابان ولكن في العالم أجمـع. فمنذ عشر سنوات كان التساؤل حول ماذا سيحدث في الأسواق المالية لو أن هذا النبع نضب، محور نقاش ساخن سؤالٌ بقي الجواب عليه معلقا منذ ذلك الزمان حتى يومنا هذا. ولكن الآن وبعد أن لاحت في الأفق سياسة مالية متشددة في اليابان، يطـرح السؤال نفسه، من سيعوّض النقص في سيولة اليابان حتى وإن أراد ذلك.
يشكّ "روخ"، في أن إعادة الوضع إلى طبيعته متزامناً مع نهاية منحنى الأرباح سيجلب صعوبات للاقتصاد العالمي الذي يعتمد على ثروات مادية، هذا يعني أن الخطــر محدق بتدهور الأسعار بصورة شاسعة في أسواق الأسهم مما يترتب عليه عواقب وخيمة لأعمال الاقتصاد.
ويذكر "روخ" أنه في الأعوام الماضية بلغت الفوائد طويلة الأمد في العالم1.8 في المائة، مما يعدل نصف القيمة في عام 1985، ومن هذا المنطلق يَـلفت "روخ" النظر إلى أن ارتفاع الفوائد سيجعل من معدلات الاستهلاك الأمريكي الذي يعيش حاليا فترة هبوط في أسعار العقارات الخاصة، غيــر قادر على الصمود، ناهيك عن ذلك صدى الخسائر المترتبة على الدول النامــية. ويرى "روخ" أن تفسير ازدياد التضخم المالي كأحد أسباب ارتفاع الفوائد، مشكلة لا داعي لها.
ويؤيده في ذلك "دافيد روزنبرج" كبيـــر الاقتصاديين في "ميريل لونش" والمسؤول عـن أمريكا الشمالية، الذي يرى أن التضخم المالي ليس هو صلب الموضوع، فتأثيره مبالغ فيه. كما يؤكد "روزنبرج" وأن ارتفاع الفوائد طويلة المدى ليس له علاقة بالمناخ الاقتصادي على الساحة الأمريكية. فبينما ازدادت في الأسابيع الأربعة الماضية أرباح فوائد القروض المُعطاة على مدى عشر سنوات بنسبة 40 في المائة، استقـــرّت 55 في المائة مــن النتائج الاقتصادية التي تابعها تحت المستوى العام المتوقــّع، وتبيــن أن الازدهار الاقتصادي مُـغرٍ إلى أبعد الحدود وذلك لضعف سوق العقارات. وينصح "روخ" بشدة مراقبة المخاطر المقبلة على المستهلك الأمريكي، حيث سيقوم بنك الإصدار في واشنطن بإنهاء دورة رفع الفوائد عند نسبة 4.75 في المائة وخفضها في النصف الثاني من السنة إلى 4.25 في المائة.
في المقابل يتوقع "ليهمان براثــرس" أن أعلى نسبة للفوائد ستكون عند 5.5 في المائة، بينما يتوقع "روزنبرج" أن تصل إلى 3.75 في المائة في الربع الأول من عام 2007 وتبقى على ذلك.
ويرى رجل الاقتصاد أن نسبة الفوائد للقروض المعطاة على عشر سنوات، والتي تبلغ حاليا قيمتها 4.7 في المائة، ستصل إلى 4.0 في المائة في نهاية هذا العام، وفي الربع الأول من العام المقبل ستنخفض إلى 3.95 في المائة. وعلى الصعيد الألماني يضع "دريزدنـر كلايــن فاسرشتاين" نبوءات مشابهة ويتوقــّع في الاثني عشر شهراً المقبلة أرباحاً بنسبة 3.25 في المائة، حيث تبلغ حالياً 3.64 في المائة.

الأكثر قراءة