الاستخدام السيئ
يحرص كثير من الناس على الاستشفاء بالقرآن الكريم وهو أمر ليس عليه خلاف لأن الله سبحانه وتعالى أوضح ذلك في آيات عدة كلها تبين أن من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين، ويقول ابن القيم رحمه الله في كتابه (زاد المعاد ج4 ص ـ 352) في الحديث عن هذا الجانب العلاجي أنه محسوم بالكتاب والسنة، ويعرج بالحديث عن أهمية العلاج بالقرآن بذكر بعض الآيات والأحاديث التي فيها إشارة إلى هذا، ومن هذه الآيات قوله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين). الإسراء: 82. حيث يبين في حديثه عن هذه الآية بأن الصحيح أن (من) في الآية، لبيان الجنس لا للتبعيض وقال تعالى (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور). يونس: 57.
ويضيف أن القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقادٍ جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداءُ قط. وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا في القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهماً في كتابه، وقد تقدم في أول الكلام عن الطب بيان إرشاد القرآن العظيم إلى أصوله ومجامعه التي هي حفظ الصحة والحمية، واستفراغ المؤذي، والاستدلال بذلك على سائر أفراد هذه النوعية. وأما الأدوية القلبية: فإنه يذكرها مفصلة، ويذكر أسباب أدوائها وعلاجها. قال تعالى: (أو لم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم). العنكبوت:51. فمن لم يشفه القرآن، فلا شفاه الله، ومن لم يكفه فلا كفاه الله. ولذلك حري بالمسلم أن يستفيد من العلاج بالقرآن شريطة أن يكون ديدنه التوكل على الله أولا في كل خطوات حياته ولا يتعلق بالقارئ الراقي أو غيره ويجعل تعلقه بالله سبحانه وتعالى أولا وآخرا، وليحرص على البعد عن كل ما هو خطر عليه سواء من الذهاب إلى بعض المشعوذين بحجة أنهم يعالجون بالقرآن وليحذر من ذلك لأن هؤلاء المشعوذين خطر على المسلم وكل من يعرف أحدا منهم فليبلغ عنه الجهات المختصة ولا يقع في الخطأ وهو لا يشعر، وكذلك على الإخوة الذين يزاولون الرقية أن يكونوا صادقين مع الله لأن هناك نوعية من أصحاب الرقية يستخدمونها بشكل مسيء لكلام الله وكل ذلك بهدف قبض مبالغ مالية دون خوف من الله، مع طرق في الرقية امتعض كثير من المرضى منها فنأمل من هؤلاء الابتعاد عن هذه الطريقة السيئة التي لا تعود بالنفع على الناس إنما تسيء لأصحابها ولمن زاول هذه المهنة بغرض علاج الناس لأن الذين لا يتوقفون عند الريبة هم أسباب هذه المشكلة وغيرها، فنتمنى أن يكون الصدق في التعامل مع الناس هو الذي يسير عليه مثل هؤلاء حتى لا يقعوا في أخطاء غيرهم، وهناك من وقعوا صيدا سهلا للمشعوذين ودفعوا الأموال لهم وجروهم إلى أمور مخالفة لهذا الدين مما جعلهم لا يخرجون بفائدة تذكر، ولذلك فالحذر منهم مطلوب، وكذلك على أصحاب الرقية الذين يزاولونها بدوافع التجارة الصرفة أن يحذروا من مغبة ذلك. نسأل الله للجميع التوفيق.