الصراعات تعبّر عن نفسها .. كلٌ على طريقته..!!
شكرا جزيلا، ما رأيناه في الساعات الأخيرة للمعرض ربما يؤكد لنا ما حققه المعرض من نجاح، حقيقة أنا أتلمس ردود أفعال الناشرين أنفسهم وكما لاحظت فقد كنت مع الأستاذ بسام كردي مدير المركز الثقافي العربي وكذلك الأستاذ حسن ياغي وقد تحدثا لي عن انطباعاتهما عن المعرض، وقالا لي إنهما كانا يشاهدان الفرح في وجوه الناس وهذا ملمح جميل كما قالا إن هذا المعرض هو أفضل معرض أقيم في السعودية منذ بدء إقامة المعارض فيها، فإضافة إلى الإقبال الشديد على الشراء هناك ما يُشعر المرء بأن الناس في حال من الاحتفالية الثقافية والاجتماعية وهذا هو انطباع الناشرين الذين جربوا وحضروا معارض كثيرة، بالنسبة لي ربما أنا وأنت نهتم بالجانب الثقافي الذي حدث في المعرض، وكان أبرز ما لاحظناه فيه الحضور الجماهيري الكبير، حيث من النادر جدا أن تجد محاضرة أو ندوة يحضرها عدد قد يصل إلى الألف، وكذلك لا حظنا الحضور النسائي الذي كان بالمئات، وهذا مؤشر إيجابي ضخم جدا، نعم .. صار الحوار، بعض جوانب الحوار رأى بعضنا أن فيها شيء من التشنج، لكن أنا عن نفسي لا أرى ذلك إطلاقا، وأرى أن الصراعات تعبّر عن نفسها كل بطريقته الخاصة وأرى أنه من الواجب علينا أن تتسع صدورنا لكل أنواع التعبيرات مثلما تتسع لكل أنواع الأفكار، لا شك أن هنالك أفكارا وهنالك أيضا طرقا للتعبير عن هذه الأفكار، أنا شخصيا يتسع صدري للاثنين معاً.
عموما هذا المعرض حقق نجاحا كبيرا وصار مناسبة ثقافية واجتماعية مهمة في الرياض، أرجو وأتطلع أن يزداد ذلك النجاح في العام المقبل إن شاء الله، وأعتقد أننا سنشعر بافتقاده خلال الأسبوع المقبل.
قدمت درسا جميلا في ثقافة الحوار والتعامل مع الآخر برقي وحضارية. في هذا الإطار هل ترى أننا بصدد مرحلة تغيير في إطار حداثة فكرية عامة وليست أدبية فقط؟
إن ما يهمني في واقع الأمر هو أن نجتمع تحت سقف واحد ونتكلم، بغض النظر عن ماذا يقول بعضنا وما هي طريقة تعبيره، من خلال تجربتي أنا في التعامل مع الجمهور، أعتقد أن التعاطي معهم أمر ممكن وتوجد عدة طرق للتعامل الإيجابي مع الجمهور، وأحيانا نحاول أن نتعلم ونجرب كيف يتعامل بعضنا مع بعض.
وإذا عدنا لندوة التعليم والإصلاح التي أقيمت أخيرا ضمن فعاليات المعرض، أنا أرى أنني خرجت بانطباعٍ كبير جدا، وإيجابي جدا، وكنت في غاية السعادة وما زلت أعيش جو هذه السعادة بما جرى.
أعتقد أن هذا الحدث لم يحدث عندنا في الرياض منذ سنين طويلة بهذا التجمع الكبير مع التنوع الثقافي ووجود كل ألوان الطيف، سواء من حيث الأعمار أو من حيث الفئات أو الاتجاهات.
في ظل ما تراه من التعدد الاجتماعي والفكري الحالي، إلى أي مدى يمكن الوصول إلى لغة مشتركة تجتمع فيها الرؤى المتباينة ضمن رؤية مشتركة الهدف؟
أعتقد أن بعض المسائل قد تكون معقدة أحيانا لدى البعض، وبعض المفاهيم قد تحتمل الالتباس، علينا أن ندرك وجود التباسات، ومن الضروري أن نواجهها ونحاول أن نوضّح أنفسنا باستمرار وهذه الفعاليات فرصة لأن نوضح هذه المواقف.
ما هي نظرتك للمشهد الثقافي ومؤسساته وهل من رؤية مستقبلية يمكننا استقراؤها في هذا الجانب؟
أنا شخصيا لا أراهن على المؤسسات الرسمية أو الأندية أو الجمعيات، أعتقد أن الفكر والأدب بالدرجة الأولي هو فردي، فالمفكر مثلا فرد ويتعامل بصفته فردا، والعطاء هو الذي يدخل في النسيج الاجتماعي والنسيج الثقافي لذلك، فأنا لا أعوَل على ما أسميته أنت بالمؤسسات، ربما غيري يعوّل عليها ويهتم بها ويعتقد أنها ضرورية لكني لا أرى ذلك، فالمفكر الحر والمثقف المستقل يمثل كينونة قائمة بذاتها وهذا قدره أن يكون فرداً.
ونحن في مرحلة تحول ثقافي وواقع جديد مختلف من حيث معطياته ومتطلباته، على ماذا يمكن أن نراهن في إطار التعامل مع تحدٍ كهذا؟
الأمر يتوقف على شجاعتنا من جهة، وعلى قوة الأفكار التي تطرح من جهة أخرى، وعلى إيجابية هذه الأفكار وقدرتها أن تكون مقنعة بذاتها وقادرة على إقناع الآخرين، إذا توفرت هذه الأمور فلا شك أننا سنجد التعامل الأمثل حيال هذه الفكرة.
بما أن القراءة هي المكوّن الثقافي الأهم، هل مازال هناك من يقرأ بينما أصبح الجميع (يتصفح) الإنترنت، وأصبح خير جليس في الزمان (قناة فضائية)؟
بالتأكيد، وعلى كل حال القنوات الفضائية والإنترنت جزء من الصورة الثقافية ووسائلها، بل هي جزء مهم في الواقع الثقافي ككل، وربما هي الواقع الأعلى حاليا وليس الواقع العادي، أتفق معك أن الإنترنت هي صيغة قوية وفعالة وسريعة، لكن يظل الكتاب من الصيغ المهمة أيضا وله وجوده، وإن لم يعد وجوده وحيدا كما كان في الحال في السابق.
إذا تناولنا الجانب الأدبي، وأنت الناقد المعروف هل ترى أن المنجز الشعري الحديث لم يقم بالدور الكافي ضمن مواجهة المد الروائي الكبير أخيرا؟
علينا أن ندرك أن هذا الزمن ليس زمن الشعر، الشعر كان يمثل صيغة ثقافية لمراحل ثقافية أعتقد أنها مضت والمرحلة الحالية لها صيغتها ووسيلتها المختلفة، وهي بالدرجة الأولي تتمثل في ثقافة الصورة والثقافة التلفزيونية لذلك لا بد أن نتعامل نحن مع المتغيرات الضخمة تعاملا يقوم على ملاحظة هذه التحولات، ونحن أمام تحولٍ كبير، ولا شك الآن أن هذا أصبح واقعا ملموساً ولو تسأل العارضين أو الناشرين عن أكثر الكتب مبيعاً ستجد أنها الروايات، ويمكن أن تجد ذلك من خلال أي إحصاء رقمي وبالتالي علينا أن نكون واقعيين في تقبل هذا الوضع، ولا سيما أنه مبني على لغة الأرقام .
وماذا من الكتب يستهوي الدكتور عبد الله الغذامي حاليا يا ترى؟
أنا بمجرد أن أنظر إلى الكتاب أشعر أنني في حديقة مليئة بالزهور والألوان والخضرة والماء، هذا الشعور الذي أحسه عندما أقف متطلعا بأغلفة الكتب.
وهل من كلمة أخيرة أو رؤية ثقافية تود توجيهها من خلال "ثقافة الاقتصادية"؟
على كل حال أنا لست من المبتكرين بلاغيا في الحديث، وأسئلتك كانت موضوع حديث ومجالا جيدا للدردشة في بعض أمور الثقافة والفكر، شكرا جزيلا لك.