عند الرضوي ... عناصر اللوحة تتناغم ضمن دائرة متداخلة بألوان البيئة
عند الرضوي ... عناصر اللوحة تتناغم ضمن دائرة متداخلة بألوان البيئة
ودعت الأوساط الثقافية والفنية السعودية والعربية والعالمية الفنان السعودي التشكيلي العالمي البروفسور عبد الحليم رضوي عن عمر يناهز 76 عاما بعد معاناة طويلة مع المرض، وإصابته بجلطة قلبية أودت بحياته صبيحة الأحد الماضي، ويعد الفنان الراحل من جيل التشكيليين الرواد الذين أسسوا حركة الفن التشكيلي على أسس علمية وأسهم في نقل الفن التشكيلي السعودي إلى خارج حدود المملكة.
ولد الفنان بمكة المكرمة عام 1939م، وأكمل فيها المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ومنذ طفولته ظهر حبه للتعبير بالرسم في المدرسة مما لفت الأنظار إليه، وتمكن خلال المرحلة الثانوية من الحصول على الجائزة الأولى حينما أقيم في الرياض أول معرض فني مدرسي للمرحلة الثانوية على مستوى السعودية، وفازت المدرسة العزيزية الثانوية في مكة المكرمة بالمرتبة الأولى عن لوحة للمرحوم رضوي بعنوان "قرية"عام 1958م، الأمر الذي دفعه بقوة إلى السفر والتخصص ليقترب من منطقة عشقه الفني، ويحصل على ليسانس فنون الديكور الفني من أكاديمية الفنون الجميلة بإيطاليا عام 1964م، ليصبح أول فنان سعودي يتم ابتعاثه لدراسة الفن التشكيلي، وتابع تحصيله العلمي ليحصل على درجة الدكتوراه في الفنون من أكاديمية سان فيرناندو في مدريد في إسبانيا عام 1979، وعنوان الرسالة "دور الفن العربي وأثره على الفنون الغربية من خلال الحضارة العربية في إسبانيا". ومن ثم نال درجة البروفيسور من الأكاديمية العليا بمدريد عام 1979، وأقام معارض في روما بصالة مارغوتيانا عام 1982 م، ليشتهر بين الأوساط الأوروبية كفنان عالمي، ثم أقام عدة معارض شخصية له في المدن الكبرى بالمملكة كان لها صدى واسع ، مما شجع الفنانين السعوديين الذين درسوا في إيطاليا أن يحذوا حذوه.
توالت بعدها معارضه الفنية في لبنان ، التي سمحت له بالاحتكاك بالحركة الفنية العربية، وأخذ على عاتقه تطوير وتشجيع الحركة الفنية بالمملكة، ليسهم في مجالات تعليمية كثيرة منها معهد التربية الفنية في الرياض، ومركز الفنون بجدة، ودورات صيفية كانت تقيمها وزارة المعارف بمدينة الطائف. قدم الكثير من المحاضرات والندوات الفنية بشكل عام، وحول الفن التشكيلي في السعودية بشكل خاص. وخلال مسيرته الحافلة ألف كتاب "الحياة بين الفكر والخيال"، وتناول فيه الفكر والخيال وطاقة الإنسان ومراحل نموه وعلاقة كل ذلك بالفنون الجميلة. كما قام ألف كتاب "قضايا معاصرة في الفن التشكيلي والفكر الاجتماعي والنفسي".
وحصل على العديد من الجوائز والدروع والميداليات والأوسمة التكريمية منها: وسام العلوم والفنون والآداب من أكاديمية بون تازين الدولية في نابولي في إيطاليا عام ، وسام الفارس من رئيس بلدية ريودي جانيرو في البرازيل عام ، درع لبنان في معرضه الشخصي 90 في بيروت.
وفي الجانب العملي تولى إدارة مركز الفنون الجميلة في جدة منذ تأسيسه حتى إلغائه في الفترة 68 ـ 1974، وكذلك إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون فرع جدة في الفترة 80 ـ 1991م بالإضافة إلى ذلك فقد عمل مدرساً للتربية الفنية بوزارة التربية والتعليم عام 1384هـ وعمل مديراً لمركز الفنون الجميلة بإدارة التعليم عام 1388 بجدة - 1394هـ وأصبح مديراً لفرع جمعية الثقافة والفنون بجدة من عام 1400 - 1411هـ عمل مستشاراًَ لجمعية الثقافة والفنون كما عمل في وظائف إشرافية منها عضو مجلس التحكيم الدولي بمدريد 1968م مثّل المملكة كرئيس لجنة التحكيم الفنون الجميلة بمدريد عام 1978م رئيساً لرابطة الفنانين العرب بمدريد عضو لجنة التحكيم للمسابقة الأولى التي أقامتها الخطوط السعودية بجدة 1992م ساهم في جميع النشاطات الفنية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون داخل المملكة وخارجها، ويعتبر أحد رواد الفن التشكيلي بالمملكة أشرف على معرض مختارات من الفن التشكيلي السعودي المتجول عام 1999 - 2000م) أسهم في الستينيات بالإشراف على مركز الفنون الذي أنشئ في جدة لتنظيم المعارض كان من بينها المعرض الجماعي للفنانين التشكيليين السعوديين وأقيم في جامعة الملك عبد العزيز الأهلية، ومعرض مشترك بين فنانين سعوديين وإيطاليين).
عرف الراحل رضوي بالمبدع النشيط حيث تجاوز الأرقام القياسية بعدد اللوحات التي ينجزها، والتي سرعان ما تعرض في المعارض الفنية حتى تجاوزت أربعة آلاف لوحة عرضت بأكثر من مائة معرض حاز عدد كبير منها على العديد من الجوائز المادية والمعنوية، وبرغم نجاحه محليا وعربيا إلا انه بادر بان يكون سفير الفن السعودي في الخارج ، وسعى إلى بناء جسور المحبة والسلام مع الشعوب والحضارات عبر معارضه التشكيلية التي تحاكي وتلامس الواقع وتبعث السلام بين الشعوب من خلال الإرث المادي الفني الذي خلفه المسلمون في إسبانيا، جسد من خلالها رسالة السلام الإسلامية الحضارية المشرقة، فأقام معرضا فنيا في شاطئ استكافونا بإسبانيا وذلك في فندق كام كينسكي، الذي يحمل عنوان (قصر الحمراء في عيون فنانين عرب) ويحوي 35 لوحة فنية يصفها رضوي بأنها تعبر عن جمال وإبداع القصر المشيد منذ سبعة قرون ويعد من عجائب الدنيا التي خلفها المسلمون كرمز للحضارة، ومعرض بمركز الإليزيه برنتان بجدة (الفن من أجل السلام) ، وكان من المشاركين في مهرجان حوار الحضارات الذي أقيم بالمملكة المغربية في عام 2005.
المتاحف العالمية تشهد له
وتشهد المتاحف الدولية على عالمية البروفيسور وقدراته الفنية النادرة باقتنائها أعماله الفنية، بمتحف الفن الحديث في ابسيا بإسبانيا، متحف الفن الحديث بالأردن، متحف الفن الحديث في ريوديجانيرو، متحف الفن الحديث في المغرب، متحف الفن الحديث الوطني في تونس، كير جاس في زيورخ، صالة الفن في سان ماركو في روما، نال الميدالية الذهبية في إيطاليا، وحصل على وسام الاستحقاق من رئيس البرازيل، وطبع كتيب عن كل أعماله صدر باللغة الفرنسية ولاصقت لوحاته أكبر المعارض الفنية لتكون معروضة إلى جوار الفنان العالمي فان جوخ.
أقام رضوي 80 معرضا شخصيا،في الدول الأوروبية في فرنسا، إيطاليا، سويسرا، بلجيكا، هولندا، السويد، لندن، أمريكا، البرازيل، اليابان، وإندونيسيا، وبعض الدول العربية مثل لبنان ومصر وتونس والمغرب، ودول الخليج العربي، إضافة إلى العديد من المعارض الشخصية.
والمتابع لأعمال البروفيسور رضوي يلمس استقلالية أسلوبه الفني الخاص الانطباعي الحركي، الذي يميل إلى المدرسة الترميزية في الإشارة إلى عناصر اللوحة التي تتناغم ضمن دائرة متداخلة بألوان البيئة وخصوصا لوني الأزرق والأصفر بالحركة والديناميكية ضمن ما يسمى بالدائرة الضوئية، ذات النبض الإنساني والتي تحاكي البيئة والتراث والتقاليد والفلكلور الشعبي في الرقصات والسجاجيد والخزف المنقوش الملون، وأبنية مكة المكرمة القديمة، كما كانت للهموم العربية والإسلامية والإنسانية حول العالم نصيب من هذه اللوحات مثل القضية الفلسطينية، والبحث عن السلام بين الشعوب بين قوسين، أو كما يعبر عنها في أحد حواراته بالقول "هو البحث عن عالم المغناطيس الجذاب بلقاء بين الحركة والشحنات الانفعالية وبين المشاعر وأفكار تطلع الإنسان إلى السلام، الحب، التآلف، الوحدة الإنسانية".
القريبون من البروفيسور رضوي يدركون إنه لا يؤمن باحتكار الخبرة الفنية، فقد ساهم عبر نصف قرن من الزمان في اكتشاف المواهب الفنية وتقديمها للأضواء وتبنى معارضها، وتشجيع الحركة الفنية النسائية، ودفعه حبه للأطفال إلى تخصيص معارض لهم بتشجيعهم على التعبير بهذا الفن الراقي، باعتباره من أهم عوامل التربية والتعليم، فأقام معرضا في المدرسة السعودية بالمركز الإسلامي بمدريد جمع بين الأطفال الإسبان والعرب في مكان واحد ليجسدوا مفهوم ارتباط الفن بالسلام في لوحاتهم.
الرضوي وبصمته الشرقية
وتقول الفنانة المعروفة صفية بن زقر لـ "الاقتصادية" رحم الله عبد الحليم رضوي، الذي يعتبر من أعمدة الفن السعودي، ومن أبرز المؤسسين لحركة الفنية التشكيلية، الذي تتحدث عنه أعماله الفنية التي خلدته كفنان عظيم داخل المملكة وخارجها، وأتذكر وقوفه بجانبي عام 1968م في افتتاح معرضي الفني، وتشجيعه للفنانين والفنانات بأن يكون لنا دور على الساحة ونقل حضارتنا السعودية، والعمل على إنشاء أسس علمية للفن السعودي.
فناننا عبد الحليم رضوي يتميز ببصمة شرقية رغم أنه سافر كثيرا في أنحاء العالم ونهل من عدة مدارس تأثر بها إلا أنه تمسك بشخصيته التي يغلب عليها المدرسة الترميزية الواقعية الحديثة، واشتهر بمزج ألوان البيئة الأزرق (السماء) والأصفر (الشمس) والبني (التراب) والأخضر (الرمز الوطني والخضرة)، ومزج هذه الألوان بالرموز والأشكال كالطيور والشمس والتراث، ضمن دائرة كونية أو كما يطلق عليها البعض بالدائرة الشمسية، التي يجمع بها عناصر المشهد الذي يعبر به رسالة ومشاعر، وهذا النوع من الفنون يمكن المشاهد من أن يستدل من رموز اللوحة وقراءتها وتلمس موضوعها بقرب، وقد تأثره بأسلوبه الفني عدد كبير من الفنانين التشكيليين، كان أبرزهم صديقه الفنان طه صبان، ثم انطلق وأقام أسلوبه الخاص.
وأضافت عرف عن الراحل سرعته المذهلة في إنجاز اللوحة وتمتعه بنشاط غير عادي، فهو أكثر الفنانين نشاطا وقد تجازوت معارضه المائة معرض حول العالم، وأتذكر عندما أجريت له عملية القلب المفتوح في الرياض، وباشر في التقاط ريشته وهو على فراش المرض ورسم عدة لوحات، وقام بعرضها في المستشفى كما شغل عدة مناصب ريادية وإدارية كان أبرزها مدير جمعية الثقافة والفنون قسم الفن التشكيلي بجدة.
كما عبر عدد من التشكيليين عن مشاعرهم التي تفيض بالأسى والحزن على رحيله متذكرين مشواره الحافل بالإنجازات حيث تحدث صاحب الفنان التشكيلي على الرزيزاء بقوله: رحمه الله هذا الرجل الذي خدم الساحة الفنية, رحمه الله صاحب القلب الكبير, والإنتاج الغزير هذا الفنان المتجول, إن الحديث عن هذا الرمز ليس سهلاً فقد تتلمذت على يديه عندما كنت طالباً في معهد التربية الفنية فكان رحمه الله حريصا على إيصال الفن بطرق غير تقليدية مبتعداً عن التلقين. إن الرضوي فنان لا يتوقف عن العمل والإنتاج حتى وهو داخل المستشفى، ومن المواقف التي تدل على غزارة إنتاجه إننا كنا في مهمة لتحكيم مسابقة تشكيلية في "أرامكو" وخلال إقامتنا في الفندق رسم لوحتين وقدمهما هدية لي ولزميلي الفنان كمال المعلم, إن توثيق إنجازات الراحل أمر في غاية الأهمية من خلال إصدار كتاب أو إقامة متحف تضم أعماله وأعمال الرواد أمثاله، كما تحدث الفنان سمير الدهام بقوله تربطني بالرضوي رحمه الله علاقة تزيد على 24 منذ أن استقر في المملكة، ولا أنسى ذلك اليوم الذي بدأ يعاني فيه من مرض القلب حيث كنا في المعرض المتجول في القاهرة وفي اليوم الثاني من افتتاح المعرض رغبت في التقاط صورة له ـ رحمه الله ـ وداعبته بأن يبتسم إلا أنه رد علي بقوله إنني أشعر بالتعب ولم يستطع أن يتمالك نفسه فانهار ونقلناه إلى المستشفى وهناك قرر الأطباء وجود تعب بالقلب مما اضطرنا إلى إقناعه بالعودة إلى جدة للراحة، وفي السنوات الأخيرة أصبحت متواصلاً معه بشكل مستمر وكان آخرها قبل وفاته رحمه الله بأسبوع حيث كان أشبه بفاقد البصر خلال أيامه الأخيرة وقال لي "أنا بدأت لا أرى الجمال.. انتهى دوري والباقي عليكم أيها الفنانون" رحمه الله هذا الرجل وأسكنه فسيح جناته.
كما تحدث الفنان عبد الرحمن العجلان حيث قال: لم يكن دور الرضوي سهلاً خلال تلك الفترة ليس من حيث القيمة الإبداعية التي يقدمها بل لإصراره على البقاء من أجل الفن في ظل الظروف الاجتماعية المنغلقة في ذلك الوقت فهو جاهد من أجل الفن ينتج ويقنع الآخرين بما يملكه.
كما تحدث الدكتور عن أحمد عبد الكريم عن قيمة التواضع التي كان يتميز بها رحمه الله وهذه الميزة لا تجدها عند كثير من الفنانين, يحب الفن وأصحاب الفن حريص على التواصل معهم وحضور معارضهم, فهو الرضوي رحمه الله قيمة تاريخية وإنسانية قد لا تتكرر.
كما عبرت الفنانة التشكيلية سها الزيد بقولها لقد آلمني هذا النبأ وحزنت أشد الحزن على فقدان أستاذي الذي أعتز بأستاذيته أيما اعتزاز الدكتور عبد الحليم رضوي رحمه الله .. فهو ذاك الرجل المحب المعطاء ذو الشخصية الودودة العفوية الذي لم يبخل عليّ وعلى أجيال من الفنانين لتشكيليين بغزير علمه وثقافته .. فقد تتلمذت على يده في عام 1421 هـ في دورة تشكيلية مكثفة نقل لي من خلالها أسلوبه التعبيري وحرص على تعليمي تقنيات متنوعة.. نتج من خلالها معرضاً مشتركاً متكاملاً تشرفت بأن أكون فيه التشكيلية الوحيدة بين مجموعة متميزة من الفنانين في مقدمتهم د.الرضوي وزاد شرفي عندما قال لي بحضور والدي د.عبد الله بن محمد الزيد:أنت أول فنانة تشكيلية تشاركني في معرض شخصي!! وأحتفظ الآن بأول لوحة أرسمها بأسلوب د.الرضوي بمشاركته رحمة الله عليه وأوصاني بأن أحافظ عليها، والمرحوم يرتبط بصداقةٍ وبزمالةٍ طويلة مع والدي حفظه الله حيث أنهما درسا معاً وتخرجا في المدرسة الخالدية الابتدائية بمكة المكرمة وظلا على صداقةٍ واحترام متبادلين عبر عشرات السنين.
كما أن الدكتور رضوي رحمه الله ماكان يتقوقع على ذاته اكتفاء بما حققه من شهرةٍ وبروز .. لكنه كان يسعى الى ربط أفضل العلاقات مع زملائه التشكيليين وفي مقدمتهم الفنان الرائد محمد بن موسى السليم رحمه الله.
لقد نبغ الدكتور الرضوي في فنه التعبيري الذي ركز عليه في معظم أعماله تماماً كما فعل فناننا السليم في آفاقيته التي اختطها لنفسه وبرع في تجسيد أبعادها في لوحاته الخالدة ولقد يتساءل سائل من ظن ٍ ليس في مكانه ومن هو الرضوي حتى نتحدث عن فاجعة فقده بعواطفنا المتدفقة؟! والجواب أن الدكتور الرضوي قد يكون معروفاً ومقدراً لدى الآخرين أكثر مما يعرفه ويقدره بعض مواطنيه في بلده, فهو مثلاً عندما يذهب إلى بلد أوروبي مثل إسبانيا يستقبل في المطار كضيف على الدولة وتوضع بعض أعماله في أهم ميادينها.. إن الأمة التي تكرم فنانيها وشعراءها ومثقفيها وعلماءها لهي الأمة المتحضرة حقاً.
عزاؤنا الحار لزملائنا وزميلاتنا على امتداد الساحة التشكيلية ولكل محبي الدكتور الرضوي ولأسرته الكريمة .. ودعاؤنا الصادق في أن يتغمده الله بواسع الرحمة والمغفرة و"إنا لله وإنا إليه راجعون"..
كما تحدثت الفنانة هدى العمر بقولها ودعنا بقلوب يملؤها الحب وعيون تذرف حزنا فارسا من فرسان الساحة التشكيلية السعودية الدكتور عبد الحليم رضوى. ربما تجمد الكلمات رافضة البوح بما ترغب في التعبير عنه في مثل هذا المصاب الذي ألم بنا جميعا نحن أسرة الفن التشكيلي لفقدان أحد قادتنا وربما عزاؤنا في هذا هو أن الفنان عندما يرحل عن الدنيا بجسده فإنه لا يرحل أبدا بأعماله التي ستظل تتلألأ بها سماء الفنون التشكيلية المحلية والدولية. فقد كانت هناك أكثر من مناسبة شارك فيها الفنان رضوى في معارض له خارج المملكة ومثل من خلالها الفن السعودي الأصيل بصورة نفتخر ونعتز بها وهذه الصورة لن ترحل أبدا عنا وكيف لها أن ترحل وذكراه ممثلة في أعماله الفنية ستظل تحتل جزءا من تاريخنا ومستقبلنا الثقافي؟
إننا نودعك يا رضوى جسدا ولكن تاريخك ينساب في نفوسنا ويتعلق في خيالنا.
نسأل الله عز وجل أن يسكنك فسيح جناته "وأنا لله وإنا إليه راجعون".
الراحل أنموذج يحتاج إلى الدراسة
إن الأنموذج الذي كونه الراحل هو أنموذج يتطلب دراسة مستفيضة لا تقف عند حدود صفحة واحدة أو كلمات تأبين تردد بل الحاجة ماسة إلى دراسة مزدوجة تحمل الصفات الإنسانية والشخصية لهذا الفذ والجانب الآخر منها يتناول مسيرته الفنية وتوثيقها لترصد مسيرة الفن التشكيلي وتحفظ حق القادة منهم وتفتح المجال أمام الناشئة للاطلاع على ما قدموه وكيف كانت أساليبهم فهو فنان عالمي بكل المقاييس ويشهد على ذلك ما كتب عنه في الدول الأجنبية حيث قال الناقد البرازيلي ميريالا " إن المشاعر الإنسانية لدى رضوى تتحول إلى رموز فنية شاملة في الأداء والتفكير والفن الإسلامي مشهور من خلال السجاجيد والخزف المنقوش الملون ومن أعمال الفنان الهندسية الرائعة لا يستطيع الإنسان الغربي أن ينكر مدى أهمية دور الفنون العربية القديمة التي ساعدت في تطوير المفاهيم الجمالية والإنسانية الحديثة والذي ينكر هذا علية أن يشاهد أعمال الفنان عبد الحليم رضوي حتى لا يضيع فرصة التعرف على الفنون العربية الأصيلة لنلتقي معا بين الدوار والصور والحركات والألوان التي لا حصر لها هي رمز الثقافة الإنسانية القديمة والحديثة معا".