خطط مستقبلية لـ "مايكروسوفت" لنشر "جوالات ذكية"
خطط مستقبلية لـ "مايكروسوفت" لنشر "جوالات ذكية"
أعلنت شركة مايكروسوفت عملاق صناعة البرمجيات في العالم أن عملية الاستحواذ على سوق الاتصالات الخلوية من الأمور الأكثر أهمية بالنسبة لها حاليا.
وقال ستيف بالمير رئيس مجلس إدارة المجموعة لصحيفة "فرانكفورتر ألجماينة" خلال فعاليات معرض برشلونة للاتصالات ""3GSM World ً:"إن الاتصالات اللاسلكية سوق مهمة جداً لجميع قطاعات مجموعتنا، وسنحقق عن طريقها حصصاً كبيرة من حجم المبيعات، حيث تكتسب الأجهزة الخلوية المزيد من الأهمية في المستقبل، تفوق ما توقّع المحللون حتى الآن".
وتحاول "مايكروسوفت" منذ أعوام تأسيس أنظمتها وبرامجها على المزيد من الاستثمارات الباهظة في مجال الأجهزة الخلوية أيضاً. إلا أن هذه الجهود تميّزت حتى فترة طويلة من الزمن بالنجاح المحدود فقط، مما يشهد تغيّراً في الوقت الراهن. ويعبّر بالمير عن فرحه قائلاً: "طرحنا قبل ثلاثة أعوام هاتفاً جوالا يعتمد على أنظمة تشغيل "مايكروسوفت". واليوم نطرح ما يزيد على 100 وحدة منها، ونتعاون مع ما يزيد على 100 شركة لتزويد الشبكة"، ويُضيف قائلاً: "وبناءً على ما نرى و نلاحظ منذ أكثر من عام، فإن الازدهار بدأ يحرّك الأجواء، وكذلك ازداد تقبّل شركات تزويد الشبكة لنا أكثر". ووفقاً للأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها هذه السوق بالنسبة لـ "مايكروسوفت"، فقد سلّحت مجموعة البرمجيات والأنظمة الحاسوبية مديرها بحزمة من الوحدات الجديدة أثناء زيارته إلى برشلونة.
وبيّن بالمير أن الأعمال التعاونية مع شركات تزويد الشبكات البريطانية BT وVirgin، ستُمكّن من نقل البث التليفزيوني على أجهزة الهاتف النقّالة. بالإضافة إلى أنه تم عرض أجهزة جديدة تعتمد على أنظمة تشغيل "ويندوز موبايل"، والتي توفّر خدمة فتح البريد الإلكتروني، وتساعد على ربط المستخدم ببريده الإلكتروني بصورة دائمة، حيث لا تزال هذه الخدمة تحت سيطرة الشركة المنافسة "بلاكبيري". وعرض بالمير النسخة الجديدة من برنامج "الأوفيس - Office" على الجوالات والتي تقدّم برنامج الاتصال VoIP إلى جانب الخدمات التقليدية الأخرى، ويُمكّن برنامج VoIP إجراء المكالمات الهاتفية المُسعّرة عن طريق ربطها بالشبكة عريضة الموجة للاتصالات بالجوال مثل شبكة أنظمة الاتصالات اللاسلكية العالمية- UMTS.
ويعد الكثير من هذه الخدمات مناسبة لاستبدال الكثير من العروض المُقدّمة من قبل شركات تزويد الشبكات، وبالتالي يمكن أن يؤدي هذا إلى إحداث خسائر كبيرة في حجم المبيعات لديها. ومن الخدمات التي يُشار إليها هنا، خدمة إرسال الرسائل القصيرة - SMS، والتي يمكن استبدالها حينها بإرسال الرسائل الفورية عن طريق الشبكة – Instant Messaging. بالإضافة إلى أن شركات تزويد الشبكات لا تستسيغ خدمة الاتصال- VoIP.
ولهذا أبدت شركات الاتصالات الخلوية تحفظاتها ضد شركة مايكروسوفت حتى هذه اللحظة. وقال رئيس مايكروسوفت في خطابٍ له في برشلونة، بهدف تهدئة الأوضاع: "جئنا إلى هنا كأصدقاء". ولكن لا يزال بالمير يرى أن المجموعة تواجه الكثير من التحديات قائلاً: "هناك موازاة ما بين تطوّر متصفّحات شبكة الإنترنت، وما يحدث اليوم في تقنية الاتصالات اللاسلكية، وحتى فيما يتعلّق بـ "مستكشف الإنترنت – Internet Explorer"، كنّا نحن الضحية مقابل رائدة السوق في هذا المجال "نت سكيب- Netscape"". إلا أن هذه الحال شهدت تغيّراً سريعاً. "سأفرح حقاً إذا تمكّنا من تحقيق هذا النجاح في سوق الاتصالات الخلوية". وأعلن بالمير سريعاً دون أن يترك مجالاً للشك، أنه سيقوم بفعل كل ما يستطيع ليتمكّن من تحقيق هذا الهدف، وعلى نحو أكثر واقعية: حيث أجاب بالمير على السؤال، فيما إذا كانت عوائد سوق الاتصالات اللاسلكية تُعد في الطليعة بالنسبة لشركة مايكروسوفت أم نمو حصصها في السوق هو الأهم، قائلاً: "ما ستعمل "مايكروسوفت" بالتركيز عليه خلال الأعوام القليلة المقبلة، رفع حصصها في السوق، بهدف إثبات وجودها التجاري في قطاع الاتصالات الخلوية بوضوح". إلا أن بالمير لم يتحدّث عن الأرباح بالإضافة إلى أنه من المفترض رفع حصة الأجهزة الجوالة والمسؤولة عن حركة نقل البيانات، والحديث هنا عن الهواتف الذكية، وهذه الأخرى يملك بالمير وصفة نجاحها أيضاً، حيث ينوي توسعة سوق الهواتف الذكية بصورة واضحة، وتجهيز الهواتف بنفس الخدمات المُشار إليها سابقاً ضمن معدل أسعار معتدل.
وأكّد قائلاً: "وعلى ما يبدو أن سوق الاتصالات اللاسلكية خلّفت النمو المتفجّر وراءها. والآن حان الوقت لنشر الهواتف الذكية". ويصف المعوقات التي لا تزال تقف حتى اليوم في طريق تطوّرهذه الوُجهة وكأنها دائرة شر يجب اختراقها. ويبرر بالمير ارتفاع أسعار الأجهزة بسبب قلة انتشارها في الأسواق قائلاً: "والسؤال الآن، متى سنرى الهواتف الذكية، والتي ستتراوح تكلفتها بين 100 إلى 150 يورو". وتعتبر الأسعار من وجهة نظره مرتفعة جداً، لأنه لم يتم تحقيق الموازنة في السوق الضخمة بعد، نظراً للحجم المتاح حتى الآن من الكمية، وجودة الاستخدام. وفي هذه النقطة بالتحديد يضع بالمير شركة مايكروسوفت داخل إطار اللاعب المحترف، حيث يصف مدير "مايكروسوفت" الوضع، ويعرض الحل في الوقت نفسه قائلاً: "عندما تنظر اليوم إلى الهواتف الجوالة ضمن معدل سعري معتدل، تجد أنظمة تشغيل متنوّعة إلى حدٍ كبير، وعلى شركات تطوير الاستخدامات أن تعمل على ملاءمة كل نظام من أنظمتها التشغيلية مع كل جهاز من أجهزتها، وهذه من الممكن فعلاً أن تسبب فوضى حقيقية". ويُضيف قائلاً: "عندما تريد أن تطوّر عرضاً قوياً فيما يتعلّق باستخدامات الأجهزة، تحتاج إلى نظام تشغيل قياسي يتلاءم مع جميع الهواتف الجوالة بغض النظر إذا ما جاءت "مايكروسوفت" بهذه الخطوة السبّاقة أم غيرها، إلا أنه من واجبي أن أبدي الكثير من الاهتمام والمثابرة لتتمكن "مايكروسوفت" فعلاً من تحقيق هذه الأسبقية".
واليوم تتجه أغلب شركات التزويد إلى الشركة البريطانية "سامبيان"، بهدف تحقيق قاعدة قياسية، لكن بالمير يقول إن هذا الأسلوب لا يمكن أن يناسبه بأي حال من الأحوال. ومن وجهة نظره المليئة بالشكوك تجاه سامبيان، فإنه ليس وحده من يتخذ هذا الموقف، وخاصةّ أن ما يصنع تقدّم الشركة هي نسبة المساهمات الكبيرة فيها من قبل نوكيا. ويقول: "عندما تذهب إلى دول مثل الصين أو تايوان، يُفضّل الناس هناك أنظمة التشغيل الخاصة بالشركات المزودة غير المرتبطة بشركات تصنيع الهواتف الخلوية إلى حدٍ كبير، والتي تُعد هناك من الشركات المنافسة في هذا القطاع أيضاً". بالإضافة إلى أن سامبيان لم ترخّص أي منتج كامل حتى الآن. وعندما تريد شراء بقيّة حزمة البرنامج التشغيلي الكامل، عليها التوجّه إلى نوكيا، وتبلغ تكلفة رخصة سامبيان نحو 20 في المائة فقط من التكاليف الإجمالية من الحزمة بأكملها. ونظراً لهذا الأمر ترى شركة مايكروسوفت أنها تقدّم حلاً جيداً لسوق الاتصالات اللاسلكية. وبالإضافة إلى أنه عرض الأنظمة البرمجية الخاصة بأسعار زهيدة، يعد بعيداً عن المنطق، ويزيد بالتالي من حدة النزاعات حول الأسعار في السوق.
وتشجّع "مايكروسوفت" من ناحية أخرى التضامن ما بين أنظمتها التشغيلية مع الأجهزة المتميّزة بتواضع الأسعار. ولهذا يشدد بالمير على أهمية التعاون المعلن عنه في برشلونة مع شركة تصنيع الشرائح "تكساس أنسترومنتس"، والتي تحظى بطلبٍ واسع على القطع الإلكترونية التي تصنّعها في الكثير من أجهزة الهواتف الجوالة . ولهذا من المفترض العمل على تعديل أنظمة "مايكروسوفت" التشغيلية لتتناسب مع العمل بنجاح أيضاً في أجهزة الهواتف الجوالة ضعيفة الإنتاجية نوعاً ما. ويوضّح بالمير، دون ذكر أسماء قائلاً: "إن هذا العمل المشترك مع شركة تصنيع الرقاقات الصغيرة في غاية الأهمية بالنسبة لنا، بهدف التقليص من حجم تكاليف الأجهزة القابلة للعمل على الخدمات المتعلقة بالشبكة المعلوماتية. وسيتبع هذا العمل المشترك لاحقاً المزيد من التعاقدات مع غيرها من شركات تصنيع الشرائح الأخرى".
وتكمن إحدى أهم إيجابيات تطبيقات "مايكروسوفـت" في التداخل ما بين برمجيات الاتصالات اللاسلكية ضمن الحزمة الكاملة للشركة، حسب المعطيات التي جاءت عن بالمير. وبهذا يمكن معادلة محتويات الحاسوب الشخصي مع أخرى على الهاتف المحمول بالتزامن مع إطلاق نسخة النظام التشغيلي الجديدة للحواسيب "فيستا"، والمتضمّنة لخدمة الوظائف المتزامنة، حيث تستغل "مايكروسوفت" هذه الإيجابية، لتتمكن من النجاح لاحقاً بمتصفّح الإنترنت الخاص بها "إنترنت إيسكبلورر"، وكذلك تسريع أرباحها بحصص متقدّمة من السوق، ولاحقاً بفرض السيطرة عليها.
وبهدف تحسين مركزها في سوق الاتصالات اللاسلكية أكثر، تنوي شركة مايكروسوفت الاستحواذ على شركة أخرى، حسب ما صرّح به بالمير. وتم الإعلان في برشلونة عن طلب شراء الشركة الفرنسية "موشن- بريدج" المتخصصة في محركات البحث على شبكة الإنترنت وصرّح بالمير: "سنقوم بشراء المزيد من الشركات في العام التجاري 2006 (30 حزيران- يونيو)، كما لم تقم "مايكروسوفت" بذلك في أي من أطوار حياتها من قبل. وعلى أية حال، فإن حجم الشراء يبلغ قيمة أقصاها 200 مليون دولار لكل عملية، وأحياناً أخرى تقلّ القيمة عن هذا".