خطة طوارئ للبنوك لمواجهة إنفلونزا الطيور

 خطة طوارئ للبنوك لمواجهة إنفلونزا الطيور

ما أن ظهرت أول حالة من حالات الإصابة بفيروس إنفلونزا الطيور حتى سارعت شركة إيديكا لتجارة و بيع الطيور في ألمانيا بتخصيص ما أسمته "خط الهاتف الساخن" حيث يمكن للمستهلكين عن طريق هذا الخط من توجيه أسئلة و تلقي إجابات من موظفي "إيديكا" على مدار الساعة حول مرض أنفلونزا الطيور. وتهدف هذه الفكرة إلى امتصاص خوف المستهلكين. ويؤكّد التجّار والشركات المصنّعة باستمرار إلى أن ألمانيا لم تشهد حتى الآن حالة إصابة واحدة من الطيور بهذا الفيروس الفتّاك، ما يعني تخطّي المخاوف من استهلاك لحوم الطيور، إضافة إلى أنه لم يتم التبليغ عن حالة نقل فيروس أنفلونزا الطيور من شخص إلى آخر حتى الآن. ولكن بالطبع هذا لا يمنع الشركات المعنيّة من التحضير لمثل هذه الحالات الطارئة.
وعملت مجموعة شركات ديجوسا للمواد الكيميائية نهاية العام الماضي على تحضير خطة عمل طارئة تهدف إلى تقليص حجم الاحتكاك بالعاملين في الحالات الطارئة. وتم وضع خطة عمل مفصّلة تختص بكل مصنع على حدة، حيث يتمكّن البعض من العمل من منازلهم في الحالات الطارئة، وباستثناء الذين تستدعي الحاجة الماسة إلى وجوده داخل موقع العمل، كما هي الحال في الصيانة، والإنتاج مثلاً، حسب ما جاء عن المتحدّثة الرسمية للشركة (هايلور جانتسر).
ووُزعت الخطّة المذكورة على جميع الشركات الكبرى تقريباً خلال الأشهر القليلة الماضية. ورسم ثالث أكبر بنك في العالم "HSBC" مسودة خطة طارئة، تمكّنه من العمل كالمعتاد في حالة انتشار وباء إنفلونزا الطيور بنصف حجم طاقم العمل المتوافّر لديه أصلاً. وأكّد البنك الألماني "دويتشيه بنك" في فرانكفورت بأنه قد تم وضع الخطط، بحيث تضمن حماية الموظفين أنفسهم، ولكن كذلك مواصلة حركة الشركة التجارية. وأُقيم مع أول ظهور لمرض إنفلونزا الطيور في جنوب شرق آسيا مؤتمر دولي عُقد في الولايات المتحدة الأمريكية يختص بالشؤون الداخلية للبنك، ومنذ ذلك الحين توجد خطة طارئة به، والتي تُقدّم سيناريوهات مختلفة تمكّن من استدعاء الخبراء المختصين لتقييم الحالة بشكلٍ دقيق، وتقديم استشارات حول الإجراءات اللازم اتخاذها لاحقاً. ووضعت الكثير من البنوك خططاً طارئة، والتي تبيّن كيفية تعرّف العاملين في مجال الخدمات الإنتاجية الخارجية في حالة انتشار الوباء، وأي الموظفين قادر على متابعة العمل عن طريق الحاسوب الشخصي المنزلي, وأي من المكاتب الأخرى متاح للتواصل المباشر.
ويشهد داء الإصابة بفيروس إنفلونزا الطيور اهتماماً من قبل مجموعات الشركات السياحية على مستوى العالم، حيث سجّلت تركيا حتى الآن تراجعاً طفيفاً على معدلات الحجوزات السياحية عقب الظهور الأول للمرض هناك، ولكن حسب ما ورد عن المتحدّثة الرسمية لشركة TUI السياحية قبل بضعة أيام فقد عادت المعدلات إلى حجمها الطبيعي. وكذلك تتحدث مجموعة "توماس كوك" السياحية عن عودة معدلات السياحة إلى تركيا إلى معدلاتها الطبيعية مرة أخرى.
إلا أنه في المقابل لا يمكن الحديث عن عودة أوضاع تكاثر الطيور إلي طبيعتها برغم أن الرابطة المركزية لتربية الطيور والدواجن الألمانية في برلين تؤكّد أنها لا تواجه حالياً أية مشاكل فيما يتعلّق بعروض المصادقة الصحية على الطيور، حيث توجد أقفاص كافية ومعقّمة. إلا أن الرابطة تشغلها الكثير من المخاوف والقلق حول حجم مبيعات وترويج لحوم الطيور. وبينما يشهد حجم الطلب على البيض، وأسعاره أيضاً، في الوقت الراهن ارتفاعاً، فقد انخفض حجم مبيعات لحوم الطيور في غضون أشهر قليلة نحو 10 إلى 15 في المائة. ويعود هذا التراجع بالطبع إلى الأخبار الشائعة حول إنفلونزا الطيور، وكذلك على النقاشات حول اللحوم الفاسدة. ولهذا على المرء أن يدرك، أن هذا لا يختص إلا بالقطاعات الزراعية التقليدية.
ولا يرى ألكسندر جيربير مدير عام منظمة اقتصاد الوسائل الغذائية البيئية الاتحادية في برلين حدوث تراجعً في الطلب على تشغيل الإنشاء الزراعي البيئي. ويعلّق قائلاً: "على العكس، لقد نفدت السلع لدينا، ولا يمكننا تغطية الطلب على لحوم الطيور".
وما يُشغل جيربير أكثر هو العواقب التي من الممكن أن تصيب بعض سكّان الأرياف وأصحاب المزارع، حيث توجد مزارع للطيور المائية، ولم تحظ حتى هذه اللحظة على أقفاص تُوضع فوقها، وعلى هذه المزارع وغيرها بناء الأقفاص، أو شراء البيوت البلاستيكية الجاهزة على الأقل. وهذا يختص ببعض المصانع الصغيرة التي تتراوح نفقاتها ما بين خمسة آلاف و15 ألف يورو كأقصى حد. ويطلب جيبير من حكومة الاتحاد بتطبيق وعودها لمساعدة المزارع المعنية في هذا.
وتنتشر المخاوف كذلك في أوساط المسؤولين الاقتصاديين والسياسيين حول انتشار داء إنفلونزا الطيور. ولا تزال العواقب الاقتصادية الخاضعة للدراسات و الأبحاث حول انتشار وباء إنفلونزا الطيور تقديرات نظرية فقط، والتي عرضتها أخيرا مؤسسة أسترالية. ويهدد انتشار الوباء بمصرع نحو 140 مليون إنسان حول العالم. ومن المقدّر أن يبلغ حجم الأضرار الاقتصادية في أسوأ الأحوال نحو 3.7 تريليون يورو. وقد توصّلت المؤسسة الأسترالية "لوفي" للسياسة الدولية إلى هذه المحصّلة، بالاعتماد على سيناريوهات مماثلة، ومعدلات متوافّرة بالأصل لدى المؤسسة حول انتشار وباء الإنفلونزا السابق، وانتشار وباء "سارس" عام 2003. وقدّر البنك الدولي حجم تكاليف انتشار أحد الأوبئة منذ نصف عام تقريباً بنحو 800 مليار دولار.
ويخشى العلماء هذا النوع من الأوبئة وخاصةً في حالة نضوج فيروس "H5N1" وبخاصة إذا أصبح قابلاً للانتقال من إنسان إلى آخر، وهو أمر لم يحدث حتى الآن.

الأكثر قراءة