تغير الزمان وانحسر نفوذ صانعي الفرص الصينيين

تغير الزمان وانحسر نفوذ صانعي الفرص الصينيين

تغير الزمان وانحسر نفوذ صانعي الفرص الصينيين

عندما يترك فرانسيس ليونج وظيفته التي كان يعمل فيها بشكل متفرغ في "سيتي جروب" أواخر هذا الشهر بعد 26 سنة ظل خلالها واحدا من أكثر مصرفيي الاستثمار نفوذاً في هونج كونج وفي الوطن الأم، سيكون غيابه ملموساً خارج مجموعة الخدمات المالية الأمريكية.
ليونج الذي اتصفت صفقاته في أغلب الأحيان بجرأتها، جزء من عدد متضائل من المصرفيين الذين بنوا سمعتهم على روابطهم القوية مع صفوة عالم الأعمال والسياسة في الصين وهونج كونج.
وأثبتت رغبتهم في لعب الجولف مع الرؤساء التنفيذيين وتناول العشاء مع المشرعين والسياسيين، وهي الأمور التي اقترنت بمعرفتهم بقطاع الأعمال الصيني، أنها مهمة لشركات الاستثمار العالمية.
وعلى مر السنين طورت الصين نظاما مصرفيا استثماريا غريباً، حين سيطرت حفنة من صانعي الفرص على حزم مكافآت بعدة ملايين من الدولارات، بسبب قدرتهم على الفوز بصفقات من خلال علاقاتهم.
لكن يبدو أن سلطات هؤلاء المصرفيين البارزين تشهد اضمحلالاً في الوقت الذي يؤدي فيه تطور الصين الاقتصادي السريع والحنكة المتزايدة إلى إجبار الشركات الأمريكية على تغيير طريقة عملها في البلاد.
ووفقا لبول كاليلو الرئيس التنفيذي لبنك كريدي سويس Credit Suisse في منطقة الباسيفيك الآسيوية: "عليك أن تنظر إلى الصين كما تنظر إلى الأسواق المتطورة. لم يعد الأمر يقتصر على إقامة العلاقات المناسبة، بل يتعلق بتشكيل الفرق وعرض القدرات العالمية للشركة".
ويرى مصرفيون كبار أن الاعتماد على صانعي الفرص يعرض الشركات لمخاطرة فقدان معظم قواعد زبائنها بين عشية وضحاها، إذا تم إبعاد نجمها بواسطة منافس.
ويقول مايكل بيرتشتولد رئيس "مورجان ستانلي" المسؤول عن العمل المصرفي الاستثماري في آسيا: "بالتأكيد نحن في عصر القدرة والخبرة، وليس في زمن الهرج والمرج. فحتى يكون لك عمل طويل الأجل في الصين، من المهم أن تتأكد من إدارة العمليات كجهد فريق".
ويعمل توزيع مسؤولية الفوز بالصفقات في الصين على تقليص المخاطر التنظيمية للعمل عندما تقع أحداث مؤسفة. ويقول روبرت مورس الرئيس التنفيذي لبنك الشركات والاستثمار التابع لـ "سيتي جروب" في منطقة الباسيفيك الآسيوية، الذي خسر مصرفية الصين البارزة مارجريت رين عام 2004 بعد ادعاءات بسوء التصرف، إن البلاد أهم من أن تكون تحت رعاية شخص واحد.

ويضيف: "لست معجباً كبيراً بأنموذج صانع فرص وحيد للقيام بالأعمال في الصين. أعتقد أن الأعمال في الصين أصبحت أكبر من أن تناسب ذلك الأنموذج، فهو يعرض البنك لكثير من التركيز ولا يمكنك من تقديم أفضل ما لدى البنك للزبائن".
وفي الوقت نفسه، فإن ظهور شركات صينية بخطط توسع عالمية وإدارة طموحة أجبر بنوك الاستثمار على تصعيد لعبتها.
ويروي الأشخاص المنخرطون في عرض استحواذ عدائي بقيمة 19 مليار دولار قدمته شركة CNOOC لشركة يونوكال Unocal الأمريكية كيف أن الإدارة العليا لمجموعة الطاقة الصينية أخبرت مستشاريها، "جولدمان ساتش" و"جيه. بي مورجان"، بأن يلجآ إلى مصرفييهم العالميين للطاقة، إلى جانب العاملين في الصين.
ويقول أحدهم: "الرئيس التنفيذي فو شينجيو أراد نصيحة أفضل المتخصصين في الصناعة، وكان أقل اكتراثاً فيما إذا كانوا صينيين أو برتغاليين".
لكن بينما تتحرك شركات "وول ستريت" لتوسيع فرقها وتقليص نفوذ صانعي الفرص، فإنها تواجه بيئة قاسية تكون فيها المواهب نادرة ومكلفة. وحسب أليس أوو الشريك الإداري في مكتب هيدريك آند ستراجيلز Heidrick and Struggles لاستشارات التوظيف في هونج كونج: "سوق مصرفيي الاستثمار في الصين ساخنة جداً في الوقت الحاضر هناك طلب كبير على المصرفيين ذوي الخبرة الذين يملكون مهارات تقنية ممتازة ويملكون العلاقات المؤسسية المناسبة".
ومع هذا، فإن العرض تقيده حدود أنظمة التعليم والتوظيف في الصين، وزيادة المنافسة من صناديق التحوط الغنية بالأموال النقدية، ومجموعات الأسهم الخاصة، ونتيجة لذلك فإن عدة بنوك استثمار – بما فيها "جولدمان ساش"، "ميريل لينش"، و"دويتش بانك" ـ أبقت على مصرفييها البارزين في الصين واستغلت علاقاتهم السياسية والمؤسسية للفوز بصفقات بارزة.
وليس سراً أن السباق للفوز بمنصب مستشار بنك الصين الصناعي والتجاري، وهو أكبر مقرض حكومي في البلاد، فيما يتعلق بخطط تسجيله بمبلغ يزيد على عشرة مليارات دولار في بورصات خارجية، سيرسّى على البنك الذي يملك أفضل العلاقات في بكين.
ورغم كل الحديث عن زوال صانعي الفرص الصينيين، إلا أنهم يستطيعون أن يحيكوا بضع حيل أخرى قبل أن يصبحوا من الماضي.

الأكثر قراءة