الكاريكاتير.. الفن التشكيلي-الصحافي

يحتار الشخص أحياناً حول فن الكاريكاتور.. هل هو فن صحافي بحت؟ مفرداته مفردات العمل الصحافي من حيث ملاحقته للأخبار، وتنقيبه الدائم وبحثه الجاد عن القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية..أم هل هو فن تشكيلي يقوم أساساً على الخط والتلوين؟ في حقيقة الأمر هناك قاسم مشترك بين رسام الكاريكاتير والصحفي. بل إن رسام الكاريكاتير يعتبر صحافياً يعبّر من خلال خطوطه وألوانه عن هموم الناس وقضاياهم تماماً كما يتناولها الصحافي في أخباره ومقالاته وتغطياته. كما أن فنان الكاريكاتير يحمل نفس المبدأ الذي يحمله الصحافي من حيث نزاهة العمل واستقلالية الفكر وحرية الرأي وخدمة المجتمع. وهو يسهم بشكل فعّال في إثراء الجانب الصحافي و الجانب الفني في الصحيفة، كما أن لوحاته تقدم مادة صحفية دسمة يستمتع بها القرّاء على اختلاف مستوياتهم. على الجانب الآخر يمكن القول إن فنان الكاريكاتير فنان تشكيلي بالدرجة الأولى، فالكاريكاتير يقوم أساساً على الخط والتلوين، وأن فنان الكاريكاتير لابد أن يكون على قدر واسع واطلاع كبير على الأدوات والخامات الفنية المختلفة. كما أنه استخدم مختلف الأدوات والخامات الفنية حتى استقر في نهاية المطاف على أدوات وخامات معينة اطمأن إليها في إنتاج أعماله الكاريكاتورية. إن فنان الكاريكاتير المتمكن يكون على قدر جيد من الثقافة الفنية، من حيث تاريخ الفن ونشأته، ويكون ملماً بالمدارس الفنية، وأن يكون لديه ثقافة جيدة بتاريخ الكاريكاتير ومراحل تطوره، محيطاً بأسماء فناني الكاريكاتير المحليين والعالميين، متابعاً لأعمالهم، محيطاً بأخبارهم، وبكل ما يستجد ويتعلق بفن الكاريكاتير. إذاً ففن الكاريكاتير في حقيقة الأمر عبارة عن مزيج فريد بين العمل الصحافي والفن التشكيلي. لكنه يحمل سمة مميزة تختلف عن العمل الصحافي التحريري، كما تختلف عن الفن التشكيلي البحت. وهذا المزيج أعطى فن الكاريكاتير تلك القوة الحقيقية في قدرته على إيصال رسالة الفنان بكل أمانة إلى الناس.. بالبساطة والوضوح التي يتمتع بها العمل الصحافي، وفي سرعة الوصول إلى المتلقي التي يحققها الفن التشكيلي ، فهو يتضمن الكلام ، كما يتضمن الرسم والألوان والشخصيات الهزلية ، وهذا ما يفسر عشق الجماهير له أيضاً.
إن فن الكاريكاتير يقدم القضية الجادة بأسلوب ساخر من حيث الفكرة الكاريكاتورية الساخرة ، ومن حيث الخطوط والألوان. فالكاريكاتير يكسر حاجز الواقعية ، كما يكسر الجمود والرتابة ، فيحقق قدرته على إيصال القضية التي يتناولها بخفة في خطوطه وعباراته بأسلوب شيق جميل يبهج القارئ ويستأنس به. فيبتعد عن الجدية والإسهاب في الوصف والتعبير.