حفر 7000 بئر غير مرخصة تتسبب في اختفاء عيون الأحساء

حفر 7000 بئر غير مرخصة تتسبب في اختفاء عيون الأحساء

الأحساء جمع حسي والاسم يطلق على كل أرض صلبة تغطيها طبقة من الرمال تختزن مياه الأمطار بحيث يمكن الحصول عليها نقية عذبة بحفرعمق بسيط ، وحبا الله سبحانه الأحساء بهذه الميزة، لذا جاءت التسمية مطابقة لطبيعة المنطقة حيث عرفت واحة الأحساء منذ القدم بوفرة مياهها الجوفية العذبة التي تكتنزها في طبقة النيوجين، وكثرة نخيلها التي تربو على الثلاثة ملايين نخلة . تاريخ العيون ونشأتها أوضح المهندس أحمد الجغيمان مدير هيئة الري والصرف في الأحساء أن أول ذكر للأحساء كمركز للإنتاج الزراعي ووفرة المياه يعود إلى الحضارة السومرية نحو 2500-3000 قبل الميلاد، وفي القرن الأول الميلادي ذكر استرابو في كتابه "جغرافية الإمبراطورية الرومانية" وجود نهر دائم التدفق ينبع من الأحساء متجهاً نحو العقير، ونظراً لأهمية الأحساء الزراعية والاقتصادية المتعلقة بوجود العيون فقد كانت مسرحاً لكثير من النزاعات والحروب خلال القرون الوسطى بين الأشوريين، والفرس، والبرتغاليين، والأتراك والعرب. وفي العصر الحديث فترجع المعلومات الموثقة التي توافرت عن عيون الأحساء من حيث عددها وكمية المياه المتدفقة منها إلى عام 1944م حين ذكر "توتشل" أن واحة الأحساء يوجد فيها عدد كبير من العيون التي تتدفق مياهها طبيعياً، وقدر كمية تدفقها بنحو 93.300 جالون في الدقيقة، كما قام فايدال عام 1952م بإحصاء حوالي 60-70 عيناً منها أربع عيون كبيرة جداً أعلاها تدفقاً هي عين الحقل بمعدل 22500 جالون في الدقيقة، وفي دراسة وزارة الزراعة والمياه عام 1963/1965م ، التي انتهت بإنشاء مشروع الري والصرف تم إحصاء ودراسة وضع 162 عيناً معظمها تتدفق مياهها طبيعياً، منها 42 عيناً كبيرة، ويراوح معدل التدفق لكل عين من 0.001 إلى 1.7 متر مكعب في ثانية. وقدرت كمية المياه الإجمالية من العيون بنحو 12 متر مكعبا في الثانية نحو 390.7 مليون متر مكعب سنوياً كما أحصت شركة إيطالكونسلت عام 1968م عدد 102 عين منها 22 عيناً جافة . وأثناء إنشاء مشروع الري والصرف في الفترة ما بين 1966-1971م تم تحسين أوضاع هذه العيون وتكسيتها وخفض مخارج 32 عيناً كبيرة منها وربطها بشبكة الري، ومن ثم بدأت إدارة المشروع منذ 1971م برصد وتسجيل كميات مياه العيون ومناسيبها ودرجة ملوحتها. أما أحدث دراسة عن العيون فقد أجرتها وزارة الزراعة والمياه عام 1977م وفيها تم حصر ودراسة 195 عيناً منها 55 عيناً تتدفق مياهها طبيعياً طوال العام أو موسمياً، و80 عيناً تشتغل بالضخ و60 عيناً مهجورة أو ناضبة . كميات ومصادرالعيون ودرجة الملوحة أشار الجغيمان إلى أن عيون الأحساء ظلت المصدر الرئيس لإمدادات المياه لكافة الاستخدامات في الواحة حتى مطلع الثمانينيات الميلادية. ومنذ عام 1983م بدأت كمياتها ومناسيبها في الانخفاض التدريجي نتيجة زيادة سحب المياه من الطبقة المغذية لها تكوين النيوجين من أكثر من جهة وخاصة الأهالي الذين حفروا عددا كبيرا من الآبار غير المرخصة يقدر عددها حالياً ما بين 6 و7 آلاف بئر، فأدى ذلك إلى توقف التدفق الطبيعي في جميع العيون بعد منتصف الثمانينيات الميلادية، بدء النضوب التدريجي للعيون الأقل عمقاً التي يراوح عمقها ما بين 5 و16 متراً ثم الأكثر عمقاً، وكانت آخر العيون التي نضبت هي عين الجوهرية في عام 1996م. المواقع الجغرافية للعيون أكد مدير هيئة الري والصرف في الأحساء أن العيون تنتشر في مواقع متفرقة على امتداد الحافة الغريبة للواحة ويتركز وجودها في ثلاثة مواقع مكونة ثلاث مجموعات رئيسية هي: مجموعة الهفوف الواقعة على بعد ثلاثة كيلومترات جنوب شرق الهفوف مع امتداد شرقي لها، وهي أكبر المجموعات وتتكون من نحو 60 عيناً أهمها وأكبرها عين الخدود، الحقل، بسيتينات، أم دلي، اللويمي، حوير، تعاضيد، راسيبه، برابر، ومانع. مجموعة المطيرفي حول قرية المطيرفي في شمال وسط الواحة وتتكون من نحو 32 عيناً أكبرها عين أم سبعة، عين منصور، عين الحويرات، عين ناصر، وعين جديدة. مجموعة شمال الواحة حول قرية المراح وتتكون من 32 عيناً أكبرها عين خليف وزامت وتوجد عيون أخرى كبيرة خارج نطاق هذه المجموعات كالعيون الواقعة حول المبرز مثل عين الحارة، عين باهلة وعين الجوهرية الواقعة في قرية البطالية. ولمزيد من إلقاء الضوء على تلك العيون ومجالات استثماراتها استطلعت "الاقتصادية" آراء بعض المسنين حيث أخذ عوض الثواب الذي تجاوز عمره 75 عاماً يسترجع ذكرياته القديمة مع والده حينما كان شاباً يافعاً في مقتبل العمر يحمل الماء من عين المطيرفي إلى مزرعته التي تعتبر الآن من أكبر المزارع المنتجة في الأحساء. يقول الثواب إن عيون الأحساء قبل 40 عاماً تقريباً كانت تتدفق طبيعياً وتجري فيها أنهار متعددة، وبساتين الواحة مع كثرتها وتعددها لم يكن بينها حواجز إطلاقاً، فكانت الواحة متصلة يستمتع بها المار والزائر والمقيم، أما في الوقت الحاضر فجميع البساتين مسورة واليانبيع لم تعد تتدفق طبيعياً ولم يعد هناك ما يجذب الزوار والسياح. 70 نبعاً في الأحساء المعلومات التي جمعت على مر السنين عن عيون الأحساء وعددها الإجمالي بدقة غير معروف، لكن هناك اعتقاد أن العدد الإجمالي يقع مابين 60 إلى 70 نبعاً وربما أكثر، من بينها أربعة ينابيع كبيرة جداً، وتنتشر هذه العيون على مساحة الواحة، والاختلاف أيضا في كمية المياه المتدفقة والمسافات الفاصلة بينها، ومن هذه العيون على سبيل المثال باهلة، برابر، الحقل، الحارة، الجوهرية، الخدود، المرجان، عين نجم، الحويرات، غصيبة، أم سبعة، المطيرفي، والتعاضيد. يؤكد عبد الله السلطان أن واحة الأحساء كانت تزخر بكم هائل من المياه، حيث كانت العيون تنتشر في كل مكان وكان فيها نهر يطوف مزارعها وقراها يسمى سليسل تجتمع فيه مياه العيون، وقد تجمعت المياه الجوفية في واحة الاحساء نتيجة انجرافها تحت طبقات الأرض من مناطق المملكة الوسطى والغربية التي تتكون من هطول الأمطار عليها فتتجمع تحت واحة الأحساء لكونها منخفضة عن باقي المناطق، وتجتمع المياه في طبقات مختلفة تتفاوت في العمق: طبقة النيوجين، وتبدأ من سطح الأرض وحتى عمق 150 متراً حيث إن غالبية مياه الأحساء موجودة في هذه الطبقة، طبقتا الخبر والدمام وهما على عمق يصل إلى 200 - 250 مترا، طبقة أم الرضمة وهي طبقة أعماق تصل إلى 400 متر وهي تتميز بمياه كبريتية ساخنة. العيون المائية مقوما سياحياً للمنطقة التقت "الاقتصادية" المهندس سلمان البويت من "أرامكو السعودية" والذي أكد بأن كمية كبيرة من مياه ينابيع الأحساء قادمة من الجنوب الغربي مصدرها الحاجز الجبلي لجبال السروات حيث تتسرب الأمطار التي تهطل على تلك المنطقة نحو الشرق والشمال الشرقي كما أن المياه التي تنفذ من منطقة الصمان جنوب غربي الأحساء نتيجة الأمطار الموسمية تتجه نحو الأحساء حيث تحتجز في صدع حقل الغوار فتندفع إلى أعلى مكونة ينابيع طبيعية، وأشار البويت إلى أن معظم ينابيع الأحساء تعد صالحة للشرب والري حيث إن درجة ملوحتها لا تتجاوز 1400 جزء في المليون، وأضاف أن تلك العيون المائية التي تنتشر في الأحساء تعتبر مقوما سياحيا مهما في المنطقة، حيث توفر هذه العيون جوا ساحراً وجميلا يعشقه الناس في الأحساء خصوصا وأن المياه تأتي باردة من الأنابيب، ويزداد الازدحام على تلك العيون طيلة اليوم ويشتد إذا كانت هناك مناسبة معينة كالأعياد وحفلات الزفاف، ففي السابق كانوا يستخدمون العيون لتجهيز العريس حيث يوجد مع رفاقه وأقاربه منذ الصباح الباكر ليستحم هناك ويتم تجهيزه وفي المساء ينتقل إلى موقع حفل الزفاف أما الآن فاتجه العرسان للصالات والفنادق. أما هشبل العيافي فيؤكد أن العيون ضررها أكبر من فائدته، فالمياه على حد قوله ليست صافيه وتجلب الأمراض، كما أن المنظر العام الخارجي للعيون غير حضاري، فهو مفتوحة وعشوائية وأتمنى من هيئة الري والصرف في الأحساء إغلاقها أو إيجاد طريقة لعملها خلاف واقعها، كما أن أغلب الذين يسبحون فيها لا يجيدون السباحة وقد سمعنا وقرأنا عن بعض الأشخاص الذين ذهبوا ضحية لذلك. وهناك ذكريات لا ينساها خالد السليم مع عين نجم حيث كان يذهب مع جدته ووالدته وبعض أقربائه الذين يأتون من الرياض، فيقول كنا نذهب إلى هناك حيث تمتاز عين نجم بحرارتها المرتفعة ولكونها مياها كبريتية فإنها تعتبر علاجاً شافيا لأمراض المفاصل والعضلات وخصوصا الروماتيزم، ويقترح السليم أن تولي الهيئة العليا للسياحة وهيئة الري والصرف في الأحساء العناية والاهتمام بتلك العيون وتدرجها ضمن قائمة اهتماماتها المستقبلية لتحديث السياحة في الأحساء, حيث إن تلك العيون تستحق العناية وأكبر دليل على ذلك الإقبال المتزايد من الشباب عليها يوما بعد يوم. سياح من خارج الوطن "الاقتصادية"التقت أحد الزائرين للأحساء من دولة البحرين "خليل النعمة" ويعمل رئيسا لتحرير مجلة "الغد" البحرينية الذي تحدث قائلا: أزور الأحساء بين الحين والآخر وخصوصا في العطلة الصيفية, ولا أخفيك أني أحرص خلال زيارتي على الاستمتاع بالاستحمام في العيون المائية التي تشتهر بها الأحساء عن بقية مناطق المملكة، وخصوصا عين "الحارة" حيث اقضي عدة ساعات وسط المياه. ويضيف النعمة ولكن ما يزعجني في الحقيقة أن بعض المتنزهين لتلك العيون يحضر بعض الأطعمة الخفيفة وبعد الأكل يقوم برمي المخلفات داخل البركة مما يسيء إلى المنظر الجمالي, وما أتمناه أن يسهم المواطن في المحافظة على مثل هذه الأماكن السياحية الجميلة في البلد. إنشاء أندية صحية من جهة أخرى أكد المهندس عبد الله الفضلي أن الأحساء تشتهر بوجود عيون مياه باردة وأخرى حارة حيث تراوح درجات حرارتها بين 20 و45 درجة مئوية, وأشار إلى بعض المقترحات التي من شأنها تطوير العيون المائية في الأحساء ومنها إنشاء أندية صحية تحتوي على برك ومتنزهات, وإنشاء مدن ملاه مائية بالقرب من تلك العيون, والاستفادة من تلك العيون في إنشاء أندية علاجية لالتهابات المفاصل المزمنة والروماتيزم كونها مياها كبريتية كعين نجم والحارة وأم سبعة التي تصل درجة حرارة مياهها إلى 45 درجة مئوية, وحول المخاوف من تلوث المياه الجوفية في المنطقة أوضح الفضلي أن مصادر التلوث عديدة منها مياه المجاري أو المصارف الزراعية أو بسبب تسرب الوقود من بعض المحطات, لكن ما يهون الأمر أن المياه الجوفية موجودة عادة تحت طبقة صخرية تمنع تسرب المياه السطحية إليها وإن كانت هناك مخاطر بسبب الاعتماد على البيارات بديلا لشبكة الصرف الصحي. درجة ملوحة مياه العيون ولمعرفة نسبة الأملاح في مياه تلك العيون والطبقات التي تغذيها وإمكانية الحفاظ عليها ذكر المهندس الجغيمان الذي أشار إلى أن درجة الملوحة في عين الخدود تراوح من 1254 إلى 1702 ملجرام/لتر وفي عين أم سبعة من 1312 إلى 1728 ملجرام/لتر وفي عين الحارة من 1408 إلى 1715 ملجرام/لتر وأخيراً في الجوهرية من 1280 إلى 1715 ملجرام/لتر. وبالرغم من تعدد الجهات التي قامت برصد التحاليل لمياه العيون فإن هناك اتجاهاً واضحاً يشير إلى ارتفاع ملوحة المياه زمانياً, وهذا يتسق مع الانخفاض الكبير الذي طرأ على مناسيبها ومن ثم نضوبها. الطبقات المغذية لعيون الأحساء أضاف الجغيمان تشير الدراسات السابقة إلى أن عيون الأحساء كارستية تكونت في التشققات والكهوف الكلسية لطبقة الحجر الجيري المعروف باللدام العضو الأوسط لتكوين النيوجين, وتشكل مع السبخات والعيون الأخرى في الخليج منافذ تصريف طبيعي للمياه الجوفية. وقد ساعد وجود حاجز منخفض النفاذية في طبقة النيوجين إلى الشرق من الأحساء نتيجة لزيادة نسبة الطين فيها إلى ظهور العيون في مواقعها الجغرافية على الحافة الغربية من واحة الأحساء. ويعتبر تكوين النيوجين المغذي الرئيس للعيون مع وجود مساهمة من تكوين أم الرضمة في المنطقة التي يكون فيها تكوين الدمام مبتوراً فوق طية الغوار المحدبة غربي الأحساء، مما يتيح التماس المباشر بين تكوين النيوجين وأم الرضمة نافذة الدمام, ولذا فإن مياه العيون عبارة عن خليط من نحو 75-80 في المائة مستمد من مخزون النيوجين, ونحو 10-15 في المائة من تكوين أم الرضمة, ونحو 5-10 في المائة مستمد من التغذية السنوية من الأمطار التي تسقط فوق منكشف طبقة النيوجين. وبالتالي فإن مياه العيون خليط من مياه حديثة ومياه قديمة اختزنت في الطبقات منذ نحو 9 - 23 ألف سنة حين كانت معدلات الأمطار أعلى مما هي عليه الآن كما ظهر من تحاليل النظائر المشعة الكربون 14 والتريتيوم, وذكرت دراسة BRGM عام 1977م أن الفترة قبل عام 1971م ولأكثر من ألف سنة شهدت ثبات كميات المياه المتدفقة من العيون وذلك نظراً لأن المزارعين لم يكونوا حينها يملكون الوسائل التي تمكنهم من إدخال تعديلات على تدفق العيون ومستوى مناسيبها. كما أن التغيرات المناخية السابقة لم يتم إثبات تأثيرها على نظام العيون. العيون والري الزراعي نظراً لنضوب جميع عيون المشروع منذ عام 1996م فلا يستفاد منها حالياً في توفير مياه الري. وقد قامت الهيئة والوزارة بحفر آبار على نفس طبقة العيون وقريباً منها في بعض المواقع للاستفادة من حوض العين وتوفير مياه للري ولاستمرار السباحة في العيون الرئيسية كعين الجوهرية والحارة وأم سبعة, وتقوم الهيئة بعمل صيانة دورية لمرافق العيون للمحافظة عليها كمواقع سياحية وأثرية. دور" الهيئة" في الحفاظ على مصادر المياه فيها ويؤكد الجغيمان أنه وبعد نضوب العيون نتيجة لزيادة سحب المياه الجوفية من الطبقة المغذية لها من قبل الأهالي والجهات الأخرى لجأت الهيئة لحفر عدد محدود من الآبار على نفس طبقة العيون لتأمين مياه الري, إلا أن ما تحصل عليه من مياه الآبار يقل كثيراً عن حصتها التي كانت تحصل عليها من مياه العيون ولا تتجاوز نسبة السحب من نفس التكوين 20 في المائة من إجمالي السحب العام. ولتعويض النقص تمت الاستفادة من مصادر المياه غير الجوفية كمياه الصرف الزراعي ومياه الصرف الصحي المعالجة, وقد وصلت نسبة المصادر غير الجوفية حالياً إلى نحو 50 في المائة من إجمالي مياه الري التي يوفرها للمزارعين, وتخطط الهيئة للتوسع في الاستفادة من مياه الصرف الصحي واستغلال كامل نواتج محطات المعالجة في الأحساء إضافة إلى جلب مياه الصرف الصحي المعالجة من منطقتي الخبر والدمام إلى الأحساء وحين تتوافر تلك المصادر يمكن للمشروع الاستغناء عن عدد كبير من الآبار. وعن مدى نجاح الهيئة في توعية المزارعين بأهمية الحفاظ على المياه من خلال اتباع أسلوب الري بالتنقيط كشف الجغيمان أن الهيئة تقوم بالعديد من البرامج والأنشطة الإرشادية والتوعية التطبيقية الهادفة إلى المحافظة على مياه الري واستخدامها الاستخدام الأمثل على المستوى الحقلي ومن ضمنها نشر ثقافة الري الحديث باعتباره أهم البدائل العملية للتعامل مع قلة المياه ورفع كفاءة الري في المزارع, وما قامت به "الهيئة "من تذليل العوائق الفنية والتطبيقية والتشغيلية والاقتصادية التي تحول دون الأخذ بأنظمة الري الحديث قام قسم الإرشاد المائي في الهيئة بإخضاع نماذج من نظم الري الحديث للدراسة والتقييم في مزارع الهيئة الإرشادية تلاها التوصل إلى نماذج معدلة تتلاءم مع ظروف مزارع الواحة أمكن من خلال تطبيقها تحقيق وفر في مياه الري يراوح بين30 في المائة و40 في المائة على النخيل المكتمل النمو والمنتج وما يزيد على 50 في المائة على الفسائل حديثة الغرس. بعد الوصول لهذا النموذج المعدل وفي ظل المؤشرات الإيجابية بدأت الهيئة في توعية المزارعين وحثهم على الأخذ به من خلال برامج توعوية موجهة لهم في عموم الواحة وأقامت محاضرات ولقاءات إرشادية وساعد هذا على تعريف المجتمع الزراعي بواحة الأحساء بأنظمة الري الحديثة على نطاق واسع وقبوله كبديل لنظم الري التقليدية السائدة ونمت المعرفة عن مكونات ومتطلبات هذه الأنظمة لدى المزارعين. انتشار أنظمة الري الحديثة على مستوى الحقول تزايدت بشكل ملموس في السنوات الثلاث الأخيرة لتصل إلى 300 هكتار. الرصد والمتابعة المستمرة لما تم تطبيقه من أنظمة ري حديثة في تلك المساحات سواء المروي منها من مياه المشروع أو من الآبار الخاصة تؤكد حقيقة جدوى تلك الأنظمة في توفير المياه والحفاظ عليها كما أن إطارها الفني والتشغيلي والإداري الذي توصل مختصو الهيئة إليه يعزز من فرص تعميمها بشكل أوسع متى ما أوجدت التنظيمات والتشريعات اللازمة لذلك. كما تقوم الهيئة بدور إيجابي في سبيل الحفاظ على مصادر المياه من التلوث وذلك من خلال مشاركة الهيئة في لجنة بإشراف وزارة المياه تقوم بمتابعة مصادر تلوث الآبار والحد منها عن طريق تفعيل دور الرقابة البيئية على محطات البنزين وتغيير الزيوت وبيارات المزارعين حيث إن تلوث المياه الجوفية يحدث نتيجة لوصول مياه الصرف الصحي إلى الطبقات السطحية من البيارات في المناطق التي لا تغطيها شبكة الصرف الصحي، وكذلك عن طريق قيام بعض المزارعين بتصريف فائض مياه الصرف الزراعي في آبارهم القديمة. كما توجد لجنة من إدارة الصيانة العامة في الهيئة للرصد والمتابعة تقوم بقطع توصيلات مياه الصرف الصحي من بعض المزارع والاستراحات إلى مصارف المشروع لحماية مياه الصرف الزراعي التي تستخدم مصدرا للري. تحرص الهيئة على توفير مياه زراعية من عدة مصادرمثل المياه الجوفية وإعادة استخدم مياه الصرف الزراعي ومياه الصرف الصحي المعالجة وجندت الهيئة إمكاناتها لضمان تأمين مياه زراعية خالية من التلوث عن طريق المتابعة اليومية لنوعية المياه في مختبرات الهيئة, حيث يقوم المختصون بإجراء التحاليل الدورية الكيميائية والميكروبيولوجية لجميع مصادر المياه التي يوفرها المشروع للمزارعين لضمان مطابقة نوعيتها للمواصفات القياسية. أيضا تقوم الهيئة بتغطية قنوات الري التي تمر بالقرى والمناطق السكنية لحماية المياه من النفايات التي تُرمى فيها.
إنشرها

أضف تعليق