شعوري شعور أي مواطن!
حين يقف المسؤول أمام كاميرا التلفزيون – أيا كان هذا التلفزيون – محليا أو خارجيا، فإن حمّى المجاملة تسري في لسانه قبل جسده، ويبدأ بالبحث عن عبارات لطف وثناء، الجميع يعرفها، تماماً كتلك العبارة الشهيرة، التي يرددها معظم الرياضيين حين يسألون عن شعورهم بالفوز: "شعوري شعور أي مواطن سعودي !" وهي العبارة التي لا محل لها من الإعراب، لأن الشعور يختلف من شخص لآخر، شعور الغني ليس كشعور الفقير، شعور عضو مجلس إدارة النادي الأدبي ليس كشعور من ليس له عضوية مجلس إدارة في نادٍ أدبي، شعور الليبرالية – بالرغم من أنها جماد- ليس كشعور الليبرالي السعودي، الذي فهمها "بالمقلوب" و شرب المقلب قبل أن يأكله. الشعور جميل، كورد أم كلثوم الجميل، وأشياء أخرى لها شعور مختلف عن شعور المواطن السعودي الذي يصرح به الرياضيون نيابة عن المواطنين جميعاً.
لو سألت مسؤولاً في مؤتمر صحافي عن رأيه في المشروع لقال: "أحب أن أشكر أولاً الحكومة السعودية على ما بذلته، ونشكر القائمين على المشروع، وكل هذا في سبيل راحة المواطن" تصريح مذهل. وكأن الجميع لا يعرفون أن الدولة هي وراء كل المشاريع، وأنها تسعى إلى راحة المواطن. الشفافية يعرفها بعض المسؤولين بأنها الصلاة مع موظفي القطاع والسلام عليهم، وإطلاعهم على ماركة القلم خاصته.
كلنا لا نحب المقارنات، وينحني البعض أمامها. لا أريد أن أقارن بين تصريحات المسؤولين. وهي نوع من الثقافة، ليس كل متحدث مسؤولا، لكن في نظري أن كل مسؤول يجب أن يكون متحدثاً جيداً. يعبر عن الرأي بصراحة ويجيب السائلين بشفافية. من حضروا المؤتمر الصحافي الخاص بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة سيعرفون جيداً كيف هي الشفافية. ذهلنا من صراحة وشفافية معالي وكيل الحرس الوطني الدكتور عبد الرحمن بن سبيت السبيت، ووكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز السبيل، كانا في حرب ضروس مع أسئلة الصحافيين، وكانت الإجابات ممزوجة بابتسامات مثقفة غير منمقة، يصاحب كل ابتسامة عنوان جدير بأن يكون "مانشيت" عريضا في الصحف، وكل إجابة تستحق أن يفرد عنها تحقيق صحافي مستقل. الصحافيون حضروا وشاهدوا كيف عبر الدكتوران وأجابا.
كان بودي لو وزع المؤتمر صوتياً على بعض المسؤولين، حتى تكون كل المؤتمرات واللقاءات القادمة مع المسؤولين تمتاز بالشفافية، بعيداً عن الحمد لله، المشروع نفذ على أكمل وجه"، ما هي المعلومة التي خرجنا بها من هذا التصريح، هل هي وجوب الحمد أثناء التصريح الصحافي، أو أن المشروع على "أكمل وجه!"