قضايا التشريع والتسويق أهم التحديات لنجاح الزراعات الصديقة للبيئة
تبادل هورست سيهوفر وزير الزراعة الألماني التهاني والإشادة، أمام عدسات المصورين والصحافيين في بروكسل مع جيرد زونلايتر رئيس اتحاد المزارعين ورئيس داعمي إنتاج السكر و ذلك في أعقاب التوصل إلى اتفاق حول إصلاح سوق السكر في الاتحاد الأوروبي.
وبدأ ممثلو المزارعين راضين ومقتنعين بالإجراءات الأوروبية. ويعتمد هيكل اقتصاد خام السكر في جوهره على الأسس الاقتصادية المعروفة، كما أن النظام كالمعتاد سيثقل كاهل دافعي الضرائب، خاصة المستهلكين.
ويتمسك سيهوفر بتقاليد الاتحاد. وبالنسبة إليه، كانت السياسة الزراعية دائماً وفي الدرجة الأولى سياسة للمزارعين، ومشكلة في وضع تنظيم المهنة. وقد وصف هذا الرجل الذي ينتمي إلى الحزب (المسيحي الاجتماعي) أنه لا يعرف للقلق أو الهموم طريقا كما وصف بكل صراحة بأنه رئيس فريق المدافعين عن حقوق المزارعين. وليس تكاتفه الواضح مع اتحاد المزارعين فقط هو الذي يثير الشك في التوازن بين المنصب كوزير للزراعة، وكمستهلك. وبالغ الوزير عن طيب خاطر في الموافقة على النغمة الشاكية للمزارعين بخصوص الأسعار المتدنية للمواد الغذائية.
إن مثل هذه الشعارات تحول الأنظار عن جوهر المشكلة، فهناك فشل في الرقابة العامة على المواد الغذائية و هناك تجاوز غير منسق لدى سلطات الولاية المختصة. ولكن تبقى هنا مهمة الوزير الذي يهتم بحقوق المستهلك في التأكد والتثبت من أن المنازل القليلة غير القادرة على الدفع يمكنها أيضا أن تغطي احتياجاتها. فما الذي سيترتب ضدها إذا تم تخفيض المعونة؟.
وماذا عن إلزام المزارعين بشكل أكبر بحماية المواد الغذائية كما تطلبها مفوضية الاتحاد الأوروبي؟ إن سيهوفر يرفضها بشكل قاطع بسبب البيروقراطية المزعومة وغير المعقولة من جانب المزارعين.
إن اتحادات البيئة و حماية المستهلك التي كانت تتمتع في عهد ريناته كونست وزيرة الزراعة السابقة باتت تري أن نفوذها يتآكل كما أن هناك قوى من داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد حشدت جهودها في مواجهة الاتجاه الجديد في السياسة الزراعية، وكأن هؤلاء لم يدققوا فيما وقعه الاشتراكيون الديمقراطيون أنفسهم في وثيقة الائتلاف الحكومي.
إن الكثير مما أعلن عنه سيهوفر، يبقى غريباً. وأكثر من ذلك، فإن القطاع الزراعي يبقى قلقا في انتظار كلمات أكثر وضوحا حول قضية التكنولوجيا الجينية و استخداماتها في مجال الزراعة، فقد عارضت اتحادات ومنظمات البيئة وحماية الطبيعة بشكل خاص خطط الائتلاف الحكومي حول التعامل المفتوح إزاء النفقات والأبحاث الخاصة بالتقنيات الجينية الخضراء، وحشدت أغلبية الشعب خلفها. وإذا صدق المرء استطلاعات الرأي فإن ثلثي الشعب الألماني ما زالوا يرفضون بشكل قاطع التقنية الجينية الخضراء. ولكن هل جرت خدمة الطبيعة حقيقة بسياسة الحصار لسنين طويلة في عهد الوزيرة السابقة؟ وهل يساعد ذلك البيئة بالاستغناء عن تكنولوجيا تمكنها على سبيل المثال من زراعة الذرة دون استخدام المبيدات الحشرية؟
إن العديد من هموم المستهلكين تبدو كأنها تم تجاوزها. فلا يوجد أي مزارع سيقوم باستعمال التقنية الجينية في إنتاج مواد غذائية يتوقع أن يتجاهلها المستهلكون بمجرد مشاهدة العلامة الموضوعة عليها و ستبقي تلك المواد كاسدة في المتاجر لا تجد من يشتريها . ولكن في زراعة المنتجات التي تنمو فيما بعد، يفتح مجال استعمال أوسع يعد بمنافع بيئية واقتصادية. والشرط لذلك هو تغير قانون تحمل المسؤولية الذي صدر في زمن الحكومة الحمراء- الخضراء السابقة، حيث يؤثر تماماً مثل قانون منع التقنية الجينية.
لقد حددت وزيرة الزراعة السابقة (كونست) طريقها ورفعت المساهمة الحيوية في مجموع المواد الغذائية إلى نسبة 20 في المائة حتى عام 2010. لكن وزير الزراعة الحالي سيهوفر يقوم بمحاولة شطب هذه الميزة من قائمة المهام الخاصة بالسياسة الزراعية .وعلى أية حال، فإنه لا ينتظر اتخاذ قرارات قاطعة في التشجيع الحيوي، علماً بأن الطلب على المواد" الغذائية- البيئية" آخذ بالزيادة.
إن سيهوفر والولايات الاتحادية الألمانية الأخرى المسؤولة عن تشجيع البيئة وحمايتها لا يمكنهما ترك هذه الأسواق إلى المنافسة الأجنبية. ودون تشجيع متوازن، فإن مزارعي مراعاة البيئة الألمان سيقعون عرضة للتنافس في الاتحاد الأوروبي. ومن الطبيعي أن هناك دون شك طاقة وقدرة للتصحيحات في أسواق في تجارة التجزئة، خاصة الحليب، حيث أحدثت برامج التشجيع فائضاً في العرض. وحتى حملات الدعاية التسويقية المكلفة من أجل إنعاش الطلب الحيوي لا يمكنها هنا التخلص بالمرة من فائض العرض. وإن هذه النتائج السيئة سوف تنهي نفسها بنفسها من خلال الأزمة المالية في الميزانية الزراعية.
أما عن القدرات المالية للاتحاد الأوروبي وحدها، فإن هناك نقصاً بين العامين من 2007 لغاية 2013، مقابل فترة التشجيع الجارية الآن، يقدر بأكثر من 200 مليون يورو سنوياً. ولكن ساسة المزارعين في الائتلاف الحكومي الكبير كانوا اكتشفوا مع زملائهم في وزارة البيئة مسبقاً مصدراً جديداً للتمويل يتمثل في سائقي السيارات الذين يجب عليهم دفع مبالغ اشتراكهم في أسواق التسويق الجديدة للزراعة. كما أن خليطاً إجبارياً لكل من الوقود الحيوي ووقود الديزل غالي الثمن يجعله ممكناً.