النساء العاملات يطلبن مساعدة أزواجهن في مهام المنزل لكنهم يرفضون
النساء العاملات يطلبن مساعدة أزواجهن في مهام المنزل لكنهم يرفضون
في ظل تغير مفاهيم كثيرة في المجتمع، وفي ظلّ انطلاق المرأة العربية نحو مضمار العمل واضطرارها للتغيب عن أولادها وبيتها، برزت الحاجة إلى مساعدة الزوج الفعلية في أعمال البيت وفي تربية الأولاد، حيث كان هذا الدور مقتصراً على الزوجة بشكل كامل وكان دور الرجل فيه ثانوياً إن لم يكن معدوماً في بعض الحالات.
فلقد اعتاد المجتمع والرجل بشكل خاص أن يوكل جميع أعمال البيت المنزلية من تنظيف وترتيب وغسيل وكيّ وإشراف، إلى الزوجة حيث تعتبر هذه الأعمال واجبا بحتا عليها بالإضافة إلى تربية الأولاد التي كان يجب عليها أيضاً أن ترعى جميع شؤونهم ولا ترجع للأب إلا في الأمور الضرورية جدا.
وإذا كان هذا الحال قد استمرّ قرونا عديدة وتشرّب بمفاهيم وتقاليد تمّ توارثها جيلاً بعد جيل، وتمّ الموافقة عليها من المجتمع بأسره بمن فيهم الزوجة، فقد اختلف الحال كثيراً في هذه الأيام وبين أزواج هذا العصر، وأصبحت الزوجات بالتحديد يطالبن أزواجهنّ بالمشاركة في عمل البيت وفي تربية الأولاد مشاركة فعّالة وليست ثانوية، وأصبحت الكثيرات منهنّ يشترطن ذلك كحق لهنّ مقابل خروجهن للعمل والمساعدة في مصروف البيت، وبعضهن يطالبن بهذا الحق كنوع من التنازل من الرجل مقابل مسؤؤليات الحياة الصعبة.
تقول مي نظمي:" اضطررت للعمل عندما أصبحت هناك حاجة مادية حيث أن راتب زوجي لم يعد كافياً مقابل الغلاء المعيشي، تعبت كثيرا في البداية بين صعوبة عملي ومسؤوليات بيتي وتربية أولادي، طلبت من زوجي المساعدة في بعض الأعمال البيتية الخفيفة ولكن طلبي كان يُقابل دوما بالاستياء والرفض إلى أن جاء اليوم الذي اشترطت فيه مساعدته كثمن مقابل استمراري في العمل، فالعمل لمساعدته ماديا ليس من واجبي أيضا".
وتوضح نسرين غالب أن زوجها يعاونها من باب المشاركة والمساندة وليس من باب الواجب وتقول:"أنا ربة بيت ومع هذا يحب زوجي أن يساعدني في عمل البيت فهو يؤمن بان الحياة الزوجية مشاركة وكثيرا ما يساعدني في تحضير الغذاء أو كيّ الملابس أو إطعام طفلنا ولا يجد حرجا في ذلك".
تقول علا حسن:" اتفقنا منذ فترة الخطوبة أن نتشارك في كل شيء، حتى في أعمال البيت وكان في البداية يساعدني جدا ويبدو أنني جنيت على نفسي عندما كنت أقول أمام أقاربنا ومعارفنا إن زوجي يساعدني في عمل البيت، إذ امتنع زوجي عن مساعدتي بعد أن تندر عليه البعض، كثيرا ما أطالبه بالمساعدة حيث أعتبرها حق لي خاصة إني امرأة عاملة".
الرجال يرفضون
عصام الحاج حسن يرفض مجرد فكرة أن يقوم بأعمال البيت ويقول:" أرفض بشكل قاطع أن أساعد في عمل البيت فهذا واجب الزوجة وهكذا اعتدنا، وحجة أنها تعمل ليست مقنعة بالنسبة لي، فرغم أن زوجتي امرأة عاملة إلا أنني لم ولن أجبرها عليه، وليس عندي مانع أن تترك عملها إذا كان يتعبها".
ويؤيده جمال يوسف فيقول:" صحيح أن راتب زوجتي يعيننا كثيرا ولا نستطيع الاستغناء عنه إلا أني لا أقبل أن أشارك في أعمال البيت إلا في حدود المعقول جدا أو إذا كانت زوجتي مريضة، وعدا ذلك لن أرضى بأن ألبس مريلة المطبخ أو أن أغير حفاظة طفلي، بصراحة هذا مناف لرجولتي".
من جهتها تقول الدكتورة ميسون عودة استشارية علم النفس الإكلينيكي"إن حاجة المرأة إلى مساعدة زوجها لها في المنزل عادة لا تكون نوعا من الترف حيث مع ازدياد أعباء الحياة ومع اختلاف متطلبات الحياة في الوقت الحالي عنها في السابق، يتطلب ذلك أحيانا من الزوجة أن تعمل لمساعدة الزوج في مصاريف المنزل أو تحقيق متطلبات الأطفال وتلبية رغباتهم التي أصبحت في زمننا هذا تختلف عن زمن أجدادنا في ظل تطور التكنولوجيا.
وبالطبع عندما تكون الزوجة تعمل ولا تستطيع في الوقت نفسه القيام بالأعمال المنزلية على أكمل وجه فإن حاجتها إلى مساعدة الزوج لها لا يعتبر ترفا, والزوج المثقف أو المتعلم يدرك ذلك ولا ينظر إلى هذا الطلب على أنه نوع من الترف وبخاصة إذا كانت الزوجة تسهم في مصروف المنزل أو الأبناء حيث على الأغلب سوف يكون هؤلاء الأزواج متقبلين أكثر لموضوع عمل الزوجة أكثر مما يتقبله الزوج في حال كان هو يعمل وزوجته لا تعمل وتطالب بمساعدته لها".
وتضيف:" إن مدى تفهم الرجل لحاجة المرأة لمساعدته لها في أعمال المنزل يعتمد على عدة عوامل مثل شخصيته وتفكيره وثقافته ورؤيته لنماذج من حوله يقومون بهذا الأمر مثل أصدقائه أو والده وغير ذلك من العوامل الأخرى، والتي قد تدع الرجل أحيانا ينظر إلى هذا الأمر على أنه مستهجن وغير مقبول، لكن بشكل عام فإنه من المؤكد أن على الرجل أن يتفهم هذه الحاجة وبخاصة في ظل ضغوطات الحياة المعاصرة فهناك ضريبة لكل شيء, ففي الوقت الذي تسهم فيه الزوجة أحيانا بالمساهمة في مصروف المنزل أو الأبناء فإن على الزوج أن يقوم أيضا بالمساهمة في أمور بسيطة داخل المنزل، وإن غالبية الزوجات وبخاصة في عالمنا العربي يدركن دورهن داخل المنزل وعلى الأغلب لن يطلبن مساعدة الزوج لهن إلا إذا كن في أمس الحاجة إلى ذلك".