مشاركة حكومية وأهلية في تنفيذ مشاريع الخدمات العامة

مشاركة حكومية وأهلية في تنفيذ مشاريع الخدمات العامة

ما إن طرح مجلس بلدية مدينة ميونخ الألمانية قبل فترة قصيرة عملية تجديد وترميم مبنى (جاليري المدينة) المعروف باسم مبنى لينباخ ( يعود إلى عصر الفارس الرسام فرانس فون لينباخ) ـ ما إن طرحت للنقاش و بات واضحا أن العملية لا يمكن أن تتم إلا من خلال مشاركة بين القطاعين العام و الخاص حتى ارتفعت صيحات الانتقادات وشكك مسؤولون في القطاع الثقافي في المجلس البلدي
في جدوى مشاركة القطاع الخاص في هذه القضية مشيرين إلى أن الأمر هنا لا يتعلق بالمبني من الناحية الوظيفية بل من ناحية قيمته المعمارية والثقافية. وهو ما يستلزم "معرفة دقيقة" بكيفية تنفيذ ذلك دون الإضرار بالمبنى.
من ناحية أخرى لاحظ المسؤول عن الشؤون المدرسية في ميونخ وجود ارتياب تجاه التعاون مع الشركات الخاصة، عندما يتعلق الأمر بأماكن التعليم. وعلى الرغم من كافة التحفظات نجح مسؤولو بلدية ميونخ في تنفيذ أربعة مشاريع كبيرة يمكن أن تمثل نموذجا يحتذى للمشاركة بين القطاعين العام والخاص من خلال مشروع أطلق عليه اسم PPP وهي اختصار لكلمة المشاركة بين القطاعين العام و الخاص Publlic Private Partnership ويدرك يورج كريستين مدير المشروع الذي تأسس منتصف عام 2004 في وزارة التعمير الألمانية تردد السلطات الحكومية في ألمانيا إزاء المشاريع المشتركة للقطاعين العام والخاص. ولكنه لا ينظر إلى هذا الأمر بقلق ويقول: "إن تلك عملية تعلّم للإدارة" منوها بدعوة قدمها يورو هيبو وهو أحد البنوك الخاصة من أجل التباحث في تفاصيل هذه المشاركة بين القطاعين وذلك من خلال لقاء عقد قبل فترة وجيزة في مدينة ميونخ و جمع أصحاب الشركات، والموظفين الحكوميين، والممولين والمحامين.
ويمكن النظر إلى مشروع PPP على أنه يتوافق مع خطط الاتحاد الأوروبية التي طرحها أخيرا شارلي ماك كرييف مفوض السوق الداخلية في المفوضية و التي رسمت خطوط و حدود المشاركة العامة والخاصة حسب مفاهيم الاتحاد الأوروبي بشكل أكثر شمولية على أساس قانوني تنظيمي و هو ما يجعل كرستين يتمسك برأيه: "ما يعطيه الاتحاد الأوروبي من حوافز سنقوم بتلقيه وتسلمه".
وفي هذا الإطار ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن الحكومة الألمانية الجديدة لديها تصورات حقيقية حول المشاركة بين القطاعين. وفي العديد من النقاط في اتفاق الائتلاف، عالجت الحكومة هذا الموضع ودرسته، حيث إن قوانين الاتحاد الأوروبي للمشاريع الكبيرة المطورة ينبغي استعمالها محلياً طبقاً لعقد الائتلاف في المشاريع الكبرى فقط من أجل عدم محاصرة العديد من الاستثمارات الصغيرة للطبقة المتوسطة.
وعلى منصة اختبار الاتحاد الأوروبي هنالك وجهة نظر تنظيمية اعتيادية في مثل هذه المشاركات لكنها تعتبر لبعض المستويات الأوروبية حجر عثرة في الطريق. وفي مثل هذه الحالة، فإن الشركات الخاصة تقوم ببيع جهدها إلى البنوك التي يدفع لها القطاع العام مرة أخرى مكافآت منتظمة ومستمرة، بغض النظر عما إذا كانت شركات القطاع الخاص هذه قد قامت بعملها بشكل جيد أم لا.

ولا ينظر كرستين إلى ذلك من زاوية ضيقة بل إنه يعرف جيدا أن دور البنوك يساعد في التنظيم كما هي الحال في القروض المحلية. وإذا لم يكن ذلك ممكناً بالمرة، فمن الممكن أن يترتب عليه خطر في أن تقوم البنوك بترك المشاركة الخطرة هذه والابتعاد عنها تماماً.
ومن دون شك، فإن كرستين، على الرغم من التحفظات الواردة في مشاريع المشاركة يشعر أنه على صواب مستندا في هذا على نتائج دراسة أجراها المعهد الألماني للدراسات الحضرية في برلين ونشرت نتائجه في أيلول (سبتمبر) الماضي. من جانبه يحذر أوتو جاسنر المحامي وصاحب الخبرة في مثل هذه المشاريع - يحذر من أنه خلال تكاليف الصفقات وقانون المنتج المعقد للاتحاد الأوروبي قد تلتهم أرباح الشركات. ومن ناحية أخرى، فإن المحامين ربحوا بشكل جيد مع مشاريع شراكة القطاعين لأن القليل منها منظم قانونياً، ولذا فإن كثيراً من عقود العمل ما زالت مطلوبة.

الأكثر قراءة