نتمنى أن تصل بنا وزارة الثقافة إلى بعض ما وصلت إليه دول مجلس التعاون

نتمنى أن تصل بنا وزارة الثقافة إلى بعض ما وصلت إليه دول مجلس التعاون

نتمنى أن تصل بنا وزارة الثقافة إلى بعض ما وصلت إليه دول مجلس التعاون

عبر مساحات القلق التي يعيشها الفنان نكتشف العديد من الأسئلة والدوافع التي تتجلى فيها حالة الدورات والهاجس المستمر النابعة من عناصر الطبيعة الإنسانية وما يخالجها من هموم متراكمة في خبايا الزمن،نجد الفنان مندفعاً صوب غاياته لكي ينشرها على الملأ بمفرداته لتتحول اللوحة إلى مشروع فني، ثقافي متكامل, لن نمارس القراءة البصرية لأعمال عبد الله الشيخ ولن نتناول ذلك من زوايا المسطح اللوني الرمادي المستغرق في أعماله لأننا أمام كائن مشحون بالبحث والتجريب استطاع أن يحول الرمز إلى واقع واللون إلى حكاية حيث تتشكل عنده اللوحة.

لا يخفى على المتابع والمؤرخ للحركة التشكيلية السعودية من هو الفنان عبد الله الشيخ، ولكن لفقر المكتبة السعودية للكتاب التشكيلي الذي يتحدث عن الفن والفنانين السعوديين, ويحكي تجاربهم فإن بعض الفنانين الشباب قد يكون هذا الاسم (عبد الله الشيخ) غير معروف لديهم بسبب عدم وجود الكتاب كما قلنا الذي يتحدث عن الفنانين لذلك نود منك التعريف بنفسك وبدايتك الفنية لقراء "الاقتصادية".
بالنسبة لي فقد مارست الفن منذ أواخر الخمسينيات بعد تخرجي من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1959م, وأكملت دراستي الفنية في لندن ومانشتر في الستينيات والسبعينيات وأقمت أول معرض لي في المنطقة الشرقية عام 1982م، وأعمل حاليا رئيسا لقسم التصميم في مطابع الهيئة الملكية في مدينة الجبيل الصناعية، وتعليقا على ما قلته بشأن فقر المكتبة السعودية للكتاب التشكيلي أقول نعم تخلو مكتباتنا من كتب تتحدث عن فنانين سعوديين أو غير سعوديين وقد طبعت الرئاسة العامة لرعاية الشباب كتاباً منذ سنوات يتحدث عن مسيرة الفن والفنانين في المملكة قام بإعداده الزميل عبد الرحمن السليمان،هذا الكتاب تجده عند بعض الفنانين ولم أحصل على نسخة منه حتى الآن.
كثيرة هي المدارس الفنية, إلى أي مدرسة تنتمي أعمال عبد الله الشيخ؟
إنني من الفنانين الذين يحبذون طرح أفكارهم الشخصية بأسلوبهم الخاص دون دمج أنفسهم في مدرسة تشكيلية معينة.. أو دعني أقول هكذا وجدت نفسي بعد سنين الدارسة والانسلاخ من تأثير أساليب الأساتذة.
هل للفنان عبد الله الشيخ رسالة محددة يريد إيصالها للمتلقي من خلال أعماله أم أن لكل عمل حالة شعورية مختلفة عن البقية ؟
في بداية التسعينيات وجدت نفسي متجهة إلى موضوع مغاير تماماً عما قبلها من السنين, وخاصة عندما بدأت الجيوش والآلات الحربية تتمركز في صحراء الخليج وجدت اللوحات وكأنها تتربص باللون الرمادي وهذه.. الآلات وتروسها. . استمرت الحالة لسنوات ولكن بين آونة وأخرى أعود لرسم شيء آخر ألوذ به وربما أجد راحة نفسية مؤقتة في اللوحة بموضوع تراثي أو تجميلي أو زخرفي.
المتلقي يشاهد العمل بعد أن يوقعه الفنان ويحكم بمدى مناسبته للعرض ، هل هناك أعمال وقعتها ولكنك رأيت أنها غير مناسبة للعرض ؟ ولماذا ؟
لا أوقع عملاً فنياً دون أن يبلغ العمل مرحلته الأخيرة ولم أعرض عملاً دون الإقناع تماماً بصلاحيته للعرض, سعادة الفنان مرتبطة بوصوله إلى قناعته بذلك, والرأي إن كان العمل جيداً أم لا يعود إلى الفنان نفسه, فهو الناقد الوحيد والحقيقي لعمله, وهو أمر نسبي بطبيعة الحال بين شخص وآخر.
* في لوحاتك هم وصراع وغموض، لماذا؟
كأي إنسان أو فنان آخر لابد أن تكون لنا هموم بعضها ذاتي وهي تافهة إذا ما قورنت بالهموم الإنسانية الأخرى, نتيجة الصراعات وغلبة القوي على الضعيف وتفشي قوانين شريعة الغاب ليصبح الأسود أبيض والعكس, أما الغموض فقد يكون أسلوباً في التعبير كحالة القصيدة أو القصة عندما تكون بعيدة عن المباشرة المتبذلة في السرد.
متى تترك مكانك متجها للوحة، ومتى تعود إلى مكانك تاركا اللوحة وراءك؟
قبل الشروع بالرسم لابد أن تكون هناك رغبة أو شحنة تولدت لرسم شيء ما لا يمكن تجاهلها, أما اللوحة فلا أتركها ما دامت الرغبة في الرسم مستمرة, هذا الإحساس يقودني إلى إنجاز شيء غير متوقع فهي حالة لها رواسب فنية بالشعور أو الإحساس لعمل شيء ما وأترك اللوحة ورائي عندما لا أحس بشيء ولا أشعر بشيء عندما يعود كل شيء داخلي طبيعيا وهي حالة الاسترخاء أو قل الكسل الذهبي.
فكرة العمل عند الفنان عبد الله الشيخ تأتي ناضجة قبل البدء أم تنضج أثناء ممارسة العمل؟
الفكرة هي للعمل بذاته.. الهواجس ورؤية الأشياء تبرز تلقائياً أثناء ممارسة الرسم, هذه الرؤية تتجدد تارة بعد أخرى تطفو ثم تفور في كل لحظة.
للفنان عبد الله الشيخ الكثير من المشاركات الدولية ، هل هناك تأثير مباشر على أعمالك من خلال اطلاعك على الفنون العالمية ؟
المشاركة الدولية تغني الفنان وتزيد من رصيده الثقافي والفني وتوجد أبعاد أخرى غير المتوافرة لديه تماماً كالأديب عندما تتوافر بين يديه نتاجات أدباء آخرين في معارض الكتب, أما التأثير المباشر فيأتي في البداية لتكوين الشخصية الفنية أو البحث عن الذات بعد حالة الضياع أو الفقر الإبداعي.
المتابع للمعارض الجماعية التي تقيمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب سابقا يرى ضعفا وغيابا للأسماء التشكيلية المعروفة عن تلك المعارض، ما الأسباب - في رأيك - التي أبعدت هذه المجموعة عن تلك المناسبات؟
الأسباب باعتقادي هي عدم رغبة الرئاسة العامة لرعاية الشباب لمعرفة ابتعاد هذه المجموعة عن المعارض, بالتأكيد للفنانين آراء, قد تكون إيجابية وعلى الرئاسة الاستماع, والأخذ بها لإيجابياتها, والرئاسة العامة أوجدت أصلاً لأجل الفنانين ولأجل خدمتهم, ولكن الذي أرى أن الفنانين هم الذين خدموا الرئاسة.
في ظل النهضة الاقتصادية التي تعيشها المملكة في هذا الوقت، هل سيكون لذلك مردود على الحركة التشكيلية إيجابا أم سلبا؟
مع بداية النهضة الاقتصادية في الثلاثين سنة الأخيرة, وجدنا نوعاً من البلبلة والخلط والكثير من الغث والسمين, والتي انحسرت كثيراً في السنوات الأخيرة الماضية حيث دخلت أسماء كثيرة لا تمارس الرسم فوجدنا في الساحة التشكيلية لوحات موقعة بأسماء سعوديين قامت برسمها عمالة أجنبية و يتم تسويقها بأثمان خيالية, ولعدم وجود متابعة جادة ونقاد متخصصين جاءت في صفحاتنا التشكيلية تعابير مضحكة وغريبة, فيقال وصل الفنان بأعماله الفنية كالصاروخ, أو كقولهم استطاع فلان الحصول على المركز الأول بالضربة القاضية.
في الكثير من الدول تجد هناك اهتماما من قبل رجال الأعمال لدعم أي نشاط ثقافي بكل مجالاته ومنها الفن التشكيلي ، إلا أن المتأمل في المعارض التي تقام داخل المملكة يجد الغياب التام لرجال الأعمال في هذه المناسبات ،ونعني بالغياب قلة رعاية المعارض وكذلك اقتناء الأعمال هل السبب وراء ذلك يعود إلى مستوى الفن التشكيلي السعودي والفنانين أم هناك أسباب أخرى في رأيك؟
بعض رجال الأعمال ليست لديهم الميول أو الانجذاب نحو المواد الثقافية أياً كان نوعهاً بالأخص الجادة منها فرجل الأعمال الذي تكون لديه منذ النشأة الأولى الحس المرهف للإنتاج الإنساني والفكري تجد لديه الفضول والبحث لاقتناء كتاب أو لوحة. . لأسباب كثيرة أولها الأم والأب والمدرسة والبيئة التي ترعرع فيها كلها تجعل من الفرد إنساناً
آخر.
أصبح الفن التشكيلي تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام، ما الدور الذي ينتظره الفنان من الرعيل الأول أمثالكم، والفنان الشاب الذي مازال في بداية الطريق من هذه الوزارة؟
ننتظر من وزارة الثقافة والإعلام الإسراع في تفعيل وكالة الشؤون الثقافية لتأخذ زمام أعمالها ودورها الكامل لرعاية الفن التشكيلي والبدء بالاتصال بالفنانين لطرح أفكارهم ومرئياتهم لتنفيذها بالسرعة القصوى للوصول إلى بعض ما وصلت إليه دول مجلس التعاون في هذا الشأن.

الأكثر قراءة