توقعات متفائلة بتنظيم القطاع المصرفي الإيطالي بنظرية ماريو دراجي
تعالت الهتافات والصيحات فور الإعلان عن اسم (ماريو دراجي) محافظا جديدا للبنك المركزي الإيطالي (بانكا دي إيطاليا) وسادت توقعات متفائلة بالرئيس الجديد، ولعل أكثر المتفائلين هم العاملون في البنك والمتعاملون في سوق الأسهم متطلعين إلى صورة جديدة لبلادهم وأداء أفضل للبنك المركزي الذي ظل وحتى فترة التسعينيات يتمتع باحترامٍ كبير نظراً لقدرته التنافسية ونجاحه في الحفاظ على القمة. ولم يتعد عدد محافظي البنك منذ إنشائه ثمانية رؤساء خلال عقد من الزمان.
في البداية لاقى منهج القيادة الذي اتبعه المحافظ السابق المستقيل
( أنتونيو فاتسيو) قبولاً واسعاً ولكن بعد تلوث سمعته في صفقات احتيال وانغماسه في معارك عمليات ضم و شراء شركات كبرى وبنوك ثم دفاعه عن وجوه ترمز للفساد بات الكثير من العاملين في الأسواق المالية يبدون أمام نظرائهم الأجانب وكأنهم يعيشون في إحدى جمهوريات الموز.
أما الآن فيجب على ماريو دراجي واضع قانون السوق المالية الإيطالية الساري والأكثر شهرةً على النطاق الدولي يجب عليه أن يعيد تشكيل صورة إيطاليا في عالم الأسواق المالية، وإضافةً إلى ذلك، يتوقّع موظفو الدوائر الاقتصادية في البنك المركزي أن تستعيد هذه الدوائر صلاحياتها القانونية من جديد. وبدت إدارة الخدمات التابعة لبنك إيطاليا على مدار قرن من الزمان على أنها تضم صفوة الكوادر في دنيا المال والأعمال.
لقد أدرك كارلو أزيلجو تشامبي وقت أن كان يتولي رئاسة البنك المركزي الإيطالي كيفية الاستفادة من القدرة التنافسية الأكاديمية والتطبيقية التي يملكها اقتصاديوه. وبدا خلفه أنطونيو فاتسيو الذي تلقى تعليمه على يد العديد من حملة جوائز نوبل في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا أفضل الخبراء الاقتصاديين في هذا المجال. ولكن ما إن تولى فاتسيو عمله بالفعل حتى تراجعت أسهمه، فهو فشل في تحفيز الموظفين العاملين معه في البنك . وإضافةً إلى ذلك كان فاتسيو يفرض حكمه في روما كملك ليتمكن من خداع زملائه في البنوك المركزية الأوروبية. ولم يتمكن من التعامل مع وسائل الإعلام، كما لم ينجح القسم الاقتصادي لبنك إيطاليا في الظهور بفكر خاص أثناء مناقشة الخبراء الأوروبيين.
ويُتوقع من ماريو دراجي أن يُعيد إثبات جدارة و قيمة الخبراء الإيطاليين. حيث بدا أكثر سلاسة في التعامل مع صفوة الاتحاد النقدي الأوروبي لأن دراجي عمل خلال التسعينيات بفعالية كبيرة لانضمام إيطاليا إلى الاتحاد النقدي بينما بدا أنطونيو فاتسيو حينها متشككا في جدوى هذه الخطوة.
وينتظر حاكم البنك المركزي معركة شرسة حين يضطر لاتخاذ قرار حول عرض ضم بنك ( دي لافورا) وبالتالي إحياء معارك عمليات الانضمام من جديد. وتمكّن فاتسيو طوال الوقت من اتخاذ القرار دون مشاورة أحد قبل أن تتفجر الفضائح التي بلغت حد التدخل القضائي. وعلى دراجي أن يضع مبادئ جديدة لعمله كأعلى سلطة بنكية و مالية في إيطاليا. ولكن من الممكن أن يجري ذلك بطريقة سلسة بالنسبة له لأنه يملك خبرة كافية من خلال منصبه الأخير نائبا (لجولدمان زاكس) رئيس بنك الاستثمار الأوروبي إلى جانب خبرته في العمل بالأسواق المالية الأنجلوساكسونية.
ويوشك دراجي على تنفيذ خطة إعادة هيكلة شاملة لبنك إيطاليا. وهناك ثلاثة آخرون من أعضاء مجلس الإدارة وصولوا إلى سن التقاعد. وإضافةً إلى ذلك، رفض فاتسيو في بداية ظهور الفعالية المالية للاتحاد الأوروبي إعادة تنظيم البنك المركزي. وبالرغم من أنه يتم إنفاق أكثر من 700 مليون يورو على الموظفين، إلى جانب 280 مليون يورو على المتقاعدين، و370 مليون يورو على تكاليف الإدارة، لا يحظى الموظفون الإداريون في الوقت الراهن بمدخل واحد إلى شبكة الإنترنت.