سويسرا الأكثر استقراراً في عملتها وجذباً للاستثمارات الخارجية
عندما يدور الحديث حول قضية استقرار قيمة العملة تفرض سويسرا نفسها بقوة باحتلالها مرتبة عالية على المستوى الدولي في استقرار عملتها. ولم ترتفع أسعار الفرنك السويسري منذ بداية القرن الحالي إلا بنسبة لم تتجاوز 5 في المائة فقط. وبالمقارنة مع منطقة اليورو ارتفع الغلاء بسويسرا في نصف العقد بنحو 11 في المائة وذلك وفقا لإحصاءات البنك المركزي الأوروبي. لكن نسبة الفوائد البنكية على الفرنك السويسري تعتبر من أقل النسب العالمية وهو مجال يمكن أن ينافس فيه اليابانيون السويسريين.
وهبطت أسعار الفائدة على القروض الحكومية السويسرية لأجل عشر سنوات من 2.4 إلى 2.12 في المائة خلال العام الماضي وذلك في مقابل الإيداعات بالدولار التي تقدر بنحو 4.5 في المائة أي أكثر من الضعف. وتقع ما بين الفرنك السويسري والدولار الأمريكي الفوائد الألمانية طويلة الأجل التي تدر ربحاً بنسب تضخم عالية بشكل واضح بالمقارنة بسويسرا. وعلى الرغم من عوائد الفرنك القليلة، فإن المكانة المالية لسويسرا تجعل الرأسمال يتدفق عليها باستمرار.
وكمثال على ذلك فإن من أودع 100 ألف فرنك سويسري قبل 20 عاماً في سويسرا يمكن له الآن طبقاً لمقارنة التضخم أن يحصل على 70 ألف فرنك كقوة شرائية.
ولا يمكن للفوائد الدائنة القليلة أن تسهم في موازنة خسائر القوة الشرائية على المدى الطويل. ويمكن أن يكون المثال الأسوأ من ذلك لمدخر سويسري ولد في عام 1939 أي قبل فترة وجيزة من الحرب العالمية الثانية ويحتفظ بدفتر توفير فإذا أراد أن ينفق الأموال في الوقت الحالي، فإنه يمكن له التمتع بقوة شرائية تساوي 14 في المائة فقط من إيداع الفرنك في تلك الفترة.
ولم تشهد سويسرا أي إصلاح نقدي حسب النموذج الألماني. ولكن على المدى الطويل، فإن قيمة الفرنك هبطت بشكل كبير أيضاً. وهذا له علاقة بالارتباط الوثيق بين سويسرا والسوق العالمية. ولا توجد أي دولة تمكنت من التهرب أو التملص في سنوات ما بعد الحرب من التضخم الزاحف بشكل كامل.
ولكن ما مدى إمكانية استمرار استقرار القيمة النقدية؟ إن هذا سيظل معتمدا على التطور المستمر لأسعار المواد الخام، وأسعار الاستيراد الأخرى. ولا يمكن للمرء أن يضع لنفسه أرقام استقرار كبيرة للمستقبل. وهذا هو الجانب الآخر للارتباط الوثيق لسويسرا بالاقتصاد العالمي.
وتعد قدرة سويسرا ونجاحها في الالتزام بالحياد على مدي القرن الماضي أحد أهم أسباب قدرتها على الحفاظ على رخائها الاجتماعي. في الوقت الذي صودرت فيه الثروات الألمانية خارج ألمانيا مرتين في أعقاب الحربين العالميتين أفلتت سويسرا من هذا الإجراء ونجت الإيداعات السويسرية خارج البلاد ولم تصادر.
كل ذلك أدى إلى أن ارتفاع أرباح الشركات السويسرية ذات التوجه الدولي وهو ما استفادت منه أيضا خزانة الدولة وسكان البلاد كافة.
وبموازاة ذلك أيضا تحتل سويسرا المركز الأول كونها مكانا مثاليا لإقامة شركات فرعية تابعة لشركات عالمية أجنبية عملاقة. وتأتي الأولوية هنا بسبب السياسة الضريبية الثابتة والاستقرار السياسي والاقتصادي الكبير. ويعمل في سويسرا البلد الصغير في المساحة نسبيا نحو 167 ألف شخص لصالح شركات أجنبية تمارس نشاطها في الداخل وتنخفض في المقابل نسبة البطالة بصورة تثري حسد الدول المجاورة حيث يقف معدل البطالة عند نسبة 3.7 فقط. رغم أن سويسرا ترحب دائما بالقوى العاملة الأجنبية المؤهلة دون وجود أي عوائق بيروقراطية.
وتفتخر سويسرا بعد كل هذا بنظام ضريبي خاص. وفي هذا الشأن نجد أن نسب الخصم الضريبي على الأغنياء يتم بنسب أقل من بقية دافعي الضرائب الصغار ومتوسطي الدخل .