علامات متدنية للرئيس بوش بتحذيرات متزايدة من الجمهوريين
يقف الرئيس الأمريكي جورج بوش عاجزا عن تفسير هذا اللغز المحير ففي الوقت الذي ينتعش فيه الاقتصاد، و يخطو بخطوات هادرة و ترتفع معدلات الدخل و تنخفض نسب البطالة و ترتفع أعداد الأمريكيين الذين يمتلكون سكنا خاصا بهم ، يظل الناس غير راضين عن سياسات بوش الاقتصادية . فقد أشارت استطلاعات الرأي في الأسابيع والأشهر الماضية أن المزيد من الأمريكيين يبدو امتعاضا لا بسبب الحرب في العراق فحسب بل أيضاً بسبب الوضع الاقتصادي في بلادهم. وتمثل هذه الإشارات تحذيرا قويا لبوش لأن الأمريكيين يعتبرون أن القضايا الاقتصادية سيكون له على الأرجح تأثير كبير على قراراتهم في الانتخابات النهائية للكونجرس الخريف المقبل. وإذا خسر الجمهوريون الأغلبية في مجلس واحد أو في المجلسين (النواب والشيوخ) في الكونجرس، فإن الحكم سيصبح أكثر صعوبة، مما هو عليه الآن.
ويبذل الرئيس بوش جهوداً منذ بضعة أسابيع بدعم من العديد من أركان إدارته لينشر رسالة سياسية اقتصادية ناجحة للغاية في بلاده. وقال بوش أمام النادي الاقتصادي في شيكاغو: إن الاقتصاد الأمريكي يستعد للإقلاع مشيرا إلى جهود إدارته في اتباع سياسة موجهة نحو النمو الاقتصادي و متعهدا باستمرار هذه السياسة . وعدد بوش ما يراه أسبابا لحدوث الازدهار الحالي منذ ربيع عام 2003 حيث تم توفير نحو 4.5 مليون فرصة عمل جديدة، مع تخفيض الأعباء الضريبية العائلية بحيث تقلصت النسب الضريبية. وقال بوش إن إدارته ضاعفت المبالغ المعفاة من الضريبة بالنسبة للأطفال كما أشار بوش إلى زيادة الدخل النقدي للفرد الأمريكي منذ توليه مقاليد السلطة بما يقدر بنحو 7 في المائة.
ولم يترك بوش شيئاً لم يذكره في خطاباته حول الوضع الاقتصادي حالياً فيما يخص التخفيضات الضريبية للشركات الصغيرة والمتوسطة، وإمكانيات الاستقطاع المحسنة للاستثمارات، وتخفيض ضريبة إيراد رأس المال، وضريبة الأرباح. واستفادت العائلات من ذلك في كافة أنحاء البلاد.
ويسهم نصف أصحاب البيوت أكثر من 50 مليونا بشكل أو بآخر في البورصة، سواءً على شكل أسهم فردية أم عبر صناديق الاستثمار. وأشار جون سنو وزير المالية الأمريكي قبل فترة وجيزة إلى أن مجموعة تخفيض الضرائب الكبيرة في عام 2003 لم تحفز الاستهلاك فقط، بل حفزت كذلك النشاط الاستثماري. ويوجد في الاقتصاد الأمريكي أناس يعلمون أكثر من ذي قبل، ومواطنون أكثر يملكون أسهماً، وإن إيراد الضرائب المتحصل للحكومة بلغ مستوى قياسياً كذلك.
ويستند كل من بوش وسنو إلى القوانين القائمة التي بموجبها يتم تحديد جزء كبير من تخفيضات الضرائب للأعوام 2001 و2003 لبعض السنوات، وعلى الأرجح حتى عام 2010. وبعد ذلك تعود النسب القديمة العالية مرة أخرى، على سبيل المثال في ضريبة الدخل والميراث. وإن هذا التحديد الزمني أدخل بناءً على توجيه من جانب العديد من أعضاء الكونجرس بأن إعفاءات الضرائب يمكن أن ترفع عجز الموازنة وديون الدولة. كما أن الكثير من أعضاء الكونجرس ما زالوا يجادلون فيما يتعلق بعجز الموازنة الذي انخفض في السنة الماضية إلى نحو 100 مليار دولار تقريباً، حيث إن العجز يتضخم في هذه السنة مرة أخرى. ويلاحظ كذلك أن بعض الجمهوريين يخشون من فقدان سمعتهم كساسة مسؤولين بالكامل عن السياسة المالية قبل الانتخابات في مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) في حالة أنهم أذعنوا لتدخل الرئيس بوش.
ولا يوجد أمل في إصلاح التأمين القاعدي الحكومي الممول ضريبياً الذي كان أصلاً على رأس قائمة الأجندة السياسية الاقتصادية في فترة الرئاسة الثانية للرئيس بوش. ولا يعبأ تشارلز جراسلي، رئيس أهم لجنة مالية في مجلس الشيوخ. بالنظر إلى النقاش الساخن في أي إصلاح، طالما أن بوش بقي في البيت الأبيض. وتتفاوت الآراء كثيراً داخل الكونجرس حول كيفية رد الفعل حول التغير الديمجرافي، والإثقال المهدد لصندوق التقاعد.
وهناك ضحية أخرى لشعبية بوش المتدنية يمكن أن تكون الإصلاح الضريبي، الذي ظل أمراً منتظراً منذ فترة طويلة. كما أن وزير المالية سنو، وضع في جدوله اقتراح إصلاح من قبل وزارته على أساس توصيات لجنة خبراء في الخريف الماضي. وظهر في ذلك أكثر تحفظاً، حيث لا يجب التهور، إذ إن إصلاحاً "صحيحاً" سيكون أفضل دائماً من إصلاح "سريع".