التعليم بالمحاكاة في الكاريكاتير العربي

 التعليم بالمحاكاة في الكاريكاتير العربي

نعم هناك في عالمنا العربي رسامو كاريكاتير على مستوى عالمي ولاشك في ذلك والذي يجعلنا أكثر اعتزازا بهذا.
وهؤلاء المبدعون لم يتخرجوا في أي معهد عربي لتعليم الكرتون أو الكاريكاتير وليس ذلك لارتفاع في رسوم الدراسة وإنما لعدم وجود هذه المعاهد التعليمية، ولا يخفى على القارئ الكريم أن هؤلاء المبدعين الذين نراهم عبر الصحف العربية كانوا قد تخرجوا من مدرسة المحاكاة والتأمل في خطوط الرسامين الذين سبقوهم .
وإن كان البعض منهم قد تخرج في معاهد فنون وتخصصات فنية، فهي معاهد للفنون عامة وليس فيها تخصص للكاريكاتيرـ كمعهد الفنون الجميلة. وإنما أعطت هذه المعاهد خبرة و دراية بمعرفة استخدام الأدوات الفنية .
ولاختفاء هذه المعاهد التي يرى رسامو الكاريكاتير أنها أصبحت ضرورة من الضرورات لمواكبة التطور في هذا المجال ، تكرس لدينا لتعلُم هذا الفن (التعليم عن طريق المحاكاة) .
وأنتج هذا التعليم رواداً في الكاريكاتير نرى أن كل واحد منهم أصبح مدرسة مستقلة ينهل من خطوطها الأجيال التي تبعتهم . وبالمقابل نرى أن لهذا التعليم سلبيات فبعض من الرسامين الذين انتهجوا هذه الطريقة قد أصبحوا نسخا من رسامين كبار فعلق بريشتهم هذه المحاكاة وأصبح لبعض الرسامين الكبار هؤلاء النسخ الذين خرجوا من حيز التأثر بالفنان كمدرسة في خطوطه إلى التأثر الدائم والتقليد غير المحمود، فأنت حين تتابع أعمالا من أعمالهم تكاد تجزم أنه الفنان الفلاني وحين تمعن النظر تفاجأ بأنه استنساخ من فن ذلك العملاق .
وإذا كنا نقول إنهم قد خرجوا من تهمة السرقة الفنية فإنهم قد بالغوا في المحاكاة حتى تورطوا في الاستنساخ
من فنان سبقهم, وذلك يعني عدم تقديم الجديد لهذه الساحة بل قد يؤدي عند بعض القراء غير المتابعين إلى نسبت بعض الأعمال للفنانين الأصليين والواقع أنه لذلك النسخة من فنان.
هناك مرحلة في التعليم عن طريق المحاكاة والتأمل يجب على كل مبتدئ أن يكون على مأمن منها فبعد تطور الخطوط في مرحلة من المراحل واكتساب نوع من التطور بخطوطه عليه الابتعاد عن هذه المحاكاة والاستقلالية في الخطوط لنخرج من مأزق فنان صورة طبق الأصل .
تحدث الأستاذ إبراهيم الوهيبي أحد أهم رسامي الكاريكاتير السعودي في مقابلة تلفزيونية عن التعليم عن طريق المحاكاة واتباعه لهذا التعليم ومدى تأثره بالفنان الكبير محمد الخنيفر .
وهنا دعونا نتأمل خطوط كل فنان على حدة كما هو في النماذج ( أ ، ب ) .
نجد أن خطوط الوهيبي رغم اعترافه بأنه تأثر بالخنيفر كيف أحدث نقله نوعية في الخطوط وامتزاج الألوان فالتأثير لا يعني الاستنساخ ولا يتنافى مع التطوير والاستقلالية.
وتعالوا لنتابع مرة أخرى خطوط الوهيبي وفكره من خلال عمل آخر في مقارنة مع أحد الرسامين الذين انتهج التعلم عن المحاكاة والتأمل فنرى أن الفنان المرزوق بالغ في المحاكاة حتى غرقت ريشته فاصطبغت بريشة الوهيبي وصار عسيرا عليه أن يخرج من هذا المأزق وتكون خطه بدون أي قصد أو بقصد مع الإغراق في المتابعة المتواصلة والتأثر غير المحسوب إلى نسخة من الوهيبي خطاً وفكراً .
عمرو فهمي رسام الكاريكاتير المصري المعروف تعلم بالمحاكاة لرسوم مصطفى حسين وخرج لنا صورة طبق الأصل لهذا الفنان ولم يستطع بعد أن صقلت خطوطه من الخروج من دائرة الفن المستنسخ.
وهنا عمل لمصطفى حسين وآخر لعمرو فهمي تابعوا الخطوط هل هما عمل لرسام واحد أم لرسامين ؟؟!.
ونفس هذه المشكلة تتكرر مع علاء اللقطة في محاكاته لامية جحا.
إذا كان غياب المعاهد المتخصصة للكاريكاتير سببا في هذا النتاج فإن المحاكاة مدرسة يجب أن تضم في منهاجها التحذير من مغبة الإعجاب حتى الإغراق لكي ينتج لنا رسامين مبدعين يضيفون لنا نقطة وتجربة جديدة لتقوده إلى الأمام لا البقاء بتكرار بعضنا البعض.

الأكثر قراءة