جهود دولية لخفض نسب الانبعاثات الغازية الملوثة للبيئة
عقدت في مدينة مونتريال الكندية قمة البيئة العالمية بحضور نحو عشرة آلاف ممثل و مندوب لحكومات العالم المختلفة والوزارات والشركات والجمعيات، إضافة إلي دعاة حماية البيئة والحفاظ على المناخ. ويعد هذا اللقاء أكبر تجمع لدبلوماسية المناخ الدولية منذ مؤتمر عام 1997 حين التزمت 36 من الدول الصناعية للمرة الأولى في مدينة كيوتو Kyoto اليابانية بتخفيض حقيقي وملزم لانبعاثات الغاز المشبع بالرطوبة في الجو. كما تعد قمة مونتريال اللقاء الأول بعد سريان المفعول القانوني لبروتوكول كيوتو في 16 من شباط (فبراير) العام الحالي.
ولم تكن القمة تمثل أي فرصة للراحة والاسترخاء للمشاركين فيها بل كان هناك سعي وعمل لتفعيل بروتوكول كيوتو الذي يرمي إلى تحسين نوعية الحياة علي كوكب الأرض، فعلى سبيل المثال كان يجب تسهيل إنجاز هذا المشروع أو ذاك حيث تحصل الشركات في الدول الصناعية على شهادات تقويم نسبة انبعاثات مصانعها في الدول النامية وفق معايير حماية البيئة ، ومن خلال ذلك تعدل الدول توجهاتها من أجل الوصول إلى أهداف كيوتو. وعدا ذلك، يجب الموافقة في مونتريال على برنامج لخمس سنوات يمنح الدول النامية مساعدات مالية للتكيف مع قوانين البيئة. ويعتبر هذا البرنامج اختبار مصداقية مهما فعندما تتجاهل دول العالم الأول دول العالم الثالث تتقلص قابلية الأخيرة للقيام بواجباتها في هذا المجال في المستقبل حتى تكاد تنعدم .
وفي الواقع فإن القضية الأساسية التي دار حولها المؤتمر هي نفس قضية المؤتمر السابق ألا وهي: كيف يمكن إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات؟
وتعتبر الولايات المتحدة أكبر الدول المسببة للتلوث في العالم فهي تتسبب في تلويث ربع كميات الهواء.وبدلاً من الجلوس علي مائدة التفاوض قام الأمريكيون بتشكيل تحالف منفصل مع كل من أستراليا، الصين، الهند، اليابان، وكوريا الجنوبية للتركيز على أبحاث التكنولوجيا الصديقة للبيئة من أجل توليد الطاقة وتوفير ذلك وتقديمه للدول النامية.
وتضم دول التحالف الست هذه 45 في المائة من سكان العالم كما أنها تتسبب في نصف انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون على المستوى العالمي وهي تخشى من أن أهداف التقليص الحقيقية تقف عائقاً في سبيل تطورها الاقتصادي وفرص التصدير. وبذلك، فإن سياسة حماية المناخ الدولية تقف على مفترق طرق حاسم، فهل تتمسك دول كيوتو بوعودها وتخضع لأهداف تخفيض آخر إذا استدعى الأمر الانفراد وحدها أم أن المعارضة الأمريكية ستلقى دعما وتأييدا من خلال التحالف الآسيوي – الباسيفيكي بحيث تعمل على شل الجهود، وربما العمل على منع تنفيذ نظام كيوتو وإسقاطه.
ويبقى السؤال: كيف سيكون الوضع بعد عام 2012 عندما ينتهي بروتوكول كيوتو؟ ومن أجل زيادة الضغط على المسؤولين المعنيين قامت الأمم المتحدة بعرض تقريرها حول انبعاثات الغاز على مؤتمر المناخ. والرسالة الواضحة هي أن انبعاثات الغاز المشبع بالرطوبة سوف لا تنخفض في الدول الصناعية الغربية حتى عام 2010، بل إنها ستتخطى الوضع الذي كان في عام 1990 بنسبة 20 في المائة تقريباً.
وبشكل عام فإن فرص استمرار عملية كيوتو ليست سيئة فهناك دول كبيرة آخذة في النمو الاقتصادي مثل المكسيك، الصين، البرازيل وجنوب إفريقيا تشعر بوجود إلحاح واستعجال لاتخاذ خطوات ملموسة ضد تغير المناخ. كما أنه لا يسمح لها برفض المحادثات والإجراءات الملزمة، طالما أن هذه الإجراءات الملزمة لا تفرض عليها أية أهداف لتخفيض انبعاثات الغاز.
أما الدور الذي تقوم به الهند، فلا يزال مفتوحاً لاسيما في ظل طموحات نيودلهي للوقوف رأسا برأس مع الولايات المتحدة. وعلى صعيد دول "أوبك"، أعطت الجزائر ونيجيريا إشارة بالاستعداد لتسوية ما. كما أن الكثير من العيون موجهة باتجاه الحكومة الاتحادية الألمانية ووزيرها الجديد لشؤون البيئة سيجمار جابريل لعرض دور ألمانيا الريادي والكبير على المستوى الدولي .
ولعله في إمكان دول الاتحاد الأوروبي أن تعد بخفض نسب انبعاث الغازات بنحو 20 في المائة حتى عام 2020. وحول ما أثير من أقاويل حول استعداد ألمانيا لتحقيق نسبة تخفيض تبلغ 40 في المائة فإن هذا الأمر لم يذكر في ميثاق تشكيل الحكومة الائتلافية في ألمانيا بين الحزبين الاشتراكي الديمقراطي والمسيحي الديمقراطي. ومن الممكن أن تتناول خطط الوزير الجديد جابرييل توسيع برنامج إعادة تأهيل وتنظيم الأبنية وإعلان خطة جديدة لشهادات الانبعاث و صناعة الطيران لتقليل مستويات الانبعاثات.