اتفاقية "إنتل" والهيئة العامة للاستثمار

اتفاقية "إنتل" والهيئة العامة للاستثمار

اتفاقية "إنتل" والهيئة العامة للاستثمار

تهدف الهيئة العامة للاستثمار إلى ترويج المملكة العربية السعودية وجعلها موطناً للاستثمارات المربحة والعمل الدؤوب على استقطاب الاستثمارات الأجنبية مع التحسن المطرد لمناخ الاستثمار وتزويد المستثمرين بخدمات استثمارية مميزة، وذلك من خلال رؤيتها التي تتمثل في اقتصاد سعودي متنوع قادر على المنافسة عالمياً يهيئ للمواطنين السعوديين تحقيق تحسن مطرد في مستويات المعيشة والتعليم والرعاية الصحية والتوظيف.
ونجد أن العقد الذي أبرمته الهيئة مع شركة إنتل العالمية الشهر الماضي لإنشاء شركة برأسمال 375 مليون ريال، سيعمل على تشجيع الابتكار والاستثمارات في مجال تقنية المعلومات، الأمر الذي يساعد الشركات في قطاع تقنية المعلومات على تطوير أعمالها والنهوض بهذا القطاع في المملكة. سوف يعمل مثل هذا الاستثمار، من حيث حجمه والشريك الاستراتيجي، على تجاوز العقبات التي يواجهها معظم الاستثمارات في القطاع. كما أن معاناة المستثمرين المحليين في القطاع مع البنوك المحلية في عدم وجود بدائل تمويلية تساعدهم على الاستمرارية في القطاع. فالبنوك عادة لا تقرض المستثمرين في قطاع التقنية لعدم وجود أصول ثابتة، والتي تفضلها البنوك كضمان لعقود التمويل لديها.
بالنظر إلى الاستثمار في التقنية، نجد أن أهم أصول تلك الاستثمارات تعتمد بالدرجة الأولى على المهارات البشرية من خلال تطوير الأفكار والقدرات الإبداعية للأفراد والتي تتطلب الاستثمار والتطوير المستمر المدعوم بأحدث الوسائل والأساليب التقنية.
كما أن اختيار الشريك الاستراتيجي لمثل هذه المبادرة، وهي شركة إنتل، التي تمثل أهم شركات التقنية في قطاع الأجهزة وتطوير الرقائق الإلكترونية في العالم موفق، حيث تزيد مواردها على أربعة مليارات دولار، للاستثمار في رأس المال الجريء. ولا يخفى على أي مستخدم لأجهزة الكمبيوتر مدى اختراق منتجات هذه الشركة من المعالجات الرقمية التي لا يكاد يخلو منها أي جهاز كمبيوتر في العالم، الأمر الذي يؤكده شعار الشركة "إنتل بالداخل" وهو أن منتجاتها توجد في معظم أجهزة الكمبيوتر لمختلف الشركات المصنعة. وحسبما أوضحته الهيئة، فإن دور "إنتل" منصب على تقديم الاستشارات الفنية والإدارية. كما أن "إنتل" لها الحق في الاستثمار المباشر، مما يعطي الشركة الجديدة زخما عالميا لجلب المزيد من الاستثمارات التقنية إلى المملكة.
ولعله يستحسن التأكيد على أهمية دور مثل هذه الشراكة في تشجيع الاستثمارات التي تسهم في توطين التقنية وليس استيرادها. فالسوق السعودية لا تعاني من نقص في تمويل استيراد وشراء الأجهزة والبرامج والحلول التقنية، بل نجدها تمثل أكبر سوق في المنطقة، ويتوقع لها نمو كبير مع النمو السكاني وتطور وسائل الاتصال. فتوطين التقنية يعتمد أولا على إنشاء مراكز الأبحاث ودعم الأبحاث والتطوير في المجالات التقنية في المملكة، ولشركة إنتل تجارب ناجحة في هذا المجال نتمنى أن يكون للمملكة نصيب وافر منها.
أما المحور الثاني لتوطين التقنية في المملكة فيتمثل في التدريب النوعي للكفاءات البشرية الوطنية وتأهيلها عبر استقطاب الكفاءات والمهارات التقنية في مختلف أنحاء العالم للعمل في المملكة وتوفير الفرص للكفاءات الوطنية لاكتساب المهارة والخبرة عبر التواصل المباشر مع تلك الكفاءات. ويعتبر تحقيق هذا المحور مرتبطا بشكل رئيس مع تحقق المحور الأول.
أما المحور الثالث لتوطين التقنية فهو دعم المنشآت المتوسطة والصغيرة وأصحاب المبادرات من أفراد ومؤسسات، وذلك عبر توفير التمويل اللازم لها وتقديم الاستشارات التي تساعد على استمراريتها في مختلف الجوانب المالية والإدارية والتقنية والتسويقية.
وأخيرا نجد أن هناك مطلباً رئيسياً للاستثمارات التقنية التي سوف تنشأ عن هذه المبادرة، وهو دعم التسويق على الصعيدين المحلي والخارجي، فنجد المنافسة الشرسة التي تواجهها تلك الاستثمارات من الخارج وتركيز معظم الشركات الدولية على استهداف السوق السعودية في أنشطتها التسويقية والتي تتبع أحدث الأساليب التسويقية وأكثرها تكلفة، الأمر الذي أدى إلى فشل المستثمرين المحليين في الاستمرار، وهنا يمكن أن تحقق هذه المبادرة دعما مباشرا لمساندة أنشطة التسويق المحلية والخارجية للاستثمارات التقنية المحلية.

* متخصص في المعلومات

الأكثر قراءة