هل يستمر التأخر؟!

هل يستمر التأخر؟!

هل يستمر التأخر؟!

قد يكون العام الماضي 2005 أحد أكثر الأعوام سخونة من ناحية الأحداث التقنية، سواء على المستوى العالمي أو العربي والمحلي، ولعل أهم الأحداث التي شهدها العام المنصرم محليا يتعلق بالاستخدام الواسع لتقنيات الاتصال في المجال المصرفي، وما وفره هذا الاتجاه والإقبال عليه من نتائج أدت إلى إنعاش الاقتصاديات العربية وبصفة خاصة الخليجية منها، على الرغم من بعض الآثار الجانبية التي صاحبت هذا الاتجاه.
وبشكل عام يمكن القول إن خطواتنا لا تزال تعاني من التعثر في مجال الاستفادة من ثمار التقنية في الحكومة الإلكترونية وتعزيز التواصل بين المواطن والقطاعات الخدمية مقارنة بالدول والمجتمعات الأخرى، ليس لقلة الموارد أو لانعدام الحماس في هذا المضمار، ولكن لغياب الرؤية المتكاملة التي تنسق بين الخطوات، حيث تمضي في بعض الميادين بسرعة صاروخية وتمضي نفس الخطوات متثاقلة بطيئة في قطاعات أخرى، مما جعل من التقنية عنصرا معيقا للإنجاز لا مشجعا عليه، وتندَر البعض على هذا الوضع بالقول أن هناك قطاعات حكومية تمارس الطلاء قبل البناء! يحدث هذا بينما لا نزال نحبو على طريق الاستقلال التقني حيث نغرق في "الاستخدام" المكثف للتقنيات في الوقت الذي حذرت فيه دراسات عالمية من خطورة ما يسمى بـ"الهوس المعلوماتي" صحيا دون وضع أي ضوابط، وننسى أيضا حقيقة أن معظم وربما كل مكونات حياتنا التقنية مستوردة تمثل الاعتمادية المتزايدة عليها خطورة استراتيجية حقيقية، فلم يشهد العام المنصرم كغيره خطوات عربية حقيقية في مجال تصنيع مكونات محلية للمعدات الإلكترونية، في وقت نجح فيه 400 طالب من 12 دولة، ليس من بينها دولة عربية واحدة، في إطلاق قمر صناعي لإجراء تجربة إشعاعية في الفضاء من دون ميزانية تذكر، ونجحت فيه الهند في إطلاق قمر صناعي عالي التقنية "كارتوسات1" كما تخطط لرحلة إلى سطح القمر على متن مركبة فضائية هندية الصنع متجاوزة الكثير من العقبات التي نوردها نحن عادة لتبرير تواضع خطواتنا في هذا المجال.
وكنتيجة لسلسلة من السياسات والإجراءات والاتفاقيات التي جرى التحضير لها على نحو موسع طوال الأعوام السابقة، برزت في العام الماضي مشاكل السعي نحو التضييق على المبدعين وحركة المعلومات بالمضي قدما في مجال تطبيق أنظمة الحماية الفكرية وابتكار الأساليب التي تتعقب المستخدمين وتداهمهم بحثا عن النسخ المقلدة لبرامج الشركات التي تحقق أرباحا بالملايين، وقد عانى واقعنا التقني من هذا الوضع في العام الماضي سواء على المستوى المحلي بالبدء في تطبيق هذه الأنظمة أو المستوى العالمي بمقاضاة كبرى شركات البحث العالمية لبثها بعض الأخبار دون الحصول على إذن مسبق من وكالة الأنباء الأصلية، وهو اتجاه يعطل كثيرا قطار حرية انتقال المعلومات الذي ظن البعض أن الإنترنت سوف تمضي به دون توقف، والغريب أن يحدث هذا دون البحث عن وسائل تحمي في المقابل حقوق المبدعين وتشجعهم على المزيد من الإنتاج دون إرهاق ميزانياتهم المتواضعة لصالح وحوش التقنية الكبار، وتتعقد المشكلة حينما تم رصد ظاهرة خطيرة على مستوى الإبداع العربي في مجال المواقع الإلكترونية، وهي ظاهرة "الهروب من الإنترنت" بفعل النشاط منقطع النظير لسارقي الأفكار ومحترفي السطو على النجاح دون إجراءات رادعة تكفل إنهاء هذه الظواهر السلبية، فبينما تنشط آليات معاقبة مقلدي برمجيات الشركات العالمية يقف المبدع العربي في العراء دون تقديم يد العون له ليكون مصيره الانزواء أو مغادرة الساحة نهائيا!

الأكثر قراءة