الشركات الأمريكية تراجع سياساتها في مجال إلغاء الوظائف

الشركات الأمريكية تراجع سياساتها في مجال إلغاء الوظائف

لا تقتصر ظاهرة التسريحات الجماعية وإلغاء الوظائف على ألمانيا فحسب بل إن العام الماضي شهد إلغاء عدد كبير من الوظائف و فرص العمل في كثير من مجموعات الشركات الأمريكية. ورغم هذا فلا تكاد تجد أحدا في الولايات المتحدة يتناول جوهر هذه المشكلة.
وفي كثير من الحالات لا تعكس عمليات التسريح و إلغاء الوظائف بالضرورة حقيقة الوضع الإجمالي للشركات . وغالبا ما تحدث عمليات إلغاء الوظائف للشركات الأمريكية بسبب عوامل خارجية و ليس بسبب عوامل داخل الولايات المتحدة و على سبيل المثال فقد ألغت مجموعة شركات التكنولوجيا IBM نحو 14.500 يعود نحو 70 في المائة منها إلى النمو المتباطئ للبضائع الأمريكية في الأسواق الخارجية مثل ألمانيا.
و رغم هذا فإن المعلومات الواردة عن الوضع الاقتصادي وسوق العمل في الولايات المتحدة تؤكد أن أرباح الشركات في نمو مستمر حيث ارتفع معدل إجمالي الناتج المحلي في الربع الأخير من العام بأكثر من 4 في المائة و سجّل معدل البطالة في تشرين الثاني (نوفمبر) نحو 5 في المائة.
وتقوم حاليا شركة اأستمان كوداك المتخصصة في مجال التصوير بواحدة من أكبر عمليات إعادة الهيكلة بعد أن كانت الشركة قد أعلنت عام 2004 عن إلغاء 15 ألفا من نحو 64 ألف وظيفة، وارتفع العدد هذا العام من 22.500 إلى 25
ألف وظيفة ألغيت ولا يمكن تبرير ما يجري إلا بمراجعة موقف الشركة نفسها في السوق حيث ركزت شركة كوداك على نظم التصوير الرقمية متخطية سوق التصوير التقليدية بأسرع مما كان متوقعاً وذلك دون توافر أسواق كافية لتلك الخطوة.
وفي مجال صناعة السيارات احتلت أخبار شركة جنرال موتورز العناوين الرئيسة بعد أن أعلنت الشركة عن خطط للاستغناء عن
30 ألف موظف في أمريكا الشمالية حتى عام 2008 .
أما شركة فورد فأعلنت هذا العام تسريح نحو 6700 موظف من الشؤون الإدارية. ومن المقرر الإعلان عن تقليص آخر للوظائف في الأشهر الأولى من عام 2006 حيث تقول شائعات إن هناك نحو 30 ألف وظيفة مهددة بالإلغاء. وترزح شركتا جنرال موتورز و فورد تحت مديونيات عالية وتدرك الشركتان الصعوبات التي تواجههما في مشاكل الهيكلة مثلهما في ذلك مثل كافة شركات التصنيع الأمريكية التي تعاني على سبيل المثال من الخدمات الاجتماعية المكلفة للموظفين.
ومن ناحية أخرى فإنه يجب على شركتي جنرال موتورز وفورد تحديد أسباب الفشل في عدم نجاح منتجاتهما في جذب المشترين ويرجع ذلك إلى أن المصنع الأمريكي نادراً ما يراعي الموديلات عند التصنيع. أما الشركة الأمريكية الثالثة لتصنيع السيارات، وهي كرايزلر، فتؤكّد على ربحيتها في السوق. ومقابل تقليص الوظائف في شركات تصنيع السيارات الأمريكية، تزداد فرص العمل في الشركات الأجنبية مثل تويوتا التي تبني باستمرار مصانع جديدة في أمريكا.
لكن توجد ميزة أخرى تظهر في الولايات المتحدة بشكل عام ، ففي الوقت الذي يتم فيه إلغاء ملايين الوظائف تظهر في الوقت نفسه كذلك ملايين من فرص العمل الجديدة. وأفادت دائرة إحصاءات سوق العمل الأمريكية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وجود 142.6 مليون وظيفة في أمريكا، أي بزيادة 2.3 مليون فرصة عمّا كان عليه الوضع قبل عام.
وبرغم ذلك، فإن بعض القطاعات تواجه مشاكل أكثر من غيرها. فالصناعة التشغيلية، وكذلك شركات تصنيع السيارات، ومزودوها، تواجه صعوبات أكثر من السابق، وبالتالي تعمل على إلغاء الوظائف. وهذا ما يمكن رؤيته في معدلات البطالة العمالية المرتفعة عن المعدل في ولاية تصنيع السيارات، ميتشجان، وفي شركات صناعة قطع غيار السيارات التي تأزّم وضعها هذا العام. وكانت هناك سلسلة من العجز في سداد الديون، ومنها شركة ديلفي الرائدة في مجال قطع الغيار في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي . وتتعالى الأصوات الاحتجاجية، حيثما وُجدت شركات تصنيع السيارات.
وتخطت قطاعات تقليدية أخرى، مثل صناعة الفولاذ، دورة الإفلاس تلك وتطوّرت بشدةً. في هذه الأثناء، تمر صناعة الطائرات كذلك بصعوبات كبيرة، إذ إن المزيد من خطوط الطيران مثل دلتا، ويونايتد، ونورث وست، تعيش مراحل العجز عن الوفاء بالديون. وفصلت الشركات آلاف الموظفين، وتطالب الموظفين الباقين بتضحيات كبيرة.
وهنالك أكثر من مجرد البطالة، إذ تهدد الموظفين في القطاعات التقليدية، من وجهة نظر الخبراء، اقتطاعات كبيرة في الأجور، و المكافآت، وكذلك الحد من الخدمات الاجتماعية. وأشار رئيس مجلس الإدارة في شركة ديلفي، ستيف ميلير، إلى أن المنافسة العالمية للشركات الأمريكية تضغط لفرض التعديلات. وأشارت الإحصاءات الأخيرة مباشرةً إلى أن الأجور و الرواتب للمواطنين الأمريكيين لم ترتفع منذ فترة طويلة. ولكن ذلك يمكن أن يتغيّر من جديد إذا تحققت بعض توقعات الاقتصاديين فعلياً.

الأكثر قراءة