مكالمات متتالية تشغل خط الاستفسار عن الوفيات في حادث الجسر
لم يهدأ خط الهاتف الذي ظل مشغولا على مدى الأربع والعشرين ساعة التي أعلن فيها دخول المتوفين إلي مجمع المعيصم، حيث مركز الاتصالات من داخل المملكة وخارجها للاستفسار عن ذويهم.
وأوضح خالد الموظف في ستنرال المجمع الذي خصصته وزارة الداخلية للاستفسار عن الوفيات التي نجمت عن حادثة التدافع والتساقط عند مدخل جسر الجمرات في منى أمس الأول، أن المركز استقبل مكالمات من أشخاص تبدو عليهم حالة القلق من فقد عزيز عليهم في الحادث، مفيدا أن أحد المواطنين السعوديين اتصل يستفسر عن أبيه الذي ذهب إلى الحج، خاصة وأنه شاهد حادثا في الجسر، واتصل على أبيه ووجد هاتفه مقفلا، وشك حينها أن أبيه من ضحايا الحادث.
ويضيف خالد رغم أن التعليمات لدينا ألا نطيل في المكالمة لاستقبال أكبر عدد من الاتصالات، توسل لي المواطن أن ابحث عن أسم أبيه في الجهاز، وبعد ثوان وأثناء البحث، رن جوال آخر لدى المواطن، وقال بصوت عال أبي حي هذا رقمه، وهو يتصل علي الآن، وأغلق الخط.
وقال خالد إننا نحزن عندما نبلغ أحدا من ذوي المتوفين ونسمع أصوات البكاء ولا نملك إلا أن ندعو لهم بالرحمة، ويسرد خالد بعض المواقف له أمس أثناء تلقي اتصالات المكالمات في المعيصم، ويقول تلقيت اتصالا في الساعة الخامسة فجرا من أحد الإخوة المصريين، الذي قال إنه يجري اتصال من مصر وشاهد الرقم عبر القنوات الفضائية ولم يجد وسيلة اتصالا ليسأل عن ابنه الذي حج هذا العام إلا عبر الرقم الذي خصصته وزارة الداخلية السعودية.
وأضاف بعد البحث وجدنا أن ابنه من ضمن الحجاج المتوفين، وعندها قال المتصل بصوت واحد "أسأل الله أن يرحمه، ادفنوه عندكم في مكة، وإذا أردتم أن أرسل لكم شيئا بذلك، أعطني رقم الفاكس"، وتابع خالد لم أتمالك نفسي عند قوة تحمل هذا الرجل الذي دعا لابنه، وطلب مني أن أنقل للمسؤولين طلبه بدفنه في مكة أطهر البقاع في العالم.
قصص محزنة لا تملك حيالها إلا الدموع في مجمع الطوارئ في المعيصم، وأنت تستمع إلى حكايات أهالي المتوفين في حادثة جسر الجمرات، وذلك بعد أن تم أمس عرض صور المتوفين في صالة خاصة لكي يتعرف عليها ذووهم.
وكان مجمع الطوارئ في المعيصم الذي يعتبر من أكبر المجمعات في الشرق الأوسط، المخصص لاستقبال الوفيات من الحوادث الكبيرة وكذلك الوفيات الطبيعية أثناء الحج، قد شهد تجمع العشرات من أهالي وأقارب المتوفين وقد علا نحيب بعضهم، خاصة حينما يكتشف أحدهم أن صورة قريب أو قريبة له ضمن قائمة المتوفين.
ورصدت "الاقتصادية" أمس جهود الجهات المختصة للتعرف على بقية الجثث، وأشار مصدر في المجمع إلى أن أكثر الجثث المحفوظة في ثلاجات مجمع المعيصم تم التعرف عليها من خلال ذويهم الذين حضروا إلى الموقع المجهز لعرض صور المتوفين في الحادث, في حين تبقى عدد من المتوفين يعتقد أنهم من متخلفي العمرة, مطالبا كل من يعرفهم أن يحضروا لتسلمهم أو دفنهم حتى وإن كانوا من متخلفي العمرة أو لا يملكون إقامة نظامية.
وبين المصدر أن المجمع تمكّن من التعرف على جثث المتوفين، الذين لم يحضر أحد من ذويهم, موضحا أنه تم التعرف على عدد كبير من المتوفين رغم الصعوبة في تحديد الهوية أو موقع المؤسسة التي تعاقدوا معها، خاصة أن عددا كبيرا منهم نزع الأساور التي توضع في يده على الرغم من أنها تشمل كل المعلومات المتعلقة به من خلال إدخال رقمها في الحاسب الآلي لاستخراج البيانات.
وأضاف المصدر أن أغلب من حضروا تعرفوا على أقاربهم وطالبوا بدفنهم في مكة المكرمة وتحديدا في المقابر الموجودة داخل مجمع الطوارئ والتي تضم أكثر من سبعة آلاف قبر, إضافة إلى وجود مسجد وصالات لغسيل الموتى، الرجال والنساء, أما من يطالبون بدفن ذويهم في بلادهم فهناك إجراءات يتم اتخاذها لإنهاء ترحيل الجثة.