إتقان اللغات مفتاح لتحقيق تقدم مهني
هناك أمر مشترك يجمع بين قطاعي تقديم الخدمات والاتصالات الهاتفية، فالقطاعان يحققان نموا كبيرا في ألمانيا، ولكن في الوقت نفسه يجب ألا ينظر إلى هذين القطاعين نظرة خطأ، على أنهما مجال خصب لتوفير فرص عمل رخيصة. وعلى الرغم من هذا فإن مانفريد شتوكمان رئيس رابطة مراكز الاتصال في ألمانيا، قال في مؤتمر عُقد خلال الخريف الماضي في مدينة كاسل الألمانية: إن حجم التشغيل في هذا القطاع ينمو بنحو 10 في المائة سنوياً.
وشارك في ذاك المؤتمر نحو 300 شركة توظّف إجمالاً نحو ثلث الموظين العاملين في مراكز الاتصالات الألمانية البالغ عددهم 350 ألف موظف. ويقول شتوكمان عن عمل موظفي الهاتف، إنه تطوّر خلال الأعوام العشرة الماضية، في وقت وفر فيه القطاع نحو 35 ألف فرصة عمل جديدة خلال 30 شهراً.
ومن المتوقع أن يوفر القطاع نحو 100 ألف فرصة عمل جديدة خلال الفترة من ثلاثة إلى خمسة أعوام المقبلة، ويرجع السبب في هذا، إلى توسّع الاتحاد الأوروبي شرقا، الأمر الذي حوّل اللغة الألمانية لتصبح ثانية أهم لغة في القارة الأوروبية بعد اللغة الإنجليزية. فاللغة الألمانية هي اللغة الأم لنحو 100 مليون مواطن في منطقة وسط أوروبا، وإضافة إلى هذا فإن نحو 12 في المائة من الأوروبيين يستخدمون اللغة الألمانية كلغة أجنبية فيما تسجّل اللغة الفرنسية نحو 11 في المائة، وبهذا تحتل المركز الثالث في قائمة اللغات الأجنبية في أوروبا.
ويشير شتوكمان في الوقت ذاته إلى أن هنالك العديد من مواطني دول البلقان، والسلاف والأتراك المتعلمين ممن يستطيعون التحدّث باللغة الألمانية ولكن دون القدرة على إتقان اللهجة. ولهذا قام الألمان الذين يعيشون في تلك الدول بإنشاء مراكز اتصال بلغات متعددة. وفي بريطانيا التي تدير سوقاً رائدة للخدمات الإنتاجية بواسطة الهاتف في أوروبا، يعمل نحو مليون موظف حتى الآن في هذا القطاع بينما لا يزيد معدل النمو السنوي في هذا القطاع على 4 في المائة فقط.
وبحلول آب (أغسطس) المقبل، ستكون هنالك حاجة ملحّة لتطوير الدراسات والتدريبات في مجال المبيعات عن طريق التسويق الهاتفي. فكثير من مراكز الاتصال اليوم يطلب أن تتوافر للموظف القدرة على إتقان لغتين، وأحياناً ثلاث. ويبلغ معدل الدخل السنوي بالمعدل للموظفين الذين يعملون فترة دوام كاملة في مركز الاتصال، حسب أقوال شتوكمان، 28 ألف يورو. ونحو 52 في المائة من الموظفين يعملون فترات عمل جزئية.
ويتركز أغلب مراكز الهاتف الخاصة بالتسويق الهاتفي، حسب أقوال شتوكمان، في مقاطعة نوردهاين فيست فاللين الألمانية، وكذلك في مقاطعتي هامبورج وميكلينبورج-فوربومرن اللتين عززتا من نفسيهما لتكونا مراكز الوسط. ويبقى تلوين بسيط لدى سكان المناطق نفسها في الصوت، خاصةً الانطباع الرقيق الذي يعطيه المواطنون بأصول من بايرن العليا الذي يعبّر عن طبيعتهم الودودة. ولكن هنالك شدة اللهجة من مقاطعتي شفيرين وزاكسن وكذلك منطقة وسط ألمانيا من مدينة كاسل حتى دريزدن حيث تستخدم اللغة الألمانية الفصحى التي لا ترهق المواطنين كثيرا لفهم ما يُقال بصورة تامة الأمر الذي يُعتبر مناسباً للشركات التي تخدم زبائن على المستوى الدولي.
وبالتمييز بين اللغة واللهجات يرفع الزبائن من قيمة اللغة المُتحدثة دون وجود لهجات مختلفة، وذلك لأنهم جادون، ويريدون فهم الأمور على أكمل وجه. ففي مقاطعة هيسين على سبيل المثال، توجد معظم مراكز الاتصال في مدينة كاسل، وليس في فرانكفورت، ومنها مركز الاتصال الخاص بالخطوط الجوية، لوفتهانزا، أو مركز الاتصال التابع لجهاز مبيعات شركة QVC.
وكانت جامعة كاسل بالنسبة لشركة QVCعاملاً مهماً، حيث يُطلب من الموظفين إتقان اللغة بشكل كبير، إضافة إلى استخدام تعبيرات تضيف جوا من الود و الارتياح خلال الاتصال مع إبداء أكبر قدر من المرونة لتوفير الخدمة طوال أيام الأسبوع على مدار 24 ساعة.
ويقول شتوكمان إن مدينة هالي تطوّر نفسها نظراً لمقاعد الدراسة في مجال التربية اللغوية في الجامعات الموجودة هناك لتصبح مركز اتصال مهما.